« نحن أهل البيت لايقاس بنا أحد »


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

« نحن أهل البيت لايقاس بنا أحد »
« نحن أهل البيت لايقاس بنا أحد »
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
« نحن أهل البيت لايقاس بنا أحد »

اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وآل محمد، كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

بلاغة الامام علي بن الحسين -تابع-

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1بلاغة الامام علي بن الحسين -تابع- Empty بلاغة الامام علي بن الحسين -تابع- الثلاثاء 2 فبراير 2010 - 16:17

Admin


Admin

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 23


ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرين » وقال تعالى : « فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون » ـ يعني يرهبون ـ وقال سبحانه : « لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون فلما أتاهم العذاب قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين » وايم الله ان هذه لعظة لكم وتخويف إن اتعظتم وخفتم ، ثم رجع إلى القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب فقال : « لئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين » (1) فان قلتم أيها الناس أن الله انما عنى بهذا أهل الشرك ، فكيف ذاك وهو يقول : « ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين » (2) واعلموا عباد الله أن اهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين(3) وانما يحشرون الى جهنم زمرا(4) وانما ننشر


(1) الايات في سورة الانبياء ايه 11 و12 و13 و47.
(2) سورة الانبياء الاية 48.
(3) الدواوين صحائف الاعمال.
(4) أي جماعات في تفرقة واحداتها زمر وهي الجماعة من الناس.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 24


الدواوين لاهل الاسلام فاتقوا الله عباد الله ، وأعلموا ان الله لم يخير في هذه الدنيا وعاجلها لأحد من اوليائه ، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها ، وظاهر بهجتها ، وإنما خلق الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم أيهم أحسن عملا لآخرته ، وأيم الله « لقد ضرب لكم فيها الامثال وصرف الآيات لقوم يعقلون » فكونوا أيها المؤمنون من القوم الذين يعقلون ، ولا قوة إلا بالله ، وأزهدوا فيما زهدكم الله فيه من عاجل الحياة الدنيا ، فان الله يقول وقوله الحق(1) « انما مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام حتى وأذا أخذت الارض زخرفها وأزينت وظن أهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا أو نهار فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالامس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون » فكونوا عباد الله من القوم الذين يتفكرون فلا تركنوا الى الدنيا ، فان الله قد قال لمحمد نبيه صلّى الله عليه وآله ولأصحابه : « ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار » (2) ولا تركنوا إلى زهرة الحياة الدنيا وما فيها ركون من اتخذها دار قرار ، ومنزل استيطان ، فانها


(1) سورة يونس الآية 24.
(2) سورة هود الآية 115.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 25


دار بلغة ومنزل قلعة(1)ودارعمل ، فتزودوا فان خير الزاد الاعمال الصالحة منها قبل أن تخرجوا منها قبل الاذن من الله في خرابها فكان قد اخربها الذي عمرها أول مرة وابتداها . وهو ولي ميراثها ، وأسأل الله لنا ولكم العون على تزود التقوى ، والزهد فيها ، جعلنا الله واياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا ، والراغبين العاملين لأجل ثواب الآخرة فانما نحن به وله ( وفي البحار ج17 ص 217) وصلى الله على محمد النبي وآله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(2).


ومن خطبة له عليه السلام

في التحذير عن الدنيا

حمد الله ، واثنى عليه ، وذكر جده فصلى عليه ثم قال : ايها الناس احذركم من الدنيا وما فيها ، فانها دار زوال وانتقال تنتقل باهلها من حال إلى حال وهي قد افنت القرون الخالية


(1) دار بلغة ومنزل قلعة : أي دار عمل يتبلغ فيها من صالح الاعمال ويتزود ، ومنزلة قلعة : أي يتحول عنها من دار الى دار.
(2) الامالي ص 356 للصدوق وتنبيه الخواطر لابن ورام ص 225 والبحار ج17 ص 217 للمجلسي والكافي للكليني.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 26


