بسم الله الرحمن الرحيم
اللهـــــــــــــــــــــــم صلي وسلم على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم وأنصرنا بهم ياااااااااكريم يا أرحم الرحمين
سلام من المولى القدير عليكم ورحمة وبركاته
يوم المباهله ....والتصدق بالخاتم
عندما قدم وفد نجران المسيحى يجادل النبى فى طبيعه المسيح، ونزول آيه المباهله: (قل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل الى اللّه ) فقد خرج النبى ومعه على وفاطمه والحسن والحسين ليباهل بهم وفد نجران.
وفيما يتعلق بمباهلة سيد أهل الوجود لذوي الجحود الذي لا يساوي ولا يجازي ، وظهور حجته على النصارى والحبارى ، وان في يوم مثله تصديق أمير المؤمنين بالخاتم ونذكر ما يعمل من المراسيم
فصل 1 : انقاذ النبي لرسله إلى نصارى نجران ودعائهم إلى الإسلام والإيمان ومناظرتهم فيما بينهم ...
فصل 2 - 5 : فيما نذكره من زيادة في فضل أهل المباهله والسعادة - فضل يوم المباهلة عن طريق المعقود.
دعــاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم المباهلة.
دعــاء المباهلة والانابة عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.
فصل 6 : فيما نذكره في يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة ايضا لأهل المواسم من المراسيم ...
فصل 7 - 9 : فيما نذكره من الاشارة إلى بعض من روي ان هذه الآية إنما وليكم الله ، نزلت في علي عليه السلام
فيما نذكره بليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ويومها
فصل 1 : الرواية بصدقة مولانا علي ومولاتنا فاطمة صلوات الله عليهما في هذه الليلة على المسكين واليتيم والاسير.
فصل 2 - 3 : فيما نذكره من العبادات لرب العالمين في ليلة خمس وعشرين,
وان شاء الله سنتناول تحت هذا الموضوع نقاط عديدة يدور الحديث فيها حول هذه المناسبتين
سوف نتحدث الليله عن يوم المباهله في عدة نقاط ..
فصل ( 1 ) :فيما نذكره من انفاذ النبي صلى الله عليه وآله لرسله الى نصارى نجران ودعائهم الى
الاسلام والايمان ، ومناظرتهم فيما بينهم ، وظهور تصديقه فيما دعا إليه
روينا ذلك بالاسانيد الصحيحة والروايات الصريحة الى أبى المفضل محمد بن المطلب الشيباني رحمه الله من كتاب المباهلة ، ومن أصل كتاب الحسن بن اسماعيل بن اشناس من كتاب عمل ذى الحجة ، فيما رويناه بالطرق الواضحة عن ذوى الهمم الصالحة ، لا حاجة الى ذكر اسمائهم ، لأن المقصود ذكر كلامهم ، قالوا : لما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة ، وانقادت له العرب ، وارسل رسله ودعائه الى الامم ، وكاتب الملكين ، كسرى وقيصر ، يدعوهما الى الاسلام ، والا أقرا بالجزيةوالصغار ، والا أذنا بالحرب العوان (1) ، أكبر شأنه نصارى نجران وخلطاؤهم من بنى عبدالمدان وجميع بنى الحارث بن كعب ، ومن ضوى إليهم (2) ، ونزل بهم من دهماء الناس (3)على اختلافهم هناك في دين النصرانية من الا روسية والسالوسية واصحاب دين الملك والمارونية والعباد والنسطورية ، واملأت قلوبهم على تفاوت منازلهم رهبة منه ورعبا ، فانهم كذلك من شأنهم . إذا وردت عليهم رسل رسول الله صلى الله عليه وآله بكتابه ، وهم عتبة بن غزوان وعبد الله بن أبى امية والهدير بن عبد الله اخو تيم بن مرة وصهيب بن سنان اخو النمر بن قاسط ، يدعوهم الى الاسلام ، فان اجابوا فاخوان ، وان ابوا واستكبروا فالى الخطة (4) المخزنية (5) الى اداء الجزية عن يد ، فان رغبوا عما دعاهم إليه من احد المنزلين (6) وعندوا فقد آذانهم على سواء ، وكان في كتابه صلى الله عليه وآله : (قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله ، فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون ) (7) . قالوا : وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقاتل قوما حتى يدعوهم ، فازداد القوم
لورود رسل نبى الله صلى الله عليه وآله وكتابه نفورا وامتزاجا ، ففزعوا لذلك الى بيعتهم العظمى وامروا ، ففرش أرضها وألبس جدرها بالحرير والديباج ، ورفعوا الصليب الأعظم ، وكان من ذهب مرصع ، انفذه إليهم قيصر الأكبر ، وحضر ذلك بنى الحارث بن كعب ، وكانوا ليوث الحرب فرسان الناس ، قد عرفت العرب ذلك لهم في قديم ايامهم في الجاهلية . فاجتمع القوم جميعا للمشورة والنظر في امورهم ، واسرعت إليهم القبائل من مذحج ، وعك وحمير وانمار ، ومن دنا منهم نسبا ودارا من قبائل سبا ، وكلهم قد ورم انفه غضبا لقومهم ، ونكص من تكلم منهم بالاسلام ارتدادا . فخاضوا وافاضوا في ذكر المسير بنفسهم وجمعهم الى رسول الله صلى الله عليه وآله والنزول به بيثرب لمناجزته (9) ، فلما رأى أبو حامد حصين بن علقمة - اسقفهم الأول وصاحب مدارسهم
وعلامهم ، وكان رجلا من بنى بكربن وائل - ما ازمع (10) القوم عليه من اطلاق الحرب ، دعا بعصابة فرفع بها حاجبيه عن عينيه ، وقد بلغ يومئذ عشرين ومائة سنة . ثم قام فيهم خطيبا معتمدا على عصى وكانت فيه بقية وله رأى وروية وكان موحدا
يؤمن بالمسيح وبالبنى عليهما السلام ويكتم ذلك من كفرة قومه واصحابه . فقال : مهلا بنى عبدالمدان مهلا ، استديموا العافية والسعادة ، فانهما مطويان في الهوادة (11) ، دبوا (12) الى قوم في هذا الأمر دبيب الزور ، واياكم والسورة العجلى ، فان
البديهة بها لا يبجب (13) ، انكم والله على فعل ما لم تفعلوا اقدر منكم على رد ما فعلتم ، الا ان النجاة مقرونة بالاناة ، الارب احجام (14) افضل من اقدام ، وكائن من قول ابلغ من وصوله . ثم امسك ، فأقبل عليه كرزبن سبرة الحارثى ، وكان يومئذ
زعيم بنى الحارث بن كعب ، وفى بيت شرفهم ، والمعصب فيهم وأمير حروبهم ، فقال : لقد انتفخ (15) سحرك واستطير قلبك ابا حارثة ، فضلت كالمسبوع النزاعة الهلوع (16) ، تضرب لنا الأمثال وتخوفنا النزال (17) ، لقد علمت وحق المنان بفضيلة
الحفاظ بالنوء باللعب ، وهو عظيم ، وتلقح (18) الحرب وهى عقيم تثقف اورد الملك الجبار ولنحن اركان الرايس وذى المنار الذين شددنا ملكهما وامرنا مليكهما ، فأى ايامنا ينكرام لايهما ويك تلمز (20) ، فما اتى على آخر كلامه حتى انتظم نصل نبلة كانت في يده بكفه غيظا وغضبا وهو لايشعر .
--------------------------------------
هوامش:
(1) الحرب العوان : الحرب التى قوتل فيها مرة بعد الاخرى ، وهى أشد الحروب .
(2) ضويت إليه : إذا اديت إليه .
(3) دهماء الناس : جماعتهم .
(4) الخطة : الأمر والقصة .
(5) المخوفة ( خ ل ) .
(6) المنزلين ( خ ل ) .
(7) آل عمران : 67 .
نكص عن الأمر : احجم عنه .
(9) ناجزه : بارزه وقاتله .
(10) ازمعت على أمر : أثبت عليه .
(11) الهوادة : الصلح .
(12) دب : مشى كالحيلة أو على اليدين والرجلين كالطفل .
(13) نجب : حمد في نظره أو قوله أو فعله .
(14) حجم عن الشئ : منع .
(15) انتفخ : علا .
(16) الهلوع : من يفزع من الشر .
(17) النزال : الحرب .
(18) لقح الحرب : هاجت بعد سكون . ( * )
----------------------------------------------------------
فلما امسك كرزبن سبرة أقبل عليه العاقب ، واسمه عبدالمسيح بن شرحبيل ، وهو يومئذ عميد القوم وامير رأيهم وصاحب مشورتهم ، الذى لا يصدرون جميعا الا عن قوله ، فقال له : افلح وجهك وانس ربعك (2) وعز جارك وامتنع ذمارك (3) ،ذكرت وحق مغبرة الجباه (4) حسبا صميما ، وعيصا (5) كريما وعزا قديما ، ولكن ابا سبرة لكل مقام مقال ، ولكل عصر رجال ، والمرء بيومه أشبه منه بأمسه ، وهى الأيام تهلك جبلا ، وتديل قبيلا ، والعافية أفضل جلباب ، وللافات اسباب ، فمن أوكد اسبابها لتعرض لأبوابها ، ثم صمت العاقب مطرقا . فأقبل عليه السيد واسمه اهتم بن النعمان ، وهو يومئذ اسقف نجران ، وكان نظير العاقب في علو المنزلة ، وهو رجل من عاملة وعداده في لخم (6) ، فقال له سعد : جدك وسما جدك ابا وائلة ، ان لكل لامعة ضياء ، وعلى كل صواب نورا ، ولكن لا يدركه وحق واهب العقل الا من كان بصيرا ،انك افضيت وهذان فيما تصرف بكما الكلم الى سبيلى حزن وسهل ، ولكل على تفاوتكم حظ من الرأى الربيق (7) والأمر الوثيق إذااصيب به مواضعه ، ثم ان اخا قريش قد نجدكم لخطب عظيم وأمر جسيم ، فما عندكم فيه قولوا وانجزوا ، أبخوع (9) واقرار ام نزوع (10) .
* هامش *
(2) الربع : الدار ، المنزلة ، جماعة الناس .
(3) الذمار : ما يلزمك حفظه .
(4) أي الجباه المغبرة .
(5) أي نسبا .
(6) أي من قبيلة لخم .
(7) الرأى الربيق : الذى عليه العزم كأنه كناية عن الشديد .
نجز الحاجة : قضاها .
(9) البخوع : الطاعة والخضوع .
(10) أي انتهاء عنه . ( * )
--------------------------------------------------------------------
قال عتبة والهدير والنفر من اهل نجران ، فعاد كرزبن سبرة لكلامه وكان كميا (1) ابيا ، فقال : أنحن نفارق دينا رسخت عليه عروقنا ومضى عليه آباؤنا وعرف ملوك الناس ثم العرب ذلك منا ، أنتهالك (2) الى ذلك أم نقرب الجزية وهى الخزية حقا ،لا والله حتى نجرد البواتر (3) من أغمادها ، ونذهل الحلائل (4) عن أولادها ،أو تشرق (5) نحن محمد بدمائنا ، ثم يديل (6) الله عز وجل بنصره من يشاء . قال له السيد : اربع (7) على نفسك وعلينا أباسبرة ، فان سل السيف يسل السيف ، وان محمدا قد بخعت له العرب ، وأعطته طاعتها وملك رجالها واعنتها ، وجرت أحكامه في أهل الوبر (9) منهم والمدر (10) ، ورمقه (11) الملكان العظيمان كسرى وقيصر ، فلا أراكم والروح لو نهد (12) لكم ، الا وقد تصدع عنكم من خف معكم من هذه القبائل ، فصرتم جفاء كأمس الذاهب أو كلحم على وضم (13) . وكان فيهم رجل يقال له : جهير بن سراقة البارقى من زنادقة نصارى العرب ، وكان له منزلة من ملوك النصرانية ، وكان مثواه بنجران ، فقال له اباسعاد (14) : قل في أمرنا وانجدنا برأيك ، فهذا مجلس له ما بعده . فقال : فانى أرى لكم أن تقاربوا محمدا وتطيعوه في بعض ملتمسه عندكم ،ولينطلق وفودكم الى ملوك اهل ملتكم الى الملك الأكبر بالروم قيصر ، والى ملوك هذه الجلدة السوداء الخمسة ، يعنى ملوك السودان ، ملك النوبة وملك الحبشة وملك علوه وملك الرعا (1) وملك الراحات ومريس والقبط ، وكل هؤلاء كانوا نصارى .
* هامش *
(1) كم : إذا قتل الشجعان .
(2) تهالك في الأمر أو العدو : جدفيه مستعجلا .
(3) البواتر : السيوف .
(4) الحليل ج حلائل : الزوج لانه يحل امرأته وتحل معه .
(5) تشرق : تظهر .
(6) يديل : ينصر .
(7) اربع : ارفق .
بخعت : اطاعت .
(9) الوبر ، هو للابل كالصوف للغنم ، أهل الوبر : أهل البدو .
(10) المدر : الطين ، أهل المدر : أهل المدن والقرى لأن بنيانها غالبا من المدر
(11) رمقه : نظر إليه .
(12) نهد : نهض .
(13) الوضم : كل شئ يجعل عليه اللحم من خشب .
(14) سعد ( خ ل ) . ( * )
(1) ملك حبشة ، ملك عليه ، ملك الرعانة ( خ ل )
----------------------------------------------------------------
قال : وكذلك من ضوى (2) الى الشام وحل بها من ملوك غسان ولخم وجذام وقضاعة ، وغيرهم ، من ذوى يمنكم فهم لكم عشيرة وموالى واعوان وفى الدين اخوان ، يعنى انهم نصارى ، وكذلك نصارى الحيرة من العباد وغيرهم ، فقد صبت الى دينهم قبائل تغلب بنت وائل وغيرهم من ربيعة بن نزار ، لتسير وفودكم . ثم لتخرق إليهم البلاد اغذاذا (3) ، فيستصرخونهم لدينكم فيستنجدكم (4) الروم وتسير اليكم الاساودة (5) مسير اصحاب الفيل ، وتقبل اليكم نصارى العرب من ربيعة اليمن .
فإذا وصلت الامداد واردة ، سرتم انتم في قبائلكم وسائر من ظاهركم وبذل نصره وموازرته لكم ، حتى تضاهئون (6) من انجدكم (7) واصرخكم ، من الاجناس ، والقبائل الواردة عليكم ، فاموامحمدا حتى تنجوا به جميعا ، فسيعتق اليكم وافدالكم من صبا (9) إليه ، مغلوبا مقهورا ، وينعتق به من كان منهم في مدرته (10) مكثورا (11) ، فيوشك ان تصطلموا (12) حوزته وتطفؤوا جمرته . ويكون لكم بذلك الوجه والمكان في الناس ، فلا تتمالك العرب حيئنذ حتى تتهافت دخولا في دينكم ، ثم لتعظمن بيعتكم هذه ، ولتشرفن ، حتى تصير كالكعبة المحجوجة (1) بتهامة ، هذا الرأى فانتهزوه (2) ، فلا رأى لكم بعده .
* هامش *
(1) ملك حبشة ، ملك عليه ، ملك الرعانة ( خ ل ) .
(2) ضوى إليه : انضم ولجأ .
(3) اغذاذا : سريعا .
(4) استنجد : استعان وقوى بعد الضعف .
(5) الاساودة : جماعة سودان .
(6) ضاهاه : شاكله .
(7) نجده : اعانه .
امة : قصده .
(9) صبا : مال .
(10) مدرته : بلده .
(11) مكثورا : المغلوب بالكثرة .
(12) الاصطلاء : الاستيصال . ( * )
(1) حج : قصد .
(2) انتهزوه : اغتنموه .
-----------------------------------------------
فاعجب القوم كلام جهيربن سراقة ، ووقع منهم كل موقع ، فكاد أن يتفرقوا على العمل به ، وكان فيهم رجل من ربيعة بن نزار من بنى قيس بن ثعلبة ، يدعى حارثة بن اثال على دين المسيح عليه السلام ، فقام حارثة على قدميه واقبل على جهير ، وقال متمثلا :
متى ماتقد بالباطل الحق بابه * وان قلت بالحق الرواسى ينقد
إذا ما أتيت الأمر من غير بابه * ضللت وان تقصد الى الباب تهتد
ثم استقبل السيد والعاقب والقسيسين والرهبان وكافة نصارى نجران بوجهه لم تخلط معهم غيرهم ، فقال (3) : سمعا سمعا يا ابناء الحكمة وبقايا حملة الحجة ، ان السعيد والله من نفعته الموعظة ولم يعش (4) عن التذكرة ، ألا وانى أنذركم واذكركم قول مسيح الله عز وجل - ثم شرح وصيته ونصه على وصيه شمعون بن يوحنا وما يحدث على امته من الافتراق . ثم ذكر عيسى عليه السلام وقال : ان الله جل جلاله أوحى إليه : فخذ يابن امتى كتابي بقوة ثم فسره لأهل سوريا بلسانهم ، واخبرهم انى انا الله لا اله الا انا ، الحى القيوم البديع الدائم الذى لا أحول ولا أزول ، انى بعثت رسلي ونزلت كتبي رحمة ونورا عصمة لخلقي ، ثم انى باعث بذلك نجيب رسالتي ، احمد صفوتي من بريتى البار قليطا عبدى ارسله في خلو من الزمان ،ابعثه بمولده فاران من مقام أبيه ابراهيم عليه السلام ، انزل عليه توراة حديثة ، افتح بها أعينا عميا ، واذنا صما ، وقلوبا غلفا (5) ، طوبى لمن شهد ايامه وسمع كلامه ، فامن به واتبع النور الذى جاء به ، فإذا ذكرت يا عيسى ذلك النبي
فصل عليه فانى وملائكتي نصلى عليه . قال : فما أتى حارثة بن اثال على قوله هذا حتى اظلم بالسيد والعاقب مكانهما ، وكرها ما قام به في الناس معربا ومخبرا عن المسيح عليه السلام بما اخبر وقدم من ذكر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنهما كانا قد أصابا بمواضعهما من دينهما شرفا بنجران ووجها عند ملوك النصرانية جميعا ، وكذلك عند سوقتهم وعربهم في البلاد ، فاشفقا ان يكون ذلك سببا لا نصراف قومها عن طاعتهما لدينهما وفسخا لمنزلتهما في الناس .
* هامش *
(1) حج : قصد .
(2) انتهزوه : اغتنموه .
(3) يعنى حارثة .
(4) عشوت الى النار : إذا استدللت إليها بسير ضعيف ، وإذا صدرت عنه الى
غيره قلت : عشوت عنه .
(5) الاغلف ج غلف : الذى لا يعى شيئا . ( * )
---------------------------------------------------------------------------
فأقبل العاقب على حارث فقال : امسك عليك ياحار ، فان راد هذا الكلام عليك اكثر من قابله ، ورب قول يكون بلية على قائله ، وللقلوب نفرات عند الاصداع (1) بمظنون الحكمة ، فاتق نفورها ، فلكل نبأ اهل ، ولكل خطب محل ، وانما الدرك (2) مااخذ لك بمواضى النجاة ، وألبسك جنة السلامة ، فلا تعدلن بهما حظا ، فانى لم آلك لا أبا لك نصحا ثم ارم (3) . فأونحب السيد ان يشرك العاقب في كلامه ، فأقبل على حارثة فقال : انى لم أزل أتعرف لك فضلا تميل اليك الالباب ، فاياك ان تقعدمطية اللجاج ، وان توجف الى السراب (4) ، فمن عذر بذلك فلست فيه ايها المرء بمعذور ، وقد اغفلك أبو واثلة ، وهو ولى أمرنا وسيد حضرنا عتابا فأوله (5) اعتبارا (6) . ثم تعلم ان ناجم (7) قريش يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله يكون رزؤه قليلا ، ثم ينقطع ويخلو ، ان بعد ذلك قرن يبعث في آخره النبي المبعوث بالحكمة والبيان والسيف والسلطان ، يملك ملكا مؤجلا ، تطبق فيه امته المشارق والمغارب ، ومن ذريته الأمير الظاهر يظهر على جميع الملكات والأديان ، ويبلغ ملكه ما طلع عليه الليل والنهار ، وذلك ياحار أمل من ورائه أمد ومن دونه أجل ، فتمسك من دينك بما تعلم وتمنع لله أبوك من أنس متصرم بالزمان أو لعارض من الحدثان ، فانما نحن ليومن ولغد أهله.
* هامش *
(1) الصدع : الشق ، صدع بالأمر : تظلم به جهارا .
(2) الدرك : اللحاق والوصول .
(3) ارم القوم : سكتوا .
(4) الال والسراب ( خ ل ) ، الال الذى تراه اول النهار
وآخره يرفع الشخوص وليس بالسراب .
(5) اوله : اعطه .
(6) اعتابا ( خ ل ) .
(7) ناجم قريش أي الرجل الظاهر منهم ، من نجم الشئ إذا اظهر .
الرزء : المصيبة . ( * )
------------------------------------------------------------------------
يتبـــــــــع
اللهـــــــــــــــــــــــم صلي وسلم على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم وأنصرنا بهم ياااااااااكريم يا أرحم الرحمين
سلام من المولى القدير عليكم ورحمة وبركاته
يوم المباهله ....والتصدق بالخاتم
عندما قدم وفد نجران المسيحى يجادل النبى فى طبيعه المسيح، ونزول آيه المباهله: (قل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل الى اللّه ) فقد خرج النبى ومعه على وفاطمه والحسن والحسين ليباهل بهم وفد نجران.
وفيما يتعلق بمباهلة سيد أهل الوجود لذوي الجحود الذي لا يساوي ولا يجازي ، وظهور حجته على النصارى والحبارى ، وان في يوم مثله تصديق أمير المؤمنين بالخاتم ونذكر ما يعمل من المراسيم
فصل 1 : انقاذ النبي لرسله إلى نصارى نجران ودعائهم إلى الإسلام والإيمان ومناظرتهم فيما بينهم ...
فصل 2 - 5 : فيما نذكره من زيادة في فضل أهل المباهله والسعادة - فضل يوم المباهلة عن طريق المعقود.
دعــاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم المباهلة.
دعــاء المباهلة والانابة عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.
فصل 6 : فيما نذكره في يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة ايضا لأهل المواسم من المراسيم ...
فصل 7 - 9 : فيما نذكره من الاشارة إلى بعض من روي ان هذه الآية إنما وليكم الله ، نزلت في علي عليه السلام
فيما نذكره بليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ويومها
فصل 1 : الرواية بصدقة مولانا علي ومولاتنا فاطمة صلوات الله عليهما في هذه الليلة على المسكين واليتيم والاسير.
فصل 2 - 3 : فيما نذكره من العبادات لرب العالمين في ليلة خمس وعشرين,
وان شاء الله سنتناول تحت هذا الموضوع نقاط عديدة يدور الحديث فيها حول هذه المناسبتين
سوف نتحدث الليله عن يوم المباهله في عدة نقاط ..
فصل ( 1 ) :فيما نذكره من انفاذ النبي صلى الله عليه وآله لرسله الى نصارى نجران ودعائهم الى
الاسلام والايمان ، ومناظرتهم فيما بينهم ، وظهور تصديقه فيما دعا إليه
روينا ذلك بالاسانيد الصحيحة والروايات الصريحة الى أبى المفضل محمد بن المطلب الشيباني رحمه الله من كتاب المباهلة ، ومن أصل كتاب الحسن بن اسماعيل بن اشناس من كتاب عمل ذى الحجة ، فيما رويناه بالطرق الواضحة عن ذوى الهمم الصالحة ، لا حاجة الى ذكر اسمائهم ، لأن المقصود ذكر كلامهم ، قالوا : لما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة ، وانقادت له العرب ، وارسل رسله ودعائه الى الامم ، وكاتب الملكين ، كسرى وقيصر ، يدعوهما الى الاسلام ، والا أقرا بالجزيةوالصغار ، والا أذنا بالحرب العوان (1) ، أكبر شأنه نصارى نجران وخلطاؤهم من بنى عبدالمدان وجميع بنى الحارث بن كعب ، ومن ضوى إليهم (2) ، ونزل بهم من دهماء الناس (3)على اختلافهم هناك في دين النصرانية من الا روسية والسالوسية واصحاب دين الملك والمارونية والعباد والنسطورية ، واملأت قلوبهم على تفاوت منازلهم رهبة منه ورعبا ، فانهم كذلك من شأنهم . إذا وردت عليهم رسل رسول الله صلى الله عليه وآله بكتابه ، وهم عتبة بن غزوان وعبد الله بن أبى امية والهدير بن عبد الله اخو تيم بن مرة وصهيب بن سنان اخو النمر بن قاسط ، يدعوهم الى الاسلام ، فان اجابوا فاخوان ، وان ابوا واستكبروا فالى الخطة (4) المخزنية (5) الى اداء الجزية عن يد ، فان رغبوا عما دعاهم إليه من احد المنزلين (6) وعندوا فقد آذانهم على سواء ، وكان في كتابه صلى الله عليه وآله : (قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله ، فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون ) (7) . قالوا : وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقاتل قوما حتى يدعوهم ، فازداد القوم
لورود رسل نبى الله صلى الله عليه وآله وكتابه نفورا وامتزاجا ، ففزعوا لذلك الى بيعتهم العظمى وامروا ، ففرش أرضها وألبس جدرها بالحرير والديباج ، ورفعوا الصليب الأعظم ، وكان من ذهب مرصع ، انفذه إليهم قيصر الأكبر ، وحضر ذلك بنى الحارث بن كعب ، وكانوا ليوث الحرب فرسان الناس ، قد عرفت العرب ذلك لهم في قديم ايامهم في الجاهلية . فاجتمع القوم جميعا للمشورة والنظر في امورهم ، واسرعت إليهم القبائل من مذحج ، وعك وحمير وانمار ، ومن دنا منهم نسبا ودارا من قبائل سبا ، وكلهم قد ورم انفه غضبا لقومهم ، ونكص من تكلم منهم بالاسلام ارتدادا . فخاضوا وافاضوا في ذكر المسير بنفسهم وجمعهم الى رسول الله صلى الله عليه وآله والنزول به بيثرب لمناجزته (9) ، فلما رأى أبو حامد حصين بن علقمة - اسقفهم الأول وصاحب مدارسهم
وعلامهم ، وكان رجلا من بنى بكربن وائل - ما ازمع (10) القوم عليه من اطلاق الحرب ، دعا بعصابة فرفع بها حاجبيه عن عينيه ، وقد بلغ يومئذ عشرين ومائة سنة . ثم قام فيهم خطيبا معتمدا على عصى وكانت فيه بقية وله رأى وروية وكان موحدا
يؤمن بالمسيح وبالبنى عليهما السلام ويكتم ذلك من كفرة قومه واصحابه . فقال : مهلا بنى عبدالمدان مهلا ، استديموا العافية والسعادة ، فانهما مطويان في الهوادة (11) ، دبوا (12) الى قوم في هذا الأمر دبيب الزور ، واياكم والسورة العجلى ، فان
البديهة بها لا يبجب (13) ، انكم والله على فعل ما لم تفعلوا اقدر منكم على رد ما فعلتم ، الا ان النجاة مقرونة بالاناة ، الارب احجام (14) افضل من اقدام ، وكائن من قول ابلغ من وصوله . ثم امسك ، فأقبل عليه كرزبن سبرة الحارثى ، وكان يومئذ
زعيم بنى الحارث بن كعب ، وفى بيت شرفهم ، والمعصب فيهم وأمير حروبهم ، فقال : لقد انتفخ (15) سحرك واستطير قلبك ابا حارثة ، فضلت كالمسبوع النزاعة الهلوع (16) ، تضرب لنا الأمثال وتخوفنا النزال (17) ، لقد علمت وحق المنان بفضيلة
الحفاظ بالنوء باللعب ، وهو عظيم ، وتلقح (18) الحرب وهى عقيم تثقف اورد الملك الجبار ولنحن اركان الرايس وذى المنار الذين شددنا ملكهما وامرنا مليكهما ، فأى ايامنا ينكرام لايهما ويك تلمز (20) ، فما اتى على آخر كلامه حتى انتظم نصل نبلة كانت في يده بكفه غيظا وغضبا وهو لايشعر .
--------------------------------------
هوامش:
(1) الحرب العوان : الحرب التى قوتل فيها مرة بعد الاخرى ، وهى أشد الحروب .
(2) ضويت إليه : إذا اديت إليه .
(3) دهماء الناس : جماعتهم .
(4) الخطة : الأمر والقصة .
(5) المخوفة ( خ ل ) .
(6) المنزلين ( خ ل ) .
(7) آل عمران : 67 .
نكص عن الأمر : احجم عنه .
(9) ناجزه : بارزه وقاتله .
(10) ازمعت على أمر : أثبت عليه .
(11) الهوادة : الصلح .
(12) دب : مشى كالحيلة أو على اليدين والرجلين كالطفل .
(13) نجب : حمد في نظره أو قوله أو فعله .
(14) حجم عن الشئ : منع .
(15) انتفخ : علا .
(16) الهلوع : من يفزع من الشر .
(17) النزال : الحرب .
(18) لقح الحرب : هاجت بعد سكون . ( * )
----------------------------------------------------------
فلما امسك كرزبن سبرة أقبل عليه العاقب ، واسمه عبدالمسيح بن شرحبيل ، وهو يومئذ عميد القوم وامير رأيهم وصاحب مشورتهم ، الذى لا يصدرون جميعا الا عن قوله ، فقال له : افلح وجهك وانس ربعك (2) وعز جارك وامتنع ذمارك (3) ،ذكرت وحق مغبرة الجباه (4) حسبا صميما ، وعيصا (5) كريما وعزا قديما ، ولكن ابا سبرة لكل مقام مقال ، ولكل عصر رجال ، والمرء بيومه أشبه منه بأمسه ، وهى الأيام تهلك جبلا ، وتديل قبيلا ، والعافية أفضل جلباب ، وللافات اسباب ، فمن أوكد اسبابها لتعرض لأبوابها ، ثم صمت العاقب مطرقا . فأقبل عليه السيد واسمه اهتم بن النعمان ، وهو يومئذ اسقف نجران ، وكان نظير العاقب في علو المنزلة ، وهو رجل من عاملة وعداده في لخم (6) ، فقال له سعد : جدك وسما جدك ابا وائلة ، ان لكل لامعة ضياء ، وعلى كل صواب نورا ، ولكن لا يدركه وحق واهب العقل الا من كان بصيرا ،انك افضيت وهذان فيما تصرف بكما الكلم الى سبيلى حزن وسهل ، ولكل على تفاوتكم حظ من الرأى الربيق (7) والأمر الوثيق إذااصيب به مواضعه ، ثم ان اخا قريش قد نجدكم لخطب عظيم وأمر جسيم ، فما عندكم فيه قولوا وانجزوا ، أبخوع (9) واقرار ام نزوع (10) .
* هامش *
(2) الربع : الدار ، المنزلة ، جماعة الناس .
(3) الذمار : ما يلزمك حفظه .
(4) أي الجباه المغبرة .
(5) أي نسبا .
(6) أي من قبيلة لخم .
(7) الرأى الربيق : الذى عليه العزم كأنه كناية عن الشديد .
نجز الحاجة : قضاها .
(9) البخوع : الطاعة والخضوع .
(10) أي انتهاء عنه . ( * )
--------------------------------------------------------------------
قال عتبة والهدير والنفر من اهل نجران ، فعاد كرزبن سبرة لكلامه وكان كميا (1) ابيا ، فقال : أنحن نفارق دينا رسخت عليه عروقنا ومضى عليه آباؤنا وعرف ملوك الناس ثم العرب ذلك منا ، أنتهالك (2) الى ذلك أم نقرب الجزية وهى الخزية حقا ،لا والله حتى نجرد البواتر (3) من أغمادها ، ونذهل الحلائل (4) عن أولادها ،أو تشرق (5) نحن محمد بدمائنا ، ثم يديل (6) الله عز وجل بنصره من يشاء . قال له السيد : اربع (7) على نفسك وعلينا أباسبرة ، فان سل السيف يسل السيف ، وان محمدا قد بخعت له العرب ، وأعطته طاعتها وملك رجالها واعنتها ، وجرت أحكامه في أهل الوبر (9) منهم والمدر (10) ، ورمقه (11) الملكان العظيمان كسرى وقيصر ، فلا أراكم والروح لو نهد (12) لكم ، الا وقد تصدع عنكم من خف معكم من هذه القبائل ، فصرتم جفاء كأمس الذاهب أو كلحم على وضم (13) . وكان فيهم رجل يقال له : جهير بن سراقة البارقى من زنادقة نصارى العرب ، وكان له منزلة من ملوك النصرانية ، وكان مثواه بنجران ، فقال له اباسعاد (14) : قل في أمرنا وانجدنا برأيك ، فهذا مجلس له ما بعده . فقال : فانى أرى لكم أن تقاربوا محمدا وتطيعوه في بعض ملتمسه عندكم ،ولينطلق وفودكم الى ملوك اهل ملتكم الى الملك الأكبر بالروم قيصر ، والى ملوك هذه الجلدة السوداء الخمسة ، يعنى ملوك السودان ، ملك النوبة وملك الحبشة وملك علوه وملك الرعا (1) وملك الراحات ومريس والقبط ، وكل هؤلاء كانوا نصارى .
* هامش *
(1) كم : إذا قتل الشجعان .
(2) تهالك في الأمر أو العدو : جدفيه مستعجلا .
(3) البواتر : السيوف .
(4) الحليل ج حلائل : الزوج لانه يحل امرأته وتحل معه .
(5) تشرق : تظهر .
(6) يديل : ينصر .
(7) اربع : ارفق .
بخعت : اطاعت .
(9) الوبر ، هو للابل كالصوف للغنم ، أهل الوبر : أهل البدو .
(10) المدر : الطين ، أهل المدر : أهل المدن والقرى لأن بنيانها غالبا من المدر
(11) رمقه : نظر إليه .
(12) نهد : نهض .
(13) الوضم : كل شئ يجعل عليه اللحم من خشب .
(14) سعد ( خ ل ) . ( * )
(1) ملك حبشة ، ملك عليه ، ملك الرعانة ( خ ل )
----------------------------------------------------------------
قال : وكذلك من ضوى (2) الى الشام وحل بها من ملوك غسان ولخم وجذام وقضاعة ، وغيرهم ، من ذوى يمنكم فهم لكم عشيرة وموالى واعوان وفى الدين اخوان ، يعنى انهم نصارى ، وكذلك نصارى الحيرة من العباد وغيرهم ، فقد صبت الى دينهم قبائل تغلب بنت وائل وغيرهم من ربيعة بن نزار ، لتسير وفودكم . ثم لتخرق إليهم البلاد اغذاذا (3) ، فيستصرخونهم لدينكم فيستنجدكم (4) الروم وتسير اليكم الاساودة (5) مسير اصحاب الفيل ، وتقبل اليكم نصارى العرب من ربيعة اليمن .
فإذا وصلت الامداد واردة ، سرتم انتم في قبائلكم وسائر من ظاهركم وبذل نصره وموازرته لكم ، حتى تضاهئون (6) من انجدكم (7) واصرخكم ، من الاجناس ، والقبائل الواردة عليكم ، فاموامحمدا حتى تنجوا به جميعا ، فسيعتق اليكم وافدالكم من صبا (9) إليه ، مغلوبا مقهورا ، وينعتق به من كان منهم في مدرته (10) مكثورا (11) ، فيوشك ان تصطلموا (12) حوزته وتطفؤوا جمرته . ويكون لكم بذلك الوجه والمكان في الناس ، فلا تتمالك العرب حيئنذ حتى تتهافت دخولا في دينكم ، ثم لتعظمن بيعتكم هذه ، ولتشرفن ، حتى تصير كالكعبة المحجوجة (1) بتهامة ، هذا الرأى فانتهزوه (2) ، فلا رأى لكم بعده .
* هامش *
(1) ملك حبشة ، ملك عليه ، ملك الرعانة ( خ ل ) .
(2) ضوى إليه : انضم ولجأ .
(3) اغذاذا : سريعا .
(4) استنجد : استعان وقوى بعد الضعف .
(5) الاساودة : جماعة سودان .
(6) ضاهاه : شاكله .
(7) نجده : اعانه .
امة : قصده .
(9) صبا : مال .
(10) مدرته : بلده .
(11) مكثورا : المغلوب بالكثرة .
(12) الاصطلاء : الاستيصال . ( * )
(1) حج : قصد .
(2) انتهزوه : اغتنموه .
-----------------------------------------------
فاعجب القوم كلام جهيربن سراقة ، ووقع منهم كل موقع ، فكاد أن يتفرقوا على العمل به ، وكان فيهم رجل من ربيعة بن نزار من بنى قيس بن ثعلبة ، يدعى حارثة بن اثال على دين المسيح عليه السلام ، فقام حارثة على قدميه واقبل على جهير ، وقال متمثلا :
متى ماتقد بالباطل الحق بابه * وان قلت بالحق الرواسى ينقد
إذا ما أتيت الأمر من غير بابه * ضللت وان تقصد الى الباب تهتد
ثم استقبل السيد والعاقب والقسيسين والرهبان وكافة نصارى نجران بوجهه لم تخلط معهم غيرهم ، فقال (3) : سمعا سمعا يا ابناء الحكمة وبقايا حملة الحجة ، ان السعيد والله من نفعته الموعظة ولم يعش (4) عن التذكرة ، ألا وانى أنذركم واذكركم قول مسيح الله عز وجل - ثم شرح وصيته ونصه على وصيه شمعون بن يوحنا وما يحدث على امته من الافتراق . ثم ذكر عيسى عليه السلام وقال : ان الله جل جلاله أوحى إليه : فخذ يابن امتى كتابي بقوة ثم فسره لأهل سوريا بلسانهم ، واخبرهم انى انا الله لا اله الا انا ، الحى القيوم البديع الدائم الذى لا أحول ولا أزول ، انى بعثت رسلي ونزلت كتبي رحمة ونورا عصمة لخلقي ، ثم انى باعث بذلك نجيب رسالتي ، احمد صفوتي من بريتى البار قليطا عبدى ارسله في خلو من الزمان ،ابعثه بمولده فاران من مقام أبيه ابراهيم عليه السلام ، انزل عليه توراة حديثة ، افتح بها أعينا عميا ، واذنا صما ، وقلوبا غلفا (5) ، طوبى لمن شهد ايامه وسمع كلامه ، فامن به واتبع النور الذى جاء به ، فإذا ذكرت يا عيسى ذلك النبي
فصل عليه فانى وملائكتي نصلى عليه . قال : فما أتى حارثة بن اثال على قوله هذا حتى اظلم بالسيد والعاقب مكانهما ، وكرها ما قام به في الناس معربا ومخبرا عن المسيح عليه السلام بما اخبر وقدم من ذكر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنهما كانا قد أصابا بمواضعهما من دينهما شرفا بنجران ووجها عند ملوك النصرانية جميعا ، وكذلك عند سوقتهم وعربهم في البلاد ، فاشفقا ان يكون ذلك سببا لا نصراف قومها عن طاعتهما لدينهما وفسخا لمنزلتهما في الناس .
* هامش *
(1) حج : قصد .
(2) انتهزوه : اغتنموه .
(3) يعنى حارثة .
(4) عشوت الى النار : إذا استدللت إليها بسير ضعيف ، وإذا صدرت عنه الى
غيره قلت : عشوت عنه .
(5) الاغلف ج غلف : الذى لا يعى شيئا . ( * )
---------------------------------------------------------------------------
فأقبل العاقب على حارث فقال : امسك عليك ياحار ، فان راد هذا الكلام عليك اكثر من قابله ، ورب قول يكون بلية على قائله ، وللقلوب نفرات عند الاصداع (1) بمظنون الحكمة ، فاتق نفورها ، فلكل نبأ اهل ، ولكل خطب محل ، وانما الدرك (2) مااخذ لك بمواضى النجاة ، وألبسك جنة السلامة ، فلا تعدلن بهما حظا ، فانى لم آلك لا أبا لك نصحا ثم ارم (3) . فأونحب السيد ان يشرك العاقب في كلامه ، فأقبل على حارثة فقال : انى لم أزل أتعرف لك فضلا تميل اليك الالباب ، فاياك ان تقعدمطية اللجاج ، وان توجف الى السراب (4) ، فمن عذر بذلك فلست فيه ايها المرء بمعذور ، وقد اغفلك أبو واثلة ، وهو ولى أمرنا وسيد حضرنا عتابا فأوله (5) اعتبارا (6) . ثم تعلم ان ناجم (7) قريش يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله يكون رزؤه قليلا ، ثم ينقطع ويخلو ، ان بعد ذلك قرن يبعث في آخره النبي المبعوث بالحكمة والبيان والسيف والسلطان ، يملك ملكا مؤجلا ، تطبق فيه امته المشارق والمغارب ، ومن ذريته الأمير الظاهر يظهر على جميع الملكات والأديان ، ويبلغ ملكه ما طلع عليه الليل والنهار ، وذلك ياحار أمل من ورائه أمد ومن دونه أجل ، فتمسك من دينك بما تعلم وتمنع لله أبوك من أنس متصرم بالزمان أو لعارض من الحدثان ، فانما نحن ليومن ولغد أهله.
* هامش *
(1) الصدع : الشق ، صدع بالأمر : تظلم به جهارا .
(2) الدرك : اللحاق والوصول .
(3) ارم القوم : سكتوا .
(4) الال والسراب ( خ ل ) ، الال الذى تراه اول النهار
وآخره يرفع الشخوص وليس بالسراب .
(5) اوله : اعطه .
(6) اعتابا ( خ ل ) .
(7) ناجم قريش أي الرجل الظاهر منهم ، من نجم الشئ إذا اظهر .
الرزء : المصيبة . ( * )
------------------------------------------------------------------------
يتبـــــــــع
عدل سابقا من قبل Admin في الجمعة 11 ديسمبر 2009 - 18:04 عدل 1 مرات