بماذا تميز مصحف أمير المؤمنين عليه السلام ؟
مرت بعض روابات أهل السنة التي تنص على أن مصحف أمير المؤمنين عليه السلام يتميز بترتيب الآيات حسب النـزول فأوله سورة الفلق وهكذا إلى آخر القرآن وعليه يكون الناسخ متأخرا عن المنسوخ ، ولكن اليعقوبي في تاريخه ذكر أن السور كانت مجزأة على سبعة أجزاء على نحو مغاير لترتيب النـزول :
" وروى بعضهم أن علي بن أبي طالب كان جمعه لما قبض رسول الله وأتى به يحمله على جمل ، فقال : هذا القرآن قد جمعته ، وكان قد جزّأة سبعة أجزاء " ( 4 ) ، ثم ذكر كل جزء بسوره المندرجة تحته فالأول في مقدمته سورة البقرة ، والجزء الثاني آل عمران والثالث النساء والرابع المائدة والخامس الأنعام والسادس الأعراف والسابع الأنفال ، والأولى اعتماد الروايات .
( 4 ) تاريخ اليعقوبي ج2 ص135 .
- ص 248 -
ولعل أهم ما دفع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لكتابة المصحف مع وجود مصاحف كثيرة في دنيا المسلمين آنذاك ، هو أن أمير المؤمنين عليه السلام كتب فيه التنـزيل والتفسير الذي أُنزل مرادفا للآيات ، فكان قرآنا جامعا لكل ما أنزل من السماء قرآنا أي النصوص القرآنية والتفسير المنـزل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد أملاه صلى الله عليه وآله وسلم وخطه الإمام عليه السلام بيده الشريفة .
وقد ذكر قريب منه بعض علماء أهل السنة :" وما نسب إلى الإمام علي من قرآن فهو تفسير معنى ما جاء ، بأسلوبه ونسج كلامه " ( 1 ) ، والمقطع الأخير (بأسلوبه ونسج كلامه) بعيد عن الأدلة .
* المشكلة هي التنـزيل !
بعد أن فرغ عليه السلام من كتابته ، جاءهم بالمصحف مشتملا على كل ما أُنزل من السماء أي القرآن وتفسيره المنـزل المسمى بالتنـزيل ، وناولهم إياه حينما كانوا ملتفين في المسجد حتى نظر فيه ابن الخطاب فلم يرق له وجود فضائح الكفار والمنافقين من صناديد قريش وكبرائها مع ذكرهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ( 2 ) في هامش السور والآيات التي نكلت بـهم كسورة براءة التي سموها الفاضحة أو المزلزلة
( 1 ) معجم القراءات القرآنية ج1ص18 ط جامعة الكويت ، د.أحمد مختار عمر ، د.عبد العال سالم مكرم .
( 2 ) هذا ليس بغريب فسيرة الرجل شاهد على ذلك حتى نص أحد علماء أهل السنة أن ابن الخطاب قد أفصح عما يحيك في صدره من قتل هؤلاء الكفار حينما شرب الخمر يوما ورثاهم بأبيات من الشعر ، قال شهاب الدين محمد الابشيهي في المستطرف ج2ص260 : ( قد أنزل الله في الخمر ثلاث آيات : الأولى : في قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ }(البقرة/219) فكان من المسلمين من شارب ، ومن تارك إلى أن شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر فنـزل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}(النساء/43) فشربـها من شربـها من المسلمين ، وتركها من تركها حتى شربـها عمر فأخذ بلحى بعير وشج به رأس عبد الرحمن بن عوف ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يعفر يقول :
وكائن بالقليب قليب بدر * من الفتيان والعرب الكرام
أيـوعدني ابن كبشة-النبي-أن سنحيا * وكيف حياة أصداء وهام
أيعجز أن يرد الموت عني * وينشرني إذا بليت عظامي
ألا مـن مبـلغ الـرحمن عنـي * بأنـي تـارك شهر الصيام
فقل الله يمنعني شرابي * وقل لله يمنعني طعامي
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ذلك فخرج مغضبا يجر رداءه فرفع شيئا كان في يده فضربه . فقال : أعوذ بالله من غضبه ، وغضب رسوله . فأنزل الله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ}(المائدة/91) فقال عمر رضي الله عنه : انتهينا ، انتهينا )
وجاء مختصرا في تاريخ المدينة المنورة لابن شبة ج3ص863 . وقد كان معاندا أشد العناد لمن طلب تفسير القرآن وتعلمه وقصة صبيغ بن عسل الذي ضربه فأدماه مرارا لأنه سأل عن معنى الذاريات ذروا مشهورة ، وكشاهد نذكر على سياسة عمر في رفض كتابة التفسير ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ج6ص137ح30097 : ( عن عامر قال : كتب رجل مصحفا وكتب عند كل آية تفسيرها ، فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين ) !! وأحزاب التلميع تقول عن أمثال هذه الرواية أنـه فعل ذلك لأنه خاف اختلاط القرآن بغيره ! وهذا كما يقولون ( ضحك على الذقون ) ! وعلى أي حال لم يرق لابن الخطاب ما فعله أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام من كتابة فضائح المشركين والمنافقين في هامش القرآن .