والامم الماضية ، وهو الذين كانوا أكثر منكم مالا ، واطول اعماراً وأكثر آثاراً أفنتهم ايدي الزمان ، وأحتوت عليهم الافاعي والديان ، افنتهم الدنيا فكانهم لا كانوا لها أهلا ولا سكانا وقد اكل التراب لحومهم ، وأزال محاسنهم ، وبدد اوصالهم وشمائلهم وغير الوانهم ، وطحنتهم ايدي الزمان افتطمعون بعدهم بالبقاء هيهات هيهات فلا بد من الملتقى ، فتدبروا ما مضى من عمركم وما بقى ما فعلوا فيه ما سوف يلتقى عليكم بالاعمال الصالحة قبل انقضاء الاجل ، وفروغ الامل ، فعن قريب توخذون من القصور إلى القبور ، حزينين غير مسرورين ، فكم والله من فاجر قد استكملت عليه الحسرات ، وكم من عزيز وقع في مسالك الهلكات حيث لا ينفعه الندم ولا يغاث من ظلم وقد وجدوا ما أسلفوا ، واحذروا ما تزودوا ، ووجدوا ما عملوا حاضراً ، ولا يظلم ربك احداً ، فهم في منازل البلوى همود(1) وفي عسكر الموتى خمود ، ينتظرون صيحة القيمة ، وحلول يوم الطامة(2)


(1) الهمود الموت.
(2) القيمة في غريب القرآن للسجستاني ص 161 والطامة الداهية لانها تطم كل شيء أي تعلوه وتغطيه.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 27


« ليجزي الذين امنوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى » (1).


ومن كلام له عليه السلام

في ادبار الدنيا وإقبال الآخرة

قال : ان الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وأن الآخرة قد ارتحلت مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ألا وكونوا من الزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ألا أن الزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ألا أن الزاهدين في الدنيا اتخذوا الأرض بساطاً والتراب فراشا والماء طيباً ، وقرضوا من الدنيا تقريضا ألا ومن اشتاق إلى الجنة سلا من الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع من المحرمات ومن زهد الدنيا ، هانت عليه المصائب
الا ان لله عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين ، وكمن راى أهل النار في النار معذبين ، شرورهم مأمومة ، وقلوبنهم محزونة ، أنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، صبروا أياماً قليلة ، فصاروا بعقبي راحة طويلة ، أما الليل فصافون أقدامهم


(1) سورة النجم آية 30 والخطبة مذكورة في ناسخ التواريخ ج1 ص 484 من احواله (عليه السلام) نقلا عن نور العين للاسفرائيني ولمعات الافكار مخطوط للواعظ الكبير المرحوم الشيخ نظر علي بزيادة.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 28


تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرون إلى ربهم ، يسعون في فكاك رقابهم ، وأما النهار فحكماء علماء ، بررة أتقياء ، كأنهم القداح قد براهم الخوف ، وينظراليهم الناظر ، فيقول مرضى وما بالقوم من مرض أم خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم من ذكر العذاب وما فيها(1).


ومن كلام له عليه السلام

يصف فيه المؤمنين والمنافقين

قال : ان المنافق ينهى ولا ينتهى ، ويأمر ولا يأتي ، إذا قام إلى الصلاة أعترض ، واذا ركع ربض ، واذا سجد نفر ، يمسى وهمته العشاء ولم يصم ، ويصبح وهمته النوم ولم يسهر ، والمؤمن خلط عمله بحلمه ، يحبس ليعلم ، وينصت ليسلم ، لا يحدث بالأمانة للاصدقاء ، ولا يكتم الشهادة للبعداء ، ولا يعمل شيئاً من الحق رياءاً . ولا يتركه حياءاً . أن زكى خاف ما يقولون ، واستغفر الله لما لايعلمون . ولا يضره جهل من جهله(2).


(1) اصول الكافي ص 432 للكليني ومعالم العبر للشيخ النوري.
(2) بحار الأنوار ج17 ص 315 وتحف العقول لابن شعبة.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 29



ومن كلام له عليه السلام

يذكر فيه آل محمد « ص »

قال : نحن أئمة المسلمين ، وحجج الله على العالمين . وسادة المؤمنين ، وقادة الغر المحجلين . وموالى المؤمنين . ونحن أمان أهل الأرض . كما أن النجوم أمان لأهل السماء . ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بأذنه. وبنا يمسك الارض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزل الغيث ، وبنا ينشر الرحمة . ويخرج بركات أهل الأرض ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها.
ثم قال عليه السلام : ولم يخل الأرض مذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهرة مشهورة . أو غ ايب مستور . ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها . ولولا ذلك لم يعبد الله(1)


(1) المناقب ج4 ص 138 لابن شهر اشوب وروضة الواعظين للفتال ص 170 ج1 وينابيع المودة ج3 ص 147 للقندوزي البلخي.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 30



ومن كلام له عليه السلام

عليك بالقرآن فان الله خلق الجنة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة . وجعل ملاطها(1) المسك . وترابها الزعفران. وحصائها اللؤلؤ . وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ، فمن قرأ منها قال له أقرأ وأرق ومن دخل فيهم الجنة لم يكن في الجنة أعلا درجة منه ما خلا النبيين والصديقين(2).


ومن دعاء له عليه السلام

في المناجات . وكلام له فيه موعظة وتحذير

عن طاوس اليماني قال : مررت بالحجر ، فاذا أنا بشخص راكع وساجد . فتأملته فاذا هو علي بن الحسين عليهما السلام . فقلت بانفس رجل صالح من أهل بيت النبوة والله لأغتنم دعائه. فجعلت أرقبه حتى فرغ من صلاته ورفع باطن كفيه إلى السماء


(1) الملاط الطين الذي يطلى به الحائط ج ملط.
(2) حق اليقين ج3 ص 161 للشبر والبرهان ج3 ص 956 للبحراني.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 31


وجعل يقول : سيدي سيدي هذه يداي قد مددتهما اليك بالذنوب مملوءة . وعيناي بالرجاء ممدودة . وحق لمن دعاك بالندم تذللا . ان تجيبه بالكرم تفضلا . سيدي امن اهل الشقاق خلقتني فاطيل بكائي أم من أهل السعادة خلقتني فابشر رجائي . سيدي الضرب المقامع خلقت اعضائي . أم لشرب الحميم خلقت امعائي . سيدي لو ان عبداً استطاع الهرب من مولاه لكنت اول الهاربين منك. لكني اعلم اني لا افوتك . سيدي لو أن عذابي بما يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه . غيرأني أعلم انه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين . ولا ينقص منه معصية العاصين . سيدي ما أنا وما خطري هب لي بفضلك . وجللني بسترك . واعف عن توبيخي بكرم وجهك. إلهي وسيدي ارحمني وانا مصروعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي . وارحمني محمولاً قد تناول الاقرباء اطراف جنازتي ، وارحم في ذلك البيت المظلم ، وحشتي وغربتي ووحدتي.
( قال طاوس : فبكيت(1) حتى علا نحيبي فالتفت إلي


(1) هو ابو عبد الرحمن الهمداني اليماني احد اعلام التابعين سمع ابا هريرة وابن عباس وروى عنه مجاهد وعمر بن دينار توفي سنة 106 وعده الشيخ في رجاله من اصحاب الامام السجاد ( عليه السلام ).

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 32


فقال: ما يبكيك يا يماني ؟ أو ليس هذا مقام المذنبين ؟ فقلت حبيبي حقيق على الله ان لا يردك وجدك محمد صلى الله عليه وآله قال : بينما نحن كذلك إذ اقبل نفر من اصحابه فالتفت اليهم فقال : معاشر اصحابي اوصيكم بالاخرة ، ولست اوصيكم بالدنيا . فانكم بها مستوصون . وعليها حريصون ، وبها مستمسكون ، معاشر اصحابي ان الدنيا دار ممر ، والاخرة دار مقر ، فخذوا من ممركم لمقركم ، ولا تهتكوا استاركم عند من لا يخفى عليه اسراركم واخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل ان تخرج منها ابدانكم ، أما رأيتم وسمعتم ما استدرج به من كان قبلكم من الامم السالفة ، والقرون الماضية ، الم تروا كيف فضح مستورهم ، وأمطر مواطر الهوان عليهم ، بتبديل سرورهم بعد خفض عيشهم ولين رفاهيتهم صاروا حصايد النقم ، ومدارج المثلات(1)، اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم(2).

(1) المثله بفتح وضم العقوبة والتنكيل جمع مثلات.
(2) الامالي للصدوق ص 132 والبحار ج17 ص 319 للمجلسي.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 33



( ومن كلام له عليه السلام )

في الموعظة أيضاً

قال : إن بين الليل والنهار روضة يرتع في نورها(1) الابرار ، ويتنعم في حدائقها المتقون ، فدأبو سهراً في الليل ، وصياما في النهار ، فعليكم بتلاوة القران في صدره ، وبالتضرع والاستغفار في آخره ، وإذا ورد النهار فاحسنوا مصاحبته بفعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وترك ما يرديكم من محقرات الذنوب ، فانها مشرفة على قبايح العيوب ، وكان الموت قد دهمكم والساعة قد غشيتكم ، فان الحادي قد حدا بكم بحدي لا يلوي دون غايتكم ، فاحذروا ندامة التفريط ، حيث لا ينفع الندامة إذا زلت الأقدام(2).



( ومن كلام له عليه السلام )

في اوصاف الزاهدين

ان علامة الزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الاخرة ، تركهم كل خليط ، ورفضهم كل صاحب ، لا يريد ما يريدون ، ألا


(1) النور بفتح النون اول ما يطلع من الازهار والروضة هي ما بين الطلوعين.
(2) إرشاد القلوب ج1 ص 70 للحسن بن محمد الديلمي ره.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 34


وان العامل لثواب الآخرة هو الزاهد في عاجل زهرة الدنيا ، الآخذ للموت أهبته الحاث على العمل قبل فناء الأجل ، ونزول ما لا بد من لقائه ، وتقديم الحذر قبل الحين ، فان الله عز وجل يقول : « حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعوني لعلي أعمل صالحاً فيما تركت » فلينزلن أحدكم اليوم نفسه كمنزلة المكدور الى الدنيا في هذه الدنيا النادم على ما فرط فيها من العمل الصالح ليوم فاقته ، وأعلموا عباد الله أنه من خاف البيات(1) تجافى عن الوساد ، وامتنع عن الرقاد ، وامسك عن بعض الطعام والشراب من خوف سلطان أهل الدنيا ، فكيف ويحك يا ابن آدم من خوف بيات سلطان رب العزة واخذه الاليم ، وبياته لاهل المعاصي والذنوب ، مع طوارق المنايا بالليل والنهار ، فذلك البيات الذي ليس له منجي ولا من دونه ملتجأ ، ولا منه مهرب ، فخافوا الله أيها المؤمنون من البيات خوف أهل اليقين ، وأهل التقوى ، فان الله يقول(2) : « لمن خاف مقامي وخاف وعيد » فاحذروا زهرة الحياة الدنيا وغرورها وسرورها ، وتذكروا ضررعاقبة الميل اليها ، فان زينتها فتنة ، وحبها خطيئة ، واعلم ويحك يا ابن آدم إن


(1) البيات الهجوم على الاعداء ليلا.
(2) سورة ابراهيم ايه 14.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 35


قسوة القلوب البطنة ، وفطرة الميلة ، وسكرة الشبع ، وغرة الملك مما يثبط ويبطي عن العمل ، وينسي الذكر ، ويلهي عن اقتراب الأجل حتى كان المبتلى بحب الدنيا به خبل من سكر الشراب ، وان العامل عن الله الخائف منه ، العامل له ، ليمرن نفسه ، ويعودها الجوع ، حتى ما تشتاق الى الشبع ، وكذلك تضمر الخيل لسبق الرهان ، فاتقوا عباد الله تقوى مؤمل ثوابه وخائف عقابه ، فوالله انتم اعذر وأنذر ، وشوق وخوف ، فلا أنتم إلى ما شوقكم اليه من كريم ثوابه تشتاقون فتعملون ، ولا أنتم مما خوفكم به من شديد عقابه ، وأليم عذابه ترهبون فتنكلون وقد نباكم الله في كتابه : « انه من يعمل الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وانا له كاتبون » (1) ثم ضرب لكم الأمثال في كتابه ، وصرف الآيات لتحذروا عاجل زهرة الحياة الدنيا فقال « انما اموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم » (2) فاتقوا الله ما استطعتم ، وأسمعوا وأطيعوا ، فاتقوا الله واتعظوا بمواعظ الله ، وما أعلم إلا كثيراً منكم قد هلكته(3) عواقب المعاصي فما


(1) سورة الانبياء اية 94.
(2) سورة الانفال اية 38.
(3) نهكته خ ل.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 36


حذرها ، واضرت بدينه فما مقتها ، أما تسمعون النداء من الله بعيبها وتصغيرها حيث قال(1) : « أعلموا إن الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الاخرة عذاب شديد ، ومفغرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، سارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماوات والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم » وقال:(2) « يا أيها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون ، ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك هم الفاسقون » فاتقوا عباد الله ، وتفكروا واعملوا لما خلقتم له فان الله لم يخلقكم عبثاً ، ولم يترككم سدى ، قد عرفكم نفسه ، وبعث اليكم رسوله ، وأنزل عليكم كتابه فيه حلاله وحرامه وحجه وامثاله ، فاتقوا الله ما استطعتم ، فانه لا قوة إلا بالله ، ولا تكلان إلا عليه ، وصلى الله على محمد نبيه وآله(3).


(1) سورة الحديد اية 30 ـ 31.
(2) سورة الحشر اية 18 ـ 19.
(3) البحار ج17 ص 312 وتحف العقول لابن شعبة ص 65.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 37



( ومن كلام له عليه السلام )

( يصف شيعته )

وذلك لما كان علي بن الحسين عليه السلام قاعداً في بيته اذ قرع قوم عليه الباب ، فقال : يا جارية انظري من في الباب فقالت : قوم من شيعتك فوثب عليه السلام عجلا حتى كاد ان يقع فلما فتح الباب ونظر اليهم فرجع.
قال عليه السلام : كذبو فاين السمت(1) في الوجوه أين اثر العبادة ، أين سيماء السجود ؟ انما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعثهم ، قد قرحت منهم الأناف ، ودثرت الجباه ، والمساجد خمص البطون(2) ذبل الشفاه(3) قد اصفر العبادة وجوههم ، واخلق سهر الليالي ، وقطع الهواجر جثثهم المسبحون اذا سكت الناس ، والمصلون اذا نام الناس ، والمحزنون اذا فرح الناس(4).


(1) السمت بكسر السين وهي العلامة.
(2) أي ضامر البطن بحيث يلتصق الى ظهره.
(3) ذبل جلده اي يبس وذهبت نضارته.
(4) بحار الانوار ج15 للمجلسي وصفات الشيعة للصدوق.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 38



( ومن كلام له عليه السلام )

( في الاقتداء بآل محمد عليه السلام والنهي عن القياس )

قال عليه السلام : ان دين الله عز وجل لا يصاب بالعقول الناقصة ، والأراء الباطلة ، والمقاييس الفاسدة ، ولا يصاب إلا بالتسليم ، فمن سلم لنا سلم ، ومن اقتدى بنا هدى ، ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك ، ومن وجد في نفسه شيئاً مما نقوله أو نقضى به حرجا ، كفـ ر بالذي انزل السبع المثاني ، والقـرآن العظيم وهو لا يعلم(1).

( ومن كلام له عليه السلام )

عن أبي جعفر عليه السلام قال : وجدنا في كتاب علي بن الحسين ( عليه السلام ) ألا أن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، إذا أدوا فرائض الله وأخذوا سنن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وتورعوا عن محارم الله ، وزهدوا في عاجل زهرة الحياة الدنيا ، ورغبوا فيما عند الله ، واكتسبوا الطيب من رزق الله ، لا يريدون به التفاخر والتكاثر ،


(1) اكمال الدين واتمام النعمة للصدوق ص 197.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 39


ثم انفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة ، فاولئك الذين بارك الله لهم فيما اكتسبوا ، ويثابون على ما قدموا لآخرتهم(1).


( ومن دعاء له عليه السلام )

في الاستسقاء عند الجدب(2)


اللهم اسقنا الغيث ، وانشر علينا رحمتك بغيثك المغدق(3) من السحاب المنساق ، لنبات ارضك المونق في جميع الآفاق ، وامنن على عبادك بايناع الثمرة ، وأحي بلادك ببلوغ الزهرة ، واشهد ملائكتك الكرام السفرة ، بسقي منك نافع ، دائم غزره ، واسع درره ، وابل سريع عاجل ، تحي به ما قد مات ، وترد به ما قد فات ، وتخرج به ما هو آت ، وتوسع به في الأقوات ، سحاباً متراكما هنيئاً مريئاً طبقا مجلجلا(4) غير ملث ودقه(5) ولا خلب


(1) ناسخ التواريخ ج1 ص 947 من احواله ( ع ) ومعالم العبر للنوري.
(2) الجدب بفتح الجيم وسكون الدال هو انقطاع المطر ويبس الارض.
(3) المغدق الماء الكثير القطر يقال اغدق المطر اغداقاً فهو مغدق.
(4) هو السحاب الذي يسمع منه الرعد.
(5) الث السحاب دام فهو ملث واصله من الث فلان بالمكان اذا قام لا يبرح والورق المطر كما في شرح الصحيفة.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 40


برقه(1) اللهم اسقنا غيثا مريعا ممرعا عريضا ، واسع غزيراً ترد به النهيض وتجبر به المهيض ، اللهم اسقنا سقيا تسيل منه الظراب(2) وتملأ منه الجباب ، وتفجر به الأنهار ، وتنبت به الأشجار ، وترخص به الاسعار في جميع الأمصار ، وتنعش به البهايم والخلق ، وتكمل لنا به طيبات الرزق ، وتنبت لنا به الزرع ، وتدر به الضرع ، وتزيدنا به قوة إلى قوتنا ، اللهم لا تجعل ظله علينا سموما ، ولا تجعل برده علينا حسوما ، ولا تجعل صوبه(3) علينا رجوما ، ولا تجعل ماءه علينا اجاجا(4) اللهم صل على محمد وآله محمد ، وارزقنا من بركات السماوات والأرض ، انك على كل شيء قدير(5).


( ومن كلام له عليه السلام )

( في القدر )

لما قال رجل له (ع) : جعلني الله فداك أبقدر يصيب الناس


(1) البرق الخلب الذي لا غيث فيه.
(2) الظراب رؤس الجبال.
(3) الصوب بالفتح نزول المطر وانصبابه.
(4) الاجاج بالضم الشديد الملوحة.
(5) الصحيفة السجادية.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 41


ما اصابهم أم بعمل ؟.
فقال (ع) : ان القدر والعمل بمنزلة الروح والجسد فالروح بغير جسد لا يحس ، والجسد بغير صورة لا حراك بها ، فاذا اجتمعا قويا وصلحا ، كذلك العمل والقدر ، فلو لم يكن القدر واقعاً على العمل لم يعرف الخالق من المخلوق ، وكان القدر شيئاً لا يحس ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر ، لم يمض ولم يتم ، ولكنهما باجتماعهما قويا ، ولله العون لعباده الصالحين.
ثم قال : ألا من جور الناس من جوره عدلا ، وعدل المهتدي جوراً ، ألا أن للعبد أربعة عيون عينان يبصر بهما أمر آخرته ، وعينان يبصر بهما أمر دنياه ، فاذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً فتح له العينين اللتين في قلبه ، فابصر بهما العيب ، واذا اراد غير ذلك ، ترك القلب عافية ، ثم التفت إلى السائل من القدر فقال : هذا منه(1).


(1) اي ان فتح العينين وتركهما من القدر والرواية مذكورة في بحار الانوار ج3 ص 38 للمجلسي.

بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 42



( ومن كلام له عليه السلام )

( في المناجات وفيما اجاب به طاوس الفقيه )

قال رأيته يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبد ، فلما لم ير أحداً رمق السماء بطرفه وقال :
إلهي غارت نجوم سماواتك ، وهجعت عيون انامك ، وابوابك مفتحات للسائلين ، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد صلى الله عليه وآله في عرصات القيامة ( ثم بكى وقال ) : وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك ، وما عصيتك إذ عصيتك وانا بك شاك ، ولا بكا لك جاهل ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولكن سولت لي(1) نفسي ، وأعانني على ذلك سترك المرخى علي ، فانا الآن من عذابك من يستنقذني ، وبحبل من اعتصم ان قطعت حبلك عني ، فواسوأتاه غداً من الوقوف بين يديك ، إذا قيل للمحلفين جوزوا ، وللمثقلين حطوا ، أمع المخفين أجوز ، أم مع المثقلين أحط ، ويلي ويلي ، كلما طال عمري كثرت خطاياي ولم أتب ، أما آن لي أن استحي من ربي.


(1) سمك لي ( خ ل ).


السابق الفهرس التالي


https://ahlalbayt12.7olm.org

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى