تابع موضوع الحياة السياسية للامام الرضا عليه السلام
*************************************************
سياسة العباسيين مع الرعية
والمتوكل زعموا يتسرى باثني عشر ألف سرية، والسيد من سادات أهل البيت يتعفف بزنجية، أو سندية. وصفوة مال الخراج مقصورة على أرزاق الصفاعنة، وعلى موائد المخاتنة، وعلى طعمة الكلابين، ورسوم القرادين، وعلى مخارق وعلوية المغني، زرزر، وعمر بن بانة المهلبي، ويبخلون على الفاطمي بأكلة أو شربة، ويصارفونه على دانق وحبة، ويشترون العوادة بالبدر، ويجرون لها ما يفي برزق عسكر. والقوم الذين أحل لهم الخمس، وحرمت عليهم الصدقة، وفرضت لهم الكرامة والمحبة، يتكففون ضراً، ويهلكون فقراً، ويرهن أحدهم سيفه، ويبيع ثوبه، وينظر إلى فيئة بعين مريضة، ويتشدد على دهره بنفس ضعيفة، ليس له ذنب إلا أن جده النبي، وأبوه الوصي، وأمه فاطمة، وجدته خديجة، ومذهبه الإيمان، وإمامه القرآن. وحقوقه مصروفة إلى القهرمانة والمضرطة وإلى المغمزة، إلى المزررة، وخمسه مقسوم على نقار الديكة الدمية، والقردة، وعلى رؤوس اللعبة واللعبة، وعلى مرية الرحلة..
وماذا أقول في قوم حملوا الوحوش على النساء المسلمات، وأجروا لعبادة وذويه الجرايات، وحرثوا تربة الحسين (عليه السلام) بالفدان، ونفوا زواره إلى البلدان، وما أصف من قوم هم: نطف السكارى في أرحام القيان؟ وماذا يقال في أهل بيت منهم نبع البغا، وفيهم راح التخنيث وغداً، وبهم عرف اللواط؟!. كان إبراهيم بن المهدي مغنياً، وكان المتوكل مؤنثاً موضعاً، وكان المعتز مخنثاً، وكان ابن زبيدة معتوهاً مفركاً، وقتل المأمون أخاه، وقتل المنتصر أباه، وسم موسى بن المهدي أمه، وسم المعتضد عمه. ولقد كان في بني أمية مخازي تذكر، ومعائب تؤثر».
الصفحة 106
وبعد أن عدد بعض مخازي بني أمية، ومعائبهم قال:
«.. وهذه المثالب مع عظمها وكثرتها، ومع قبحها وشنعتها، صغيرة وقليلة في جنب مثالب بني العباس، الذين بنوا مدينة الجبارين، وفرقوا في الملاهي والمعاصي أموال المسلمين.. إلى آخر ما قال..»(1).
هذا جانب من رسالة الخوارزمي، وقد كنت أود أن أثبتها بتمامها، لكنني رأيت أن المجال لا يتسع لذلك. وعلى كل فإن:
ذلك كله غيض من فيض. ولعل فيما ذكرناه كفاية..
____________
(1) راجع: رسائل الخوارزمي طبع القسطنطينية سنة 1297 من ص 130، إلى ص 140، ونقل شطراً كبيراً منها: سعد محمد حسن في كتابه: المهدية في الإسلام ابتداء من ص 58 وذكر شطراً منها أيضاً الدكتور أحمد أمين في كتابه ضحى الإسلام ج 3 ص 297 فما بعدها، فراجع. وهي موجودة بتمامها في مجموعة خطية من تأليف سيدي الوالد أيده الله، سماها: «مجمع الفوائد، ومجمل العوائد» ابتداء من ص 45..
الصفحة 107
سياسة العباسيين مع الرعية
نظرة عامة:
لا نريد في هذا الفصل أن نعرض لأنواع القبائح، التي كان العباسييون يمارسونها، فإن ذلك مما لا يمكن الالمام به واستقصاؤه في هذه العجالة.
وإنما نريد فقط أن نعطي لمحة سريعة عن سيرتهم السيئة في الناس، ومدى اضطهادهم وظلمهم لهم، وجورهم عليهم، الأمر الذي أسهم إسهاما كبيراً في كشف حقيقتهم، وبيان واقعهم أمام الملأ.. حتى لقد قال الشعراء في وصف الحالة العامة في زمن خلفائهم الشيء الكثير، فمن ذلك قول سليم العدوي في الثورة على الوضع القائم:
حتى متى لا نرى عدلاً نسر به ولا نرى لولاة الحق أعوانا
مستمسكين بحق قائمين بـــه إذا تلون أهل الجور ألوانـا
يا للرجال لداء لا دواء لـــه وقائد ذي عمي يقتاد عميانا(1)
وقال سديف:
____________
(1) المستطرف ج 1 ص 97، وطبيعة الدعوة العباسية ص 272، وضحى الإسلام ج 2 ص 37.
الصفحة 108
إنا لنأمل أن ترتد ألفتنــا بعد التباعد والشحناء والإحن
وتنقضي دولة أحكام قادتها فينا كأحكام قوم عابدي وثن
فكتب المنصور إلى عبد الصمد بن علي بأن: يدفنه حيا، ففعل(1).
وقد ذكر أبو الفرج أبياتاً كثيرة بالإضافة إلى هذين البيتين، ونسبها يحيى بن عبد الله بن الحسن، بحضرة الرشيد، إلى عبد الله بن مصعب الزبيري، ومن جملتها قوله:
فطالما قد بروا في الجور أعظمنا بري الصناع قداح النبع بالسفن(2)
وقال آخر، وهو أحمد بن أبي نعيم، الذي نفاه المأمون بسبب هذا البيت إلى السند:
ما أحسب الجور ينقضي وعلى الناس أمير من آل عبـــاس(3)
وقد تقدم قول أبي عطاء السندي، المتوفى سنة 180 ه:
يا ليت جور بني مروان دام لنا وليت عدل بني العباس في النــار
وقال الدكتور أحمد محمود صبحي: «.. لكن ذلك المثل الأعلى للعدالة، والمساواة الذي انتظره الناس من العباسيين، قد أصبح وهما من الأوهام، فشراسة المنصور والرشيد، وجشعهم، وجور أولاد علي بن
____________
(1) راجع: العمدة لابن رشيق ج 1 ص 75، 76، والعقد الفريد، طبع دار الكتاب العربي ج 5 ص 87، وهامش طبقات الشعراء ص 41، (2) مقاتل الطالبيين ص 476، 477.
(3) راجع: وفيات الأعيان: ترجمة يحيى بن أكثم، ومروج الذهب ج 3 ص 435، وضحى الإسلام ج 2 ص 38، ونهاية الإرب ج 8 ص 175، وطبيعة الدعوة العباسية ص 273، وطبقات الشعراء ص 378، لكنه نسبه لابن أبي خالد، لكن في العقد الفريد ج 6 ص 418، قد نسب يحيى بن أكثم هذا البيت إلى دعبل.
وفيه: أنه هو الذي نفي إلى السند.
الصفحة 109
عيسى، وعبثهم بأموال المسلمين، يذكرنا بالحجاج، وهشام، ويوسف ابن عمرو الثقفي، وعم الاستياء أفراد الشعب، بعد أن استفتح أبو عبد الله، المعروف ب «السفاح» وكذلك المنصور بالإسراف في سفك الدماء، على نحو لم يعرف من قبل»(1).
ويقول صاحب إمبراطورية العرب: «.. إنه بالرغم من أن جيش خراسان هو الذي أوصل العباسيين إلى الملك، فإن الفتن في خراسان ظلت قائمة في عهد العباسيين، كما كانت في عهد الأمويين. وكان الشعار الذي رفعه الخراسانيون الآن: أنهم هم الذين أوصلوا «آل البيت» إلى الحكم، لإقامة عهد من الرحمة والعدل، لا لإقامة عهد آخر من الطغيان، المتعطش إلى سفك الدماء.. إلى أن يقول:
لكن الشيء الذي لا ريب فيه: هو أن الأحلام بإقامة عهد السلام والعدل، التي كانت السبب في الثورة العامة ضد الأمويين قد تبخرت الآن، ولو لم يكن العباسيون أسوأ حالاً من الأمويين، فإنهم لم يكونوا ـ على أي حال ـ خيراً منهم»(2). وقريب منه كلام غيره(3) وستأتي في فصل: آمال المأمون إلخ. عبارة فان فلوتن الهامة، والقيمة عن الحكم العباسي، وسياساته مع الرعية. فانتظر.
ولعل قصيدة أبي العتاهية، التي مطلعها:
من مبلغ عني الإمام نصائحاً متوالية
____________
(1) نظرية الإمامة ص 381، لكن كنية السفاح هي: «أبو العباس» لا أبو عبد الله و عبد الله هو: اسمه، واسم المنصور أيضاً، الذي كان أكبر من السفاح.
(2) إمبراطورية العرب ص 452.
(3) راجع: حياة الإمام موسى بن جعفر 2 ص 162 عن كتاب: «النكبات» للريحاني، وضحى الإسلام ج 1 ص 127 حتى 131.
الصفحة 110
تعبر تعبيراً صادقاً عن الحالة العامة، التي كانت سائدة آنذاك، وهي معروفة ومشهورة ومذكورة في ديوانه ص 304. وهي بحق من الوثائق الهامة. المعبرة عن واقع الحياة في تلك الفترة من الزمن.
مع موقف الخلفاء بالتفصيل:
وبعد هذا. وإذا ما أردنا أن نقف عند بعض جنايات وجرائم كل واحد منهم فإننا نقول:
أما السفاح:
الذي أظهر نفسه في صورة مهدي(1).
فهو الذي يقول عنه المؤرخون: إنه: «كان سريعاً إلى سفك الدماء، فاتبعه عماله في ذلك، في المشرق والمغرب، واستنوا بسيرته، مثل: محمد بن الأشعث بالمغرب، وصالح بن علي بمصر، وخازم بن خزيمة، وحميد بن قحطبة، وغيرهم»(2). حتى لقد خرج عليه شريك بن شيخ المهري، الذي كان ـ على ما يظهر ـ من دعاة العباسيين ـ خرج عليه ـ ببخارا، في أكثر من ثلاثين ألفاً، فقال: «ما على هذا بايعنا آل محمد، تسفك الدماء،
____________
(1) البداية والنهاية ج 1 ص 69 والتنبيه والإشراف ص 292.
(2) مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 222، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 259. ومشاكلة الناس لزمانهم لليعقوبي ص 22، وليراجع إمبراطورية العرب ص 435.
الصفحة 111
ويعمل بغير الحق..»(1) فوجه إليه السفاح أبا مسلم، فقتله، ومن معه.. وقضية عامل السفاح ـ وهو أخوه، وقيل: ابن أخيه، يحيى ـ مع أهل الموصل، حيث ذبح الآلاف الكثيرة منهم في المسجد. هذه القضية معروفة ومشهورة.
وينص المؤرخون، على أنه: لم يبق من أهل الموصل على كثرتهم إلا أربع مئة إنسان، صدموا الجند، فأفرجوا لهم. كما أنه أمر جنده، فبقوا ثلاثة أيام يقتلون النساء، لأنه سمع أنهن يبكين رجالهن. وينص المؤرخون أيضاً: على أن نفوس أهل الموصل قد ذلت بعد تلك المذبحة، ولم يسمع لهم بعدها صوت، ولا قامت لهم قائمة(2).
وعندما سألت السفاح زوجته أم سلمة، بنت يعقوب بن سلمة: «لأي شيء استعرض ابن أخيك أهل الموصل بالسيف؟!. قال لها: وحياتك ما أدري..»(3)!!.
وقد تقدمت عبارة الدكتور أحمد محمود صبحي عن السفاح والمنصور معاً عن قريب.
____________
(1) الكامل لابن الأثير ج 4 ص 342، والإمامة والسياسة ج 2 ص 139، وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 354 طبع صادر، والبداية والنهاية ج 10 ص 56، وتاريخ التمدن الإسلامي ج 2 ص 402، وغيرهم.. وفي كتاب طبيعة الدعوة العباسية ص 230 قال: إنه «لذلك نقل ولاءه للعلويين، وثار ببخارا، وانضم إليه أنصار العلويين في خراسان، وكذلك ولاة العباسيين على بخارا، وبرزم، وكانت حركته شعبية. وجابه أبو مسلم صعوبات كبيرة في القضاء عليها..» انتهى.
(2) راجع تفاصيل هذه القضية في: النزاع والتخاصم للمقريزي ص 48، 49، والكامل لابن الأثير ج 5 ص 212، حوادث سنة 132، وتاريخ ابن خلدون ج 3 ص 177، وغاية المرام للموصلي ص 115، وتاريخ اليعقوبي، طبع صادر ج 2 ص 357، وشرح ميمية أبي فراس ص 216.
(3) النزاع والتخاصم للمقريزي ص 49، وغير ذلك.
الصفحة 112
وأما المنصور:
الذي أظهر نفسه في صورة مهدي كما يظهر من قول أبي دلامة مخاطباً أبا مسلم الذي قتله المنصور:
أبا مجرم ما غير الله نعمــة على عبده حتى يغيرها العبد
أفي دولة المهدي حاولت غدرة ألا إن أهل الغدر آباءك الكرد(1)
والذي قتل خلقاً كثيراً حتى استقام له الأمر(2).
فأمره في الظلم والجور وانتهاك الحرمات أشهر من أن يذكر، حتى لقد أنكر عليه ذلك: «.. رجل من أعظم الدعاة قدراً، وأعظمهم غناء، وهو أبو الجهم بن عطية، مولى باهلة. وهو الذي أخرج أبا العباس السفاح من موضعه الذي أخفاه فيه أبو سلمة، حفص بن سليمان الخلال، وحرسه، وقام بأمره حتى بويع بالخلافة، فكان أبو العباس يعرف له ذلك. وكان أبو مسلم يثق به، ويكاتبه.
فلما استخلف أبو جعفر المنصور، وجار في أحكامه، قال أبو الجهم: ما على هذا بايعناهم، إنما بايعناهم على العدل، فأسرها أبو جعفر في نفسه، ودعاه ذات يوم. فتغدى عنده، ثم سقاه شربة من سويق اللوز، فلما وقعت في جوفه هاج به وجع، فتوهم: أنه قد سم، فوثب، فقال له المنصور: إلى أين يا أبا الجهم؟! فقال: إلى حيث أرسلتني، ومات بعد يوم أو يومين فقال:
____________
(1) عيون الأخبار لابن قتيبة ج 1 ص 26 والكنى والألقاب ج 1 ص 158. ويحتمل أن يقصد بالمهدي هنا: السفاح.
(2) فوات الوفيات ج 1 ص 232، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 259، وتاريخ الخميس ج 2 ص 324.
الصفحة 113
إحذر سويق اللوز لا تشربنه فإن سويق اللوز أردى أبا الجهم(1).
وأنكر عليه ذلك أيضاً ـ بالإضافة إلى عمه كما تقدم ـ جماعة من قواده، فقاموا عليه، ودعوا الناس إلى موالاة أهل البيت، فحاربهم عبد الرحمان الأزدي سنة 140 ه. فقتل طائفة منهم، وحبس آخرين(2).
وقال الطبري في حوادث سنة 140 ه. أيضاً: «.. وفيها ولي أبو جعفر عبد الجبار بن عبد الرحمن خراسان، فقدمها، فأخذ بها ناساً من القواد، وذكر أنه اتهمهم بالدعاء إلى ولد علي بن أبي طالب، منهم: مجاشع بن حريث الأنصاري، وأبو المغيرة، مولى لبني تميم، واسمه خالد ابن كثير، وهو صاحب قوهستان، والحريش بن محمد الذهلي، ابن عم داوود، فقتلهم وحبس الجنيد بن خالد بن هريم التغلبي، ومعبد بن الخليل المزني، بعد ما ضربهما ضرباً مبرحاً، وحبس عدة من وجوه قواد أهل خراسان..»(3).
ولعل من الأمور الجديرة بالملاحظة هنا: أن المنصور كان يعاشر الراوندية القائلين بألوهيته، ولا ينهاهم ولا يردعهم عن مقالتهم تلك، وعندما سأله أحد المسلمين عن ذلك قال له ـ على ما في تاريخ الطبري ـ: «لأن يكونوا في معصية الله وطاعتنا، أحب إلي من أن يكونوا في طاعة الله ومعصيتنا..».
ولكنه عندما ثاروا عليه في الهاشمية، وضع فيهم السيف وقتلهم، ولكن لا لأجل مقالتهم الشنيعة تلك، وإنما لأجل عدم طاعتهم له!.
____________
(1) النزاع والتخاصم للمقريزي ص 52، وليراجع: الوزراء والكتاب ص 136 ـ 137 وفيه: أن أبا الجهم كان وزيرا للسفاح.
(2) البداية والنهاية ج 10 ص 75.
(3) الطبري، طبع ليدن ج 10 ص 128.
الصفحة 114
هذا.. وعندما قال لعبد الرحمان الإفريقي، رفيق صباه: «كيف رأيت سلطاني من سلطان بني أمية؟».
أجابه عبد الرحمان: «ما رأيت في سلطانهم شيئاً من الجور إلا رأيته في سلطانك..»(1).
وعندما قدم عليه عبد الرحمان هذا من إفريقيا، ودخل عليه، بعد أن بقي ببابه شهراً، لا يستطيع الوصول إليه، قال له عبد الرحمان: «ظهر الجور ببلادنا، فجئت لأعلمك، فإذا الجور يخرج من دارك. ورأيت أعمالاً سيئة، وظلماً فاشياً، ظننته لبعد البلاد منك، فجعلت كلما دنوت منك كان الأمر أعظم». فغضب المنصور. وأمر بإخراجه(2).
وقال لابن أبي ذؤيب: «أي الرجال أنا؟».
فأجابه: «أنت والله عندي شر الرجال، استأثرت بمال الله، ورسوله، وسهم ذوي القربى، واليتامى. والمساكين، وأهلكت الضعيف، وأتعبت القوي، وأمسكت أموالهم(3). وحج أبو جعفر فدعا ابن أبي ذئب، فقال: نشدتك الله، ألست أعمل بالحق؟ أليس تراني أعدل؟ فقال ابن أبي ذئب: أما إذ نشدتني بالله فأقول: اللهم لا، ما أراك تعدل، وإنك لجائر، وإنك لتستعمل الظلمة، وتترك أهل الخير(4).
____________
(1) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 268، وغيره.
(2) تاريخ بغداد ج 10 ص 215، والإمام الصادق، والمذاهب الأربعة المجلد الأول جزء 2 ص 479.
(3) الإمامة والسياسة ج 2 ص 145.
(4) صفة الصفوة ج 2 ص 175.
الصفحة 115
وعندما كان يطوف بالبيت سمع أعرابيا يقول: «اللهم إني أشكو إليك ظهور الفساد، وما يحول بين الحق وأهله، من الطمع»، فطلبه المنصور، فأتي به، فاستمع المنصور منه إلى شرح واف عن الظلم، والجور، والفساد، الذي كان فاشيا آنذاك، وهي قصة طويلة لا مجال لذكرها، وعلى مريدها المراجعة إلى مظانها(1).
ولا بأس بمراجعة ما قاله له عمرو بن عبيد، في موعظته الطويلة له، ومن جملتها: «.. إن وراء بابك نيرانا تتأجج من الجور، والله، ما يحكم وراء بابك بكتاب الله، ولا بسنة نبيه إلخ..»(2).
وقد لقي أعرابياً بالشام، فقال له المنصور: «إحمد الله يا أعرابي، الذي دفع عنكم الطاعون بولايتنا أهل البيت».
فأجابه الأعرابي: «إن الله أعدل من أن يجمعكم علينا والطاعون». فسكت، ولم يزل يطلب له العلل حتى قتله(3).
____________
(1) المحاسن والمساوي من ص 339، إلى ص 341 والعقد الفريد للملك السعيد ص 116، 117، 118، وحياة الحيوان للدميري ج 2 ص 190، 191، طبع سنة 1319، وعيون الأخبار، لابن قتيبة ج 2 من ص 333، إلى ص 336، والعقد الفريد ج 2 ص 104، 105، طبع سنة 1346، وضحى الإسلام ج 2 ص 40، والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 2 ص 480، نقلاً عن: تاريخ ابن الساعي ص 19، والفتوحات الإسلامية لدحلان ج 2 ص 445، حتى 448 مطبعة مصطفى محمد. والموفقيات ص 392، 393 (2) مرآة الجنان لليافعي ج 1 ص 336، 337، والمحاسن والمساوي، طبع صادر ص 338، 339، وعيون الأخبار، لابن قتيبة باختصار ج 2 ص 337، ونور القبس ص 44.
(3) روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار ص 86 وأساس الاقتباس، والبداية والنهاية ج 10 ص 123، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 265، وفي كتاب طبيعة الدعوة العباسية ص 273، نقلاً عن تاريخ دمشق لابن عساكر III ص 391: أن الذي قال للمنصور ذلك هو منصور بن جعونة الكلابي: وأن قوله له هو: «إن الله أعدل من أن يسلط علينا الطاعون والعباسيين معاً».
الصفحة 116
وقد كتب له سديف، الذي كان من المتحمسين للدولة العباسية:
أسرفت في قتل الرعية ظالماً فاكفف يديك أظلها «مهديها»(1)
ويريد ب «مهديها» محمد بن عبد الله بن الحسن على ما يظهر. وقضية الرجل الهمداني، الذي أراد عامل المنصور أن يسلبه ضيعته، فأبي عليه ذلك، فكبله بالحديد، وسيره إلى المنصور، فأودعه السجن أربعة أعوام، لا يسأل عنه أحد، هذه القضية معروفة، ومشهورة(2).
وعندما بنى مدينة: «المصيصية» قد أخذ أموال الناس، حتى ما ترك عند أحد فضلاً(3) وعندما أراد أن يبني مدينة أخرى ثار الناس عليه ووقع القتال، لأنهم علموا أنه سوف لا يبقى عندهم فضلاً أيضاً.
وأما ما فعله عبد الوهاب ابن أخي المنصور في أهل فلسطين، فذلك يفوق كل وصف ويتجاوز كل بيان(4).
بعض ما يقال عن المنصور:
وأخيراً.. فقد قال عنه البيهقي إنه: «كان يعلق الناس من أرجلهم، حتى يؤدوا ما عليهم»(5).
____________
(1) العقد الفريد، طبع دار الكتاب العربي ج 5 / 88. ويقال: إن هذا هو سبب قتل سديف.
(2) شرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون ص 281، 282، ومروج الذهب ج 3 ص 288.
(3) تاريخ اليعقوبي ج 3 / 121.
(4) الوزراء والكتاب ص 137، (5) المحاسن والمساوي ص 339.
الصفحة 117
هذا.. وقد وصف اليافعي والذهبي المنصور بأنه كان: «فيه جبروت وظلم»(1).
ووصفه السيد أمير علي بأنه: «كان غادراً خداعاً، لا يتردد البتة في سفك الدماء.. إلى أن قال: وعلى الجملة: كان أبو جعفر سادراً في بطشه، مستهتراً في فتكه. وتعتبر معاملته لأولاد علي من أسوأ صفحات التاريخ العباسي»(2).
ولا بأس بمراجعة ما قاله الريان، مولى المنصور لجعفر بن أبي جعفر، حيث ينص على أنه قتل أهل الدنيا، ممن لا يعد ولا يحصى، وإن فرعون لا يقاس به(3).
وأما المهدي:
الذي اتخذ الزندقة ذريعة للفتك بالأبرياء.. فقد كفانا الجهشياري مؤونة الحديث عنه، حيث قال: إنه في زمن المهدي هذا:
«كان أهل الخراج يعذبون بصنوف من العذاب، من السباع، والزنابير والسنانير»(4). وقد خرج عليه يوسف البرم بخراسان، منكرا عليه أحواله، وسيرته، وما يتعاطاه(5).
____________
(1) العبر للذهبي ج 1 / 230، ومرآة الجنان لليافعي ج 1 / 334.
(2) مختصر تاريخ العرب والتمدن الإسلامي ص 184، وليراجع تاريخ التمدن الإسلامي ج 4 / 399. والتاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج 3 / 61.
(3) الوزراء والكتاب ص 130.
(4) الوزراء والكتاب ص 142.
(5) البداية والنهاية ج 10 / 131.
الصفحة 118
وأما الهادي:
فقد كان: «يتناول المسكر، ويحب اللهو والطرب، وكان ذا ظلم وجبروت»(1).
وكان: «سيّء الأخلاق، قاسي القلب، جباراً، يتناول المسكر، ويلعب»(2).
وقد قال عنه الجاحظ: «كان الهادي شكس الأخلاق، صعب المرام، سيء الظن. قل من توقاه، وعرف أخلاقه إلا أغناه، وما كان شيء أبغض إليه من ابتدائه بسؤال. وكان يأمر للمغني بالمال الخطير الجزيل»(3).
وقال الجهشياري: «كان فظاً قاسياً، غير مأمون على وفاء بوعد»(4).
نعم.. لقد كان يأمر للمغني بالمال الجزيل الخطير ـ من بيت مال المسلمين ـ كما يقول الجاحظ.. وقد بلغ من إسرافه في إجازة الخلعاء والمغنين، أن دفع إسحاق الموصلي لأن يقول: «لو عاش لنا الهادي لبنينا حيطان دورنا بالذهب والفضة»(5) وأخيراً.. فقد قال عنه الذهبي: «قد كان جباراً ظالم النفس»(6) إلى آخر ما هنالك مما لا مجال لنا هنا لتتبعه.
____________
(1) تاريخ الخميس ج 2 / 331.
(2) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 279، وغيره.
(3) التاج للجاحظ ص 81.
(4) الوزراء والكتاب ص 174.
(5) الأغاني، طبع دار الكتب بالقاهرة ج 5 / 163.
(6) العبر للذهبي ج 1 / 258. ولا بأس بمراجعة: مشاكلة الناس لزمانهم ص 24.
الصفحة 119
وأما الرشيد:
فسيرته تكفي عن كل بيان.. ويكفيه أنه ـ كما ينص المؤرخون ـ يشبه المنصور في كل شيء إلا في بذل المال(1)، حيث يقولون إن المنصور كان بخيلاً.
وقد تسلط ـ كالمنصور ـ بعد مدة من خلافته على الأمور، فأفسد الصنايع، وأحب جمع الأموال(2).
«وكان جباراً سفاكاً للدماء، على نمط من ملوك الشرق المستبدين»(3). وقد عسف عامله أهل خراسان، وقتل ملوكها، ووجوه أهلها وأشرافها وصناديدها، وأخذ أموالهم. فأرسلها إلى الرشيد، الأمر الذي كان سبباً في انتقاضها عليه(4).
وكان يعذب الناس في الخراج، حيث: «أخذ العمال، والتناء، والدهاقين، وأصحاب الصنايع، والمبتاعين للغلات، والمقبلين. وكان عليهم أموال مجتمعة، فولى مطالبتهم عبد الله بن الهيثم بن سام. فطالبهم بصنوف من العذاب. إلى أن دخل عليه ابن عياض، فرأى الناس يعذبون في الخراج، فقال: ارفعوا عنهم، إني سمعت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من عذب الناس في الدنيا عذبه الله يوم القيامة، فأمر بأن يرفع العذاب عن الناس، فرفع..»(5).
____________
(1) ولكن لا في سبيل الله، وإنما على ملذاته وشهواته، وعلى المغنين والمضرطين كما في رسالة الخوارزمي المتقدمة، وكما ينص عليه أي كتاب تاريخي يتحدث عن سيرته وأفعاله.
(2) التنبيه والإشراف ص 299.
(3) هذا قول الأمير شكيب أرسلان، في تعليقته على: حاضر العالم الإسلامي، نقلها عنه: محمد بن عقيل هامش ص 20 من كتابه: العتب الجميل.. وهو من منشورات هيئة البحوث الإسلامية في إندونيسيا.
(4) الوزراء والكتاب ص 228.
(5) تاريخ اليعقوبي ج 3 / 146.
*************************************************
سياسة العباسيين مع الرعية
والمتوكل زعموا يتسرى باثني عشر ألف سرية، والسيد من سادات أهل البيت يتعفف بزنجية، أو سندية. وصفوة مال الخراج مقصورة على أرزاق الصفاعنة، وعلى موائد المخاتنة، وعلى طعمة الكلابين، ورسوم القرادين، وعلى مخارق وعلوية المغني، زرزر، وعمر بن بانة المهلبي، ويبخلون على الفاطمي بأكلة أو شربة، ويصارفونه على دانق وحبة، ويشترون العوادة بالبدر، ويجرون لها ما يفي برزق عسكر. والقوم الذين أحل لهم الخمس، وحرمت عليهم الصدقة، وفرضت لهم الكرامة والمحبة، يتكففون ضراً، ويهلكون فقراً، ويرهن أحدهم سيفه، ويبيع ثوبه، وينظر إلى فيئة بعين مريضة، ويتشدد على دهره بنفس ضعيفة، ليس له ذنب إلا أن جده النبي، وأبوه الوصي، وأمه فاطمة، وجدته خديجة، ومذهبه الإيمان، وإمامه القرآن. وحقوقه مصروفة إلى القهرمانة والمضرطة وإلى المغمزة، إلى المزررة، وخمسه مقسوم على نقار الديكة الدمية، والقردة، وعلى رؤوس اللعبة واللعبة، وعلى مرية الرحلة..
وماذا أقول في قوم حملوا الوحوش على النساء المسلمات، وأجروا لعبادة وذويه الجرايات، وحرثوا تربة الحسين (عليه السلام) بالفدان، ونفوا زواره إلى البلدان، وما أصف من قوم هم: نطف السكارى في أرحام القيان؟ وماذا يقال في أهل بيت منهم نبع البغا، وفيهم راح التخنيث وغداً، وبهم عرف اللواط؟!. كان إبراهيم بن المهدي مغنياً، وكان المتوكل مؤنثاً موضعاً، وكان المعتز مخنثاً، وكان ابن زبيدة معتوهاً مفركاً، وقتل المأمون أخاه، وقتل المنتصر أباه، وسم موسى بن المهدي أمه، وسم المعتضد عمه. ولقد كان في بني أمية مخازي تذكر، ومعائب تؤثر».
الصفحة 106
وبعد أن عدد بعض مخازي بني أمية، ومعائبهم قال:
«.. وهذه المثالب مع عظمها وكثرتها، ومع قبحها وشنعتها، صغيرة وقليلة في جنب مثالب بني العباس، الذين بنوا مدينة الجبارين، وفرقوا في الملاهي والمعاصي أموال المسلمين.. إلى آخر ما قال..»(1).
هذا جانب من رسالة الخوارزمي، وقد كنت أود أن أثبتها بتمامها، لكنني رأيت أن المجال لا يتسع لذلك. وعلى كل فإن:
ذلك كله غيض من فيض. ولعل فيما ذكرناه كفاية..
____________
(1) راجع: رسائل الخوارزمي طبع القسطنطينية سنة 1297 من ص 130، إلى ص 140، ونقل شطراً كبيراً منها: سعد محمد حسن في كتابه: المهدية في الإسلام ابتداء من ص 58 وذكر شطراً منها أيضاً الدكتور أحمد أمين في كتابه ضحى الإسلام ج 3 ص 297 فما بعدها، فراجع. وهي موجودة بتمامها في مجموعة خطية من تأليف سيدي الوالد أيده الله، سماها: «مجمع الفوائد، ومجمل العوائد» ابتداء من ص 45..
الصفحة 107
سياسة العباسيين مع الرعية
نظرة عامة:
لا نريد في هذا الفصل أن نعرض لأنواع القبائح، التي كان العباسييون يمارسونها، فإن ذلك مما لا يمكن الالمام به واستقصاؤه في هذه العجالة.
وإنما نريد فقط أن نعطي لمحة سريعة عن سيرتهم السيئة في الناس، ومدى اضطهادهم وظلمهم لهم، وجورهم عليهم، الأمر الذي أسهم إسهاما كبيراً في كشف حقيقتهم، وبيان واقعهم أمام الملأ.. حتى لقد قال الشعراء في وصف الحالة العامة في زمن خلفائهم الشيء الكثير، فمن ذلك قول سليم العدوي في الثورة على الوضع القائم:
حتى متى لا نرى عدلاً نسر به ولا نرى لولاة الحق أعوانا
مستمسكين بحق قائمين بـــه إذا تلون أهل الجور ألوانـا
يا للرجال لداء لا دواء لـــه وقائد ذي عمي يقتاد عميانا(1)
وقال سديف:
____________
(1) المستطرف ج 1 ص 97، وطبيعة الدعوة العباسية ص 272، وضحى الإسلام ج 2 ص 37.
الصفحة 108
إنا لنأمل أن ترتد ألفتنــا بعد التباعد والشحناء والإحن
وتنقضي دولة أحكام قادتها فينا كأحكام قوم عابدي وثن
فكتب المنصور إلى عبد الصمد بن علي بأن: يدفنه حيا، ففعل(1).
وقد ذكر أبو الفرج أبياتاً كثيرة بالإضافة إلى هذين البيتين، ونسبها يحيى بن عبد الله بن الحسن، بحضرة الرشيد، إلى عبد الله بن مصعب الزبيري، ومن جملتها قوله:
فطالما قد بروا في الجور أعظمنا بري الصناع قداح النبع بالسفن(2)
وقال آخر، وهو أحمد بن أبي نعيم، الذي نفاه المأمون بسبب هذا البيت إلى السند:
ما أحسب الجور ينقضي وعلى الناس أمير من آل عبـــاس(3)
وقد تقدم قول أبي عطاء السندي، المتوفى سنة 180 ه:
يا ليت جور بني مروان دام لنا وليت عدل بني العباس في النــار
وقال الدكتور أحمد محمود صبحي: «.. لكن ذلك المثل الأعلى للعدالة، والمساواة الذي انتظره الناس من العباسيين، قد أصبح وهما من الأوهام، فشراسة المنصور والرشيد، وجشعهم، وجور أولاد علي بن
____________
(1) راجع: العمدة لابن رشيق ج 1 ص 75، 76، والعقد الفريد، طبع دار الكتاب العربي ج 5 ص 87، وهامش طبقات الشعراء ص 41، (2) مقاتل الطالبيين ص 476، 477.
(3) راجع: وفيات الأعيان: ترجمة يحيى بن أكثم، ومروج الذهب ج 3 ص 435، وضحى الإسلام ج 2 ص 38، ونهاية الإرب ج 8 ص 175، وطبيعة الدعوة العباسية ص 273، وطبقات الشعراء ص 378، لكنه نسبه لابن أبي خالد، لكن في العقد الفريد ج 6 ص 418، قد نسب يحيى بن أكثم هذا البيت إلى دعبل.
وفيه: أنه هو الذي نفي إلى السند.
الصفحة 109
عيسى، وعبثهم بأموال المسلمين، يذكرنا بالحجاج، وهشام، ويوسف ابن عمرو الثقفي، وعم الاستياء أفراد الشعب، بعد أن استفتح أبو عبد الله، المعروف ب «السفاح» وكذلك المنصور بالإسراف في سفك الدماء، على نحو لم يعرف من قبل»(1).
ويقول صاحب إمبراطورية العرب: «.. إنه بالرغم من أن جيش خراسان هو الذي أوصل العباسيين إلى الملك، فإن الفتن في خراسان ظلت قائمة في عهد العباسيين، كما كانت في عهد الأمويين. وكان الشعار الذي رفعه الخراسانيون الآن: أنهم هم الذين أوصلوا «آل البيت» إلى الحكم، لإقامة عهد من الرحمة والعدل، لا لإقامة عهد آخر من الطغيان، المتعطش إلى سفك الدماء.. إلى أن يقول:
لكن الشيء الذي لا ريب فيه: هو أن الأحلام بإقامة عهد السلام والعدل، التي كانت السبب في الثورة العامة ضد الأمويين قد تبخرت الآن، ولو لم يكن العباسيون أسوأ حالاً من الأمويين، فإنهم لم يكونوا ـ على أي حال ـ خيراً منهم»(2). وقريب منه كلام غيره(3) وستأتي في فصل: آمال المأمون إلخ. عبارة فان فلوتن الهامة، والقيمة عن الحكم العباسي، وسياساته مع الرعية. فانتظر.
ولعل قصيدة أبي العتاهية، التي مطلعها:
من مبلغ عني الإمام نصائحاً متوالية
____________
(1) نظرية الإمامة ص 381، لكن كنية السفاح هي: «أبو العباس» لا أبو عبد الله و عبد الله هو: اسمه، واسم المنصور أيضاً، الذي كان أكبر من السفاح.
(2) إمبراطورية العرب ص 452.
(3) راجع: حياة الإمام موسى بن جعفر 2 ص 162 عن كتاب: «النكبات» للريحاني، وضحى الإسلام ج 1 ص 127 حتى 131.
الصفحة 110
تعبر تعبيراً صادقاً عن الحالة العامة، التي كانت سائدة آنذاك، وهي معروفة ومشهورة ومذكورة في ديوانه ص 304. وهي بحق من الوثائق الهامة. المعبرة عن واقع الحياة في تلك الفترة من الزمن.
مع موقف الخلفاء بالتفصيل:
وبعد هذا. وإذا ما أردنا أن نقف عند بعض جنايات وجرائم كل واحد منهم فإننا نقول:
أما السفاح:
الذي أظهر نفسه في صورة مهدي(1).
فهو الذي يقول عنه المؤرخون: إنه: «كان سريعاً إلى سفك الدماء، فاتبعه عماله في ذلك، في المشرق والمغرب، واستنوا بسيرته، مثل: محمد بن الأشعث بالمغرب، وصالح بن علي بمصر، وخازم بن خزيمة، وحميد بن قحطبة، وغيرهم»(2). حتى لقد خرج عليه شريك بن شيخ المهري، الذي كان ـ على ما يظهر ـ من دعاة العباسيين ـ خرج عليه ـ ببخارا، في أكثر من ثلاثين ألفاً، فقال: «ما على هذا بايعنا آل محمد، تسفك الدماء،
____________
(1) البداية والنهاية ج 1 ص 69 والتنبيه والإشراف ص 292.
(2) مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 222، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 259. ومشاكلة الناس لزمانهم لليعقوبي ص 22، وليراجع إمبراطورية العرب ص 435.
الصفحة 111
ويعمل بغير الحق..»(1) فوجه إليه السفاح أبا مسلم، فقتله، ومن معه.. وقضية عامل السفاح ـ وهو أخوه، وقيل: ابن أخيه، يحيى ـ مع أهل الموصل، حيث ذبح الآلاف الكثيرة منهم في المسجد. هذه القضية معروفة ومشهورة.
وينص المؤرخون، على أنه: لم يبق من أهل الموصل على كثرتهم إلا أربع مئة إنسان، صدموا الجند، فأفرجوا لهم. كما أنه أمر جنده، فبقوا ثلاثة أيام يقتلون النساء، لأنه سمع أنهن يبكين رجالهن. وينص المؤرخون أيضاً: على أن نفوس أهل الموصل قد ذلت بعد تلك المذبحة، ولم يسمع لهم بعدها صوت، ولا قامت لهم قائمة(2).
وعندما سألت السفاح زوجته أم سلمة، بنت يعقوب بن سلمة: «لأي شيء استعرض ابن أخيك أهل الموصل بالسيف؟!. قال لها: وحياتك ما أدري..»(3)!!.
وقد تقدمت عبارة الدكتور أحمد محمود صبحي عن السفاح والمنصور معاً عن قريب.
____________
(1) الكامل لابن الأثير ج 4 ص 342، والإمامة والسياسة ج 2 ص 139، وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 354 طبع صادر، والبداية والنهاية ج 10 ص 56، وتاريخ التمدن الإسلامي ج 2 ص 402، وغيرهم.. وفي كتاب طبيعة الدعوة العباسية ص 230 قال: إنه «لذلك نقل ولاءه للعلويين، وثار ببخارا، وانضم إليه أنصار العلويين في خراسان، وكذلك ولاة العباسيين على بخارا، وبرزم، وكانت حركته شعبية. وجابه أبو مسلم صعوبات كبيرة في القضاء عليها..» انتهى.
(2) راجع تفاصيل هذه القضية في: النزاع والتخاصم للمقريزي ص 48، 49، والكامل لابن الأثير ج 5 ص 212، حوادث سنة 132، وتاريخ ابن خلدون ج 3 ص 177، وغاية المرام للموصلي ص 115، وتاريخ اليعقوبي، طبع صادر ج 2 ص 357، وشرح ميمية أبي فراس ص 216.
(3) النزاع والتخاصم للمقريزي ص 49، وغير ذلك.
الصفحة 112
وأما المنصور:
الذي أظهر نفسه في صورة مهدي كما يظهر من قول أبي دلامة مخاطباً أبا مسلم الذي قتله المنصور:
أبا مجرم ما غير الله نعمــة على عبده حتى يغيرها العبد
أفي دولة المهدي حاولت غدرة ألا إن أهل الغدر آباءك الكرد(1)
والذي قتل خلقاً كثيراً حتى استقام له الأمر(2).
فأمره في الظلم والجور وانتهاك الحرمات أشهر من أن يذكر، حتى لقد أنكر عليه ذلك: «.. رجل من أعظم الدعاة قدراً، وأعظمهم غناء، وهو أبو الجهم بن عطية، مولى باهلة. وهو الذي أخرج أبا العباس السفاح من موضعه الذي أخفاه فيه أبو سلمة، حفص بن سليمان الخلال، وحرسه، وقام بأمره حتى بويع بالخلافة، فكان أبو العباس يعرف له ذلك. وكان أبو مسلم يثق به، ويكاتبه.
فلما استخلف أبو جعفر المنصور، وجار في أحكامه، قال أبو الجهم: ما على هذا بايعناهم، إنما بايعناهم على العدل، فأسرها أبو جعفر في نفسه، ودعاه ذات يوم. فتغدى عنده، ثم سقاه شربة من سويق اللوز، فلما وقعت في جوفه هاج به وجع، فتوهم: أنه قد سم، فوثب، فقال له المنصور: إلى أين يا أبا الجهم؟! فقال: إلى حيث أرسلتني، ومات بعد يوم أو يومين فقال:
____________
(1) عيون الأخبار لابن قتيبة ج 1 ص 26 والكنى والألقاب ج 1 ص 158. ويحتمل أن يقصد بالمهدي هنا: السفاح.
(2) فوات الوفيات ج 1 ص 232، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 259، وتاريخ الخميس ج 2 ص 324.
الصفحة 113
إحذر سويق اللوز لا تشربنه فإن سويق اللوز أردى أبا الجهم(1).
وأنكر عليه ذلك أيضاً ـ بالإضافة إلى عمه كما تقدم ـ جماعة من قواده، فقاموا عليه، ودعوا الناس إلى موالاة أهل البيت، فحاربهم عبد الرحمان الأزدي سنة 140 ه. فقتل طائفة منهم، وحبس آخرين(2).
وقال الطبري في حوادث سنة 140 ه. أيضاً: «.. وفيها ولي أبو جعفر عبد الجبار بن عبد الرحمن خراسان، فقدمها، فأخذ بها ناساً من القواد، وذكر أنه اتهمهم بالدعاء إلى ولد علي بن أبي طالب، منهم: مجاشع بن حريث الأنصاري، وأبو المغيرة، مولى لبني تميم، واسمه خالد ابن كثير، وهو صاحب قوهستان، والحريش بن محمد الذهلي، ابن عم داوود، فقتلهم وحبس الجنيد بن خالد بن هريم التغلبي، ومعبد بن الخليل المزني، بعد ما ضربهما ضرباً مبرحاً، وحبس عدة من وجوه قواد أهل خراسان..»(3).
ولعل من الأمور الجديرة بالملاحظة هنا: أن المنصور كان يعاشر الراوندية القائلين بألوهيته، ولا ينهاهم ولا يردعهم عن مقالتهم تلك، وعندما سأله أحد المسلمين عن ذلك قال له ـ على ما في تاريخ الطبري ـ: «لأن يكونوا في معصية الله وطاعتنا، أحب إلي من أن يكونوا في طاعة الله ومعصيتنا..».
ولكنه عندما ثاروا عليه في الهاشمية، وضع فيهم السيف وقتلهم، ولكن لا لأجل مقالتهم الشنيعة تلك، وإنما لأجل عدم طاعتهم له!.
____________
(1) النزاع والتخاصم للمقريزي ص 52، وليراجع: الوزراء والكتاب ص 136 ـ 137 وفيه: أن أبا الجهم كان وزيرا للسفاح.
(2) البداية والنهاية ج 10 ص 75.
(3) الطبري، طبع ليدن ج 10 ص 128.
الصفحة 114
هذا.. وعندما قال لعبد الرحمان الإفريقي، رفيق صباه: «كيف رأيت سلطاني من سلطان بني أمية؟».
أجابه عبد الرحمان: «ما رأيت في سلطانهم شيئاً من الجور إلا رأيته في سلطانك..»(1).
وعندما قدم عليه عبد الرحمان هذا من إفريقيا، ودخل عليه، بعد أن بقي ببابه شهراً، لا يستطيع الوصول إليه، قال له عبد الرحمان: «ظهر الجور ببلادنا، فجئت لأعلمك، فإذا الجور يخرج من دارك. ورأيت أعمالاً سيئة، وظلماً فاشياً، ظننته لبعد البلاد منك، فجعلت كلما دنوت منك كان الأمر أعظم». فغضب المنصور. وأمر بإخراجه(2).
وقال لابن أبي ذؤيب: «أي الرجال أنا؟».
فأجابه: «أنت والله عندي شر الرجال، استأثرت بمال الله، ورسوله، وسهم ذوي القربى، واليتامى. والمساكين، وأهلكت الضعيف، وأتعبت القوي، وأمسكت أموالهم(3). وحج أبو جعفر فدعا ابن أبي ذئب، فقال: نشدتك الله، ألست أعمل بالحق؟ أليس تراني أعدل؟ فقال ابن أبي ذئب: أما إذ نشدتني بالله فأقول: اللهم لا، ما أراك تعدل، وإنك لجائر، وإنك لتستعمل الظلمة، وتترك أهل الخير(4).
____________
(1) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 268، وغيره.
(2) تاريخ بغداد ج 10 ص 215، والإمام الصادق، والمذاهب الأربعة المجلد الأول جزء 2 ص 479.
(3) الإمامة والسياسة ج 2 ص 145.
(4) صفة الصفوة ج 2 ص 175.
الصفحة 115
وعندما كان يطوف بالبيت سمع أعرابيا يقول: «اللهم إني أشكو إليك ظهور الفساد، وما يحول بين الحق وأهله، من الطمع»، فطلبه المنصور، فأتي به، فاستمع المنصور منه إلى شرح واف عن الظلم، والجور، والفساد، الذي كان فاشيا آنذاك، وهي قصة طويلة لا مجال لذكرها، وعلى مريدها المراجعة إلى مظانها(1).
ولا بأس بمراجعة ما قاله له عمرو بن عبيد، في موعظته الطويلة له، ومن جملتها: «.. إن وراء بابك نيرانا تتأجج من الجور، والله، ما يحكم وراء بابك بكتاب الله، ولا بسنة نبيه إلخ..»(2).
وقد لقي أعرابياً بالشام، فقال له المنصور: «إحمد الله يا أعرابي، الذي دفع عنكم الطاعون بولايتنا أهل البيت».
فأجابه الأعرابي: «إن الله أعدل من أن يجمعكم علينا والطاعون». فسكت، ولم يزل يطلب له العلل حتى قتله(3).
____________
(1) المحاسن والمساوي من ص 339، إلى ص 341 والعقد الفريد للملك السعيد ص 116، 117، 118، وحياة الحيوان للدميري ج 2 ص 190، 191، طبع سنة 1319، وعيون الأخبار، لابن قتيبة ج 2 من ص 333، إلى ص 336، والعقد الفريد ج 2 ص 104، 105، طبع سنة 1346، وضحى الإسلام ج 2 ص 40، والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 2 ص 480، نقلاً عن: تاريخ ابن الساعي ص 19، والفتوحات الإسلامية لدحلان ج 2 ص 445، حتى 448 مطبعة مصطفى محمد. والموفقيات ص 392، 393 (2) مرآة الجنان لليافعي ج 1 ص 336، 337، والمحاسن والمساوي، طبع صادر ص 338، 339، وعيون الأخبار، لابن قتيبة باختصار ج 2 ص 337، ونور القبس ص 44.
(3) روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار ص 86 وأساس الاقتباس، والبداية والنهاية ج 10 ص 123، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 265، وفي كتاب طبيعة الدعوة العباسية ص 273، نقلاً عن تاريخ دمشق لابن عساكر III ص 391: أن الذي قال للمنصور ذلك هو منصور بن جعونة الكلابي: وأن قوله له هو: «إن الله أعدل من أن يسلط علينا الطاعون والعباسيين معاً».
الصفحة 116
وقد كتب له سديف، الذي كان من المتحمسين للدولة العباسية:
أسرفت في قتل الرعية ظالماً فاكفف يديك أظلها «مهديها»(1)
ويريد ب «مهديها» محمد بن عبد الله بن الحسن على ما يظهر. وقضية الرجل الهمداني، الذي أراد عامل المنصور أن يسلبه ضيعته، فأبي عليه ذلك، فكبله بالحديد، وسيره إلى المنصور، فأودعه السجن أربعة أعوام، لا يسأل عنه أحد، هذه القضية معروفة، ومشهورة(2).
وعندما بنى مدينة: «المصيصية» قد أخذ أموال الناس، حتى ما ترك عند أحد فضلاً(3) وعندما أراد أن يبني مدينة أخرى ثار الناس عليه ووقع القتال، لأنهم علموا أنه سوف لا يبقى عندهم فضلاً أيضاً.
وأما ما فعله عبد الوهاب ابن أخي المنصور في أهل فلسطين، فذلك يفوق كل وصف ويتجاوز كل بيان(4).
بعض ما يقال عن المنصور:
وأخيراً.. فقد قال عنه البيهقي إنه: «كان يعلق الناس من أرجلهم، حتى يؤدوا ما عليهم»(5).
____________
(1) العقد الفريد، طبع دار الكتاب العربي ج 5 / 88. ويقال: إن هذا هو سبب قتل سديف.
(2) شرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون ص 281، 282، ومروج الذهب ج 3 ص 288.
(3) تاريخ اليعقوبي ج 3 / 121.
(4) الوزراء والكتاب ص 137، (5) المحاسن والمساوي ص 339.
الصفحة 117
هذا.. وقد وصف اليافعي والذهبي المنصور بأنه كان: «فيه جبروت وظلم»(1).
ووصفه السيد أمير علي بأنه: «كان غادراً خداعاً، لا يتردد البتة في سفك الدماء.. إلى أن قال: وعلى الجملة: كان أبو جعفر سادراً في بطشه، مستهتراً في فتكه. وتعتبر معاملته لأولاد علي من أسوأ صفحات التاريخ العباسي»(2).
ولا بأس بمراجعة ما قاله الريان، مولى المنصور لجعفر بن أبي جعفر، حيث ينص على أنه قتل أهل الدنيا، ممن لا يعد ولا يحصى، وإن فرعون لا يقاس به(3).
وأما المهدي:
الذي اتخذ الزندقة ذريعة للفتك بالأبرياء.. فقد كفانا الجهشياري مؤونة الحديث عنه، حيث قال: إنه في زمن المهدي هذا:
«كان أهل الخراج يعذبون بصنوف من العذاب، من السباع، والزنابير والسنانير»(4). وقد خرج عليه يوسف البرم بخراسان، منكرا عليه أحواله، وسيرته، وما يتعاطاه(5).
____________
(1) العبر للذهبي ج 1 / 230، ومرآة الجنان لليافعي ج 1 / 334.
(2) مختصر تاريخ العرب والتمدن الإسلامي ص 184، وليراجع تاريخ التمدن الإسلامي ج 4 / 399. والتاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج 3 / 61.
(3) الوزراء والكتاب ص 130.
(4) الوزراء والكتاب ص 142.
(5) البداية والنهاية ج 10 / 131.
الصفحة 118
وأما الهادي:
فقد كان: «يتناول المسكر، ويحب اللهو والطرب، وكان ذا ظلم وجبروت»(1).
وكان: «سيّء الأخلاق، قاسي القلب، جباراً، يتناول المسكر، ويلعب»(2).
وقد قال عنه الجاحظ: «كان الهادي شكس الأخلاق، صعب المرام، سيء الظن. قل من توقاه، وعرف أخلاقه إلا أغناه، وما كان شيء أبغض إليه من ابتدائه بسؤال. وكان يأمر للمغني بالمال الخطير الجزيل»(3).
وقال الجهشياري: «كان فظاً قاسياً، غير مأمون على وفاء بوعد»(4).
نعم.. لقد كان يأمر للمغني بالمال الجزيل الخطير ـ من بيت مال المسلمين ـ كما يقول الجاحظ.. وقد بلغ من إسرافه في إجازة الخلعاء والمغنين، أن دفع إسحاق الموصلي لأن يقول: «لو عاش لنا الهادي لبنينا حيطان دورنا بالذهب والفضة»(5) وأخيراً.. فقد قال عنه الذهبي: «قد كان جباراً ظالم النفس»(6) إلى آخر ما هنالك مما لا مجال لنا هنا لتتبعه.
____________
(1) تاريخ الخميس ج 2 / 331.
(2) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 279، وغيره.
(3) التاج للجاحظ ص 81.
(4) الوزراء والكتاب ص 174.
(5) الأغاني، طبع دار الكتب بالقاهرة ج 5 / 163.
(6) العبر للذهبي ج 1 / 258. ولا بأس بمراجعة: مشاكلة الناس لزمانهم ص 24.
الصفحة 119
وأما الرشيد:
فسيرته تكفي عن كل بيان.. ويكفيه أنه ـ كما ينص المؤرخون ـ يشبه المنصور في كل شيء إلا في بذل المال(1)، حيث يقولون إن المنصور كان بخيلاً.
وقد تسلط ـ كالمنصور ـ بعد مدة من خلافته على الأمور، فأفسد الصنايع، وأحب جمع الأموال(2).
«وكان جباراً سفاكاً للدماء، على نمط من ملوك الشرق المستبدين»(3). وقد عسف عامله أهل خراسان، وقتل ملوكها، ووجوه أهلها وأشرافها وصناديدها، وأخذ أموالهم. فأرسلها إلى الرشيد، الأمر الذي كان سبباً في انتقاضها عليه(4).
وكان يعذب الناس في الخراج، حيث: «أخذ العمال، والتناء، والدهاقين، وأصحاب الصنايع، والمبتاعين للغلات، والمقبلين. وكان عليهم أموال مجتمعة، فولى مطالبتهم عبد الله بن الهيثم بن سام. فطالبهم بصنوف من العذاب. إلى أن دخل عليه ابن عياض، فرأى الناس يعذبون في الخراج، فقال: ارفعوا عنهم، إني سمعت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من عذب الناس في الدنيا عذبه الله يوم القيامة، فأمر بأن يرفع العذاب عن الناس، فرفع..»(5).
____________
(1) ولكن لا في سبيل الله، وإنما على ملذاته وشهواته، وعلى المغنين والمضرطين كما في رسالة الخوارزمي المتقدمة، وكما ينص عليه أي كتاب تاريخي يتحدث عن سيرته وأفعاله.
(2) التنبيه والإشراف ص 299.
(3) هذا قول الأمير شكيب أرسلان، في تعليقته على: حاضر العالم الإسلامي، نقلها عنه: محمد بن عقيل هامش ص 20 من كتابه: العتب الجميل.. وهو من منشورات هيئة البحوث الإسلامية في إندونيسيا.
(4) الوزراء والكتاب ص 228.
(5) تاريخ اليعقوبي ج 3 / 146.