- ص 249 -
التي لم تترك أحدا منهم إلا ونالت منه ، وسورة البينة التي جاء في الأثر أن الله جعل في تنـزيلها أسماء سبعين رجلا من قريش وأن الإمام الرضا عليه السلام بعث بمصحفه للبزنطي ففتحه فوجد فيه تلك الأسماء كما مر الكلام عنه ، فحينما وقع النظر على التنـزيل المردف بالقرآن تمعرت الوجوه وطرت حسائك الصدور وما كان إلا أن نبذوه وردوه ، فانصرف الإمام علي عليه السلام بمصحفه الجامع وقال لن تروه بعد يومكم هذا أبدا ، واسترجع عليه السلام بقوله {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(آل عمران/187).
بعض كلمات الشيعة في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام :
قال الشيخ الصدوق في اعتقاداته :" ومثل هذا كثير ، وكلّه وحي وليس بقرآن . ولو كان قرآناً لكان مقروناً به وموصولاً إليه غير مفصول عنه ، كما كان أمير المؤمنين جمعه فلما جاء به قال : هذا كتاب ربكم كما أُنزل على نبيّكم لم يزد فيه حرف و لا ينقص منه حرف ، فقالوا : لا حاجة لنا فيه ، عندنا مثل الذي عندك ، فانصرف وهو يقول {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(آل عمران/187)" ( 1 ) .
وقال الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه في أوائل المقالات : " ولكنّ حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السّلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنـزيله ، وذلك كان ثابتاً منـزلاً ، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز " ( 2 ) .
وقال ابن شهر آشوب رضوان الله تعالى عليه : " وفي أخبار أهل البيت عليهم السلام أنه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلا للصلاة حتى يؤلف القرآن ويجمعه ، فانقطع عنهم مدة إلى أن جمعه ثم خرج إليهم به في إزار يحمله وهم مجتمعون في المسجد فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع البته قالوا : لأمر ما جاء به أبو الحسن ، فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم ، ثم قال : إن رسول الله قال : إني مخلف فيكم ما إن
( 1 ) الاعتقادات ص93 . ( 2 ) أوائل المقالات في المذاهب المختارات ص91.
- ص 250 -
تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي . وهذا الكتاب وأنا العترة ، فقام إليه الثاني فقال له : إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله فلا حاجة لنا فيكما ، فحمل عليه السلام الكتاب وعاد بعد أن الزمهم الحجة . وفي خبر طويل عن الصادق (ع) أنه حمله وولى راجعا نحو حجرته وهو يقول {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(آل عمران/187)" ( 1 ) .
وقال السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه في البيان : " إن وجود مصحف لأمير المؤمنين عليه السلام يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لا ينبغي الشك فيه ، وتسالم العلماء الأعلام على وجوده أغنانا عن التكلف لإثباته ، كما أن اشتمال قرآن عليه السلام على زيادات ليست في القرآن الموجود ، وإن كان صحيحا إلا أنه لا دلالة في ذلك على أن هذه الزيادات كانت من القرآن ، وقد أسقطت منه بالتحريف ، بل الصحيح أن تلك الزيادات كانت تفسيرا بعنوان التأويل ، وما يؤول إليه الكلام ، أو بعنوان التنزيل من الله شرحا للمراد ، وإن هذه الشبهة مبتنية على أن يراد من لفظي التأويل والتنـزيل ما اصطلح عليه المتأخرون من إطلاق لفظ التنزيل على ما نزل قرآنا ، وإطلاق لفظ التأويل على بيان المراد من اللفظ ، حملا له على خلاف ظاهره ، إلا أن هذين الإطلاقين من الاصطلاحات المحدثة ، وليس لهما في اللغة عين ولا أثر ليحمل عليهما هذان اللفظان (التنزيل والتأويل) متى وراد في الروايات المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام ".
" وعلى ما ذكرناه فليس كل ما نزل من الله وحيا يلزم أن يكون من القرآن ، فالذي يستفاد من الروايات في هذا المقام أن مصحف علي عليه السلام كان مشتملا على زيادات تنـزيلا أو تأويلا . ولا دلالة في شئ من هذه الروايات على أن تلك الزيادات هي من القرآن . وعلى ذلك يحمل ما ورد من ذكر أسماء المنافقين في مصحف أمير المؤمنين – عليه السلام – فإن ذكر أسمائهم لا بد وأن يكون بعنوان التفسير . ويدل على ذلك ما تقدم من الأدلة القاطعة على عدم سقوط شيء من القرآن ، أضف إلى ذلك أن سيرة النبي – صلى الله عليه وآله- مع المنافقين تأبى ذلك فإن دأبه تأليف قلوبـهم ، والإسرار بما يعلمه من نفاقهم ، وهذا واضح لمن له أدنى اطلاع على سيرة النبي صلى الله عليه واله وسلم وحسن أخلاقه ، فكيف يمكن أن يذكر أسماءهم في القرآن ، ويأمرهم بلعن أنفسهم ، ويأمر سائر المسلمين بذلك ويحثهم عليه ليلا ونـهارا ، وهل يحتمل ذلك حتى ينظر في صحته وفساده أو يتمسك في إثباته بما في بعض الروايات من وجود أسماء جملة من المنافقين في مصحف علي عليه السلام وهل يقاس ذلك بذكر أبي لـهب المعلن بشركه ، ومعاداته النبي صلى الله عليه واله وسلم مع علم النبي بأنه يموت على شركه . نعم لا بعد في ذكر النبي صلى الله عليه واله وسلم أسماء
( 1 ) مناقب آل أبي طالب ج1ص320.
- ص 251 -
المنافقين لبعض خواصه كأمير المؤمنين عليه السلام وغيره في مجالسه الخاصة . وحاصل ما تقدم : أن وجود الزيادات في مصحف علي عليه السلام وإن كان صحيحا ، إلا أن هذه الزيادات ليست من القرآن ، ومما أمر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بتبليغه إلى الأمة ، فإن الالتزام بزيادة مصحفه بـهذا النوع من الزيادة قول بلا دليل ، مضافا إلى أنه باطل قطعا . ويدل على بطلانه جميع ما تقدم من الأدلة القاطعة على عدم التحريف في القرآن " ( 1 ) .
قال في بحوث في تاريخ القرآن : " إنه قد ورد أنه كان لأمير المؤمنين علي عليه السلام قرآن مخصوص ، جمعه بنفسه بعد وفاته صلى الله عليه وآله ، وعرضه على القوم ، فأعرضوا عنه ، فحجبه عنهم ، والمعروف أنه كان مشتملا على أبعاض ليست موجودة في هذا القرآن الذي بين أيدينا . وأجيب بأن زيادة قرآنه عليه السلام على ما في هذا القرآن الموجود وإن كانت متيقنة ، لكن من الذي قال : إن هذه الزيادة كانت في القرآن نفسه ؟! فلعلها كانت تفسيرا بعنوان التأويل ، أي ما يؤول إليه الكلام ، أو بعنوان التنـزيل من الله تعالى شرحا لمراده ، كما في الأحاديث القدسية ، لا بعنوان القرآن المعجز " ( 2 ) .
* بعض الروايات
نذكر هنا بعض الروايات التي تحكي ما جرى على مصحف أمير المؤمنين عليه السلام ، وستأتي كلمات العلماء والمحققين عليهم رضوان الله :
في الكافي : " محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن سالم بن سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عز وجل على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام وقال : أخرجه علي عليه السلام إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم : هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله وقد جمعته من اللوحين فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع فيه
( 1 ) البيان في تفسير القرآن ص223-226. ( 2 ) بحوث في تاريخ القرآن للسيد مير محمدي زرندي ص278.
- ص 252 -
القرآن لا حاجة لنا فيه ، فقال أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا ، إنما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه " ( 1 ) .
وفي بصائر الدرجات: " عن إبراهيم بن عمر عنه قال : إن في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن ، وكانت فيه أسماء الرجال فألقيت وإنما الاسم الواحد في وجوه لا تحصى تعرف ذلك الوصاة " ( 2 ) .
وفي كتاب سليم بن قيس :" فلما جمعه كله وكتبه بيده على تنزيله وتأويله والناسخ منه والمنسوخ ، بعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع . فبعث إليه علي عليه السلام : إني لمشغول وقد آليت نفسي يمينا أن لا أرتدي رداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه . فسكتوا عنه أياما فجمعه في ثوب واحد وختمه ، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله . فنادى علي عليه السلام بأعلى صوته : يا أيها الناس ، إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله مشغولا بغسله ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد . فلم ينزل الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وآله آية إلا وقد جمعتها ، وليست منه آية إلا وقد جمعتها وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمني تأويلها .ثم قال لهم علي عليه السلام : لئلا تقولوا غدا إنا كنا عن هذا غافلين . ثم قال لهم علي عليه السلام : لئلا تقولوا يوم القيامة إنى لم أدعكم إلى نصرتي ولم أذكركم حقي ، ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته . فقال عمر : ما أغنانا ما معنا من القرآن عما تدعونا إليه ثم دخل علي عليه السلام بيته " ( 3 ) .
وفي الاحتجاج :" فلما رأى علي عليه السلام غدرهم وقلة وفائهم لزم بيته واقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه ، فلم يخرج حتى جمعه كله فكتبه على تنـزيله والناسخ والمنسوخ ، فبعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع ، فبعث إليه إني مشغول فقد آليت بيمين إن لا ارتدى برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه ، فجمعه في ثوب وختمه ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله فنادى عليه السلام بأعلى صوته : أيها الناس إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلى الله عليه واله مشغولا بغسله ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب ، فلم ينـزل الله على نبيه آية من القرآن إلا وقد جمعتها كلها في هذا الثوب ، وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى عليه وآله و أعلمني تأويلها . فقالوا : لا حاجة لنا به عندنا مثله " ( 4 ) .
( 1 ) الكافي ج2ص633 ، لا يخفى عليك أن المقصود من جملة (كما أنزله الله) أي القرآن مع تنـزيله وتفسيره الذي نزل به جبريل عليه السلام وقد مر الكلام مفصلا .
( 2 ) بصائر الدرجات ج1ص195-196ح6.
( 3 ) كتاب سليم بن قيس ص146-147 تحقيق محمد باقر الأنصاري .
( 4 ) الاحتجاج للطبرسي ج1ص107 .
- ص 253 -
وعن البحار : " في رواية أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم كما قد أوصاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله . فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم ، فوثب عمر وقال : يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه ، فأخذه علي عليه السلام وانصرف ثم أحضروا زيد بن ثابت وكان قاريا للقرآن ، فقال له عمر : إن عليا جاءنا بالقرآن ، وفيه فضائح المهاجرين والأنصار : وقد رأينا أن نؤلف القرآن ونسقط منه ما كان فيه فضيحة وهتك للمهاجرين والأنصار ، فأجابه زيد إلى ذلك ثم قال : فان أنا فرغت من القرآن على ما سألتم وأظهر علي القرآن الذي ألفه أليس قد بطل ما قد عملتم ؟ قال عمر : فما الحيلة ؟ قال زيد أنتم أعلم بالحيلة ، فقال عمر : ما حيلة دون أن نقتله ونستريح منه ، فدبر في قتله على يد خالد بن الوليد ، فلم يقدر على ذلك . وقد مضى شرح ذلك ، فلما استخلف عمر سأل عليا عليه السلام أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم ، فقال : يا أبا الحسن ! إن جئت بالقرآن الذي كنت جئت به إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه ، فقال علي عليه السلام : هيهات ليس إلى ذلك سبيل ، إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ولا {تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}(الأعراف/172). أو تقولوا ما جئتنا به ، إن القرآن الذي عندي لا يمسه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي ، فقال عمر : فهل وقت لإظهاره معلوم ؟ قال علي عليه السلام : نعم إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة عليه " ( 1 ) .
أقول : الروايات في هذا المجال متفقة على معنى واحد وهو عرض الأمير عليه السلام مصحفه على القوم ورفضهم له لما فيه من مثالبهم وفضائحهم ، وبالجمع بين الأدلة يتضح أن تلك الفضائح كانت بذكر أسمائهم ولم تكن إلا من باب التفسير والتنـزيل ، ومن جهة أخرى كان في القرآن –بالمعنى المجازي- من فضائل أهل البيت عليهم السلام الشيء الكثير لاختصاصهم عليهم الصلاة والسلام بكثير من الآيات القرآنية وكذا ذكر عدوهم وصفاتـهم ، لذا روي عنهم عليهم السلام أنـهم قالوا :
" نزل القرآن على أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع في فرائض وأحكام ، وربع سنن وأمثال ، ولنا كرائم القرآن " ( 2 ) .
ونعلم بذلك معنى ما روي عنهم عليهم السلام مرسلا : " لو قد قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين " ( 3 ) ، لأنه احتوى التنـزيل . فالقرآن كما أنزل – أي بما يحتوي من التنـزيل – كان كبير
( 1 ) بحار الأنوار ج98ص42-43.
( 2 ) بحار الأنوار ج 98ص114ح1 عن تفسير العياشي.
( 3 ) بحار الأنوار ج 98ص55ح24 نقلا عن تفسير العياشي .
- ص 254 -
الحجم ، وهذه هي صفة المصحف الذي جاء به أمير المؤمنين عليه السلام لهم في روايات أهل السنة ، وحتما هذا القرآن بآياته وتنـزيله لم يجمعه أحد غير أمير المؤمنين عليه السلام ومنه إلى بقية الأوصياء عليهم السلام ، لذا روي عنهم عليهم السلام قولهم : " ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء " ( 1 ) ،
وكذا روي : " ما من أحد من الناس يقول : إنه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلا كذب ، وما جمعه وما حفظه كما أنزل الله إلا علي ابن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام " ( 2 ) ، ونسأل الله أن يرزقنا النظر في هذا التنـزيل بأعيننا ، آمين رب العالمين .
* النـتيجـة :
سُدَّ باب العلم على الأمة بإطفاء نور التفسير الذي جمعه الإمام علي عليه السلام ردف النصوص القرآنية ، فقد ردوا مصحفا شمل كل النازل من السماء ويتميز بأن نصوصه القرآنية وتنـزيله كانت إملاء من رسول الله وتدوينا من الإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما ، وهذا لا يعني أنه جمع في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنما أملاه صلى الله عليه وآله وسلم في زمنه على الإمام علي عليه السلام في قطع من الأوراق والرقاع ومن ثم عمل على جمعه عليه السلام فيما بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ، قال في البحار : " أخبر أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وآله قال : في مرضه الذي توفي فيه لعلي بن أبي طالب عليه السلام : يا علي هذا كتاب الله خذه إليك ، فجمعه علي عليه السلام في ثوب فمضى إلى منـزله ، فلما قبض النبي صلى الله عليه وآله جلس علي فألفه كما أنزل الله ، وكان به عالما .
وحدثني أبو العلاء العطار والموفق خطيب خوارزم في كتابيهما بالإسناد عن علي بن رباح : أن النبي صلى الله عليه واله أمر عليا بتأليف القرآن فألفه وكتبه . جبلة بن سحيم ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : لوثني لي الوسادة و عرف لي حقي لأخرجت لهم مصحفا كتبته وأملاه علي رسول الله صلى الله عليه واله " ( 3 ) .
( 1 ) بحار الأنوار ج98ص88ح26.
( 2 ) ن.م ح27. ( 3 ) بحار الأنوار ج4ص155.
- ص 255 -
ولا حاجة للتذكير بأنه كانت هناك مصاحف أخرى في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير هذا المصحف عند الصحابة ، ولكن خصوص هذا المصحف يتميز بوجود ما أملاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تفسير وتنـزيل .
وبعد فترة جاءت حرب اليمامة فقتل القرّاء ، وروايات أهل السنة فيها أن ابن الخطاب أراد آية من كتاب الله فلم يجدها فسأل عنها فقيل له كانت موجودة عند فلان وقتل ! ، أخرج ابن أبي داود في المصاحف بسنده :
" أن عمر ابن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل : كانت مع فلان ، قتل يوم اليمامة ! فقال : إنا لله ! فأمر بجمع القرآن " ( 1 ) .
وهذا يعني أن ابن الخطاب التفت إلى جمع القرآن حينما فقدت آية منه ، وكان الفراغ الذي تولد من الإعراض عن مصحف الإمام علي عليه السلام يستدعي التفكير جديا في كتابة مصحف رسمي للأمة الإسلامية يتميز عن مصاحف الصحابة بكونه محفوظا عند الخليفة ليرجع له حال فقدان قرّاء القرآن في المواطن والحروب ، واشترط فيه حذف التنـزيل وإلقاء التفسير النازل من السماء بتجريده وجعله نصوصا قرآنية صرفة .
فابتدأت الفكرة ، بتخطيط من ابن الخطاب كما تنص عليه روايات البخاري السابقة بعد يوم اليمامة ومقتل القرّاء ، ولم يتم مصحف الدولة هذا لا في زمن أبي بكر ولا في زمن عمر فمات إلى أن وصل إلى حفصة على هيئة قصاصات ورق مشتتة مبعثرة ، فلم يجمع هذا المصحف الرسمي ولم ير النور، مع وجود مصاحف كثيرة مبثوثة بين الصحابة ولا سيما المصحف الذي أملاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخُط بيد الإمام علي عليه السلام ، ولكن ماذا نفعل والقيادة آنذاك حكيمة !
( 1 ) تاريخ القرآن للكردي الخطاط ص25 .
المصدر
إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف
تأليف : أبو عمر صادق العلائي
مرت بعض روابات أهل السنة التي تنص على أن مصحف أمير المؤمنين عليه السلام يتميز بترتيب الآيات حسب النـزول فأوله سورة الفلق وهكذا إلى آخر القرآن وعليه يكون الناسخ متأخرا عن المنسوخ ، ولكن اليعقوبي في تاريخه ذكر أن السور كانت مجزأة على سبعة أجزاء على نحو مغاير لترتيب النـزول :
" وروى بعضهم أن علي بن أبي طالب كان جمعه لما قبض رسول الله وأتى به يحمله على جمل ، فقال : هذا القرآن قد جمعته ، وكان قد جزّأة سبعة أجزاء " ( 4 ) ، ثم ذكر كل جزء بسوره المندرجة تحته فالأول في مقدمته سورة البقرة ، والجزء الثاني آل عمران والثالث النساء والرابع المائدة والخامس الأنعام والسادس الأعراف والسابع الأنفال ، والأولى اعتماد الروايات .
( 4 ) تاريخ اليعقوبي ج2 ص135 .
- ص 248 -
ولعل أهم ما دفع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لكتابة المصحف مع وجود مصاحف كثيرة في دنيا المسلمين آنذاك ، هو أن أمير المؤمنين عليه السلام كتب فيه التنـزيل والتفسير الذي أُنزل مرادفا للآيات ، فكان قرآنا جامعا لكل ما أنزل من السماء قرآنا أي النصوص القرآنية والتفسير المنـزل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد أملاه صلى الله عليه وآله وسلم وخطه الإمام عليه السلام بيده الشريفة .
وقد ذكر قريب منه بعض علماء أهل السنة :" وما نسب إلى الإمام علي من قرآن فهو تفسير معنى ما جاء ، بأسلوبه ونسج كلامه " ( 1 ) ، والمقطع الأخير (بأسلوبه ونسج كلامه) بعيد عن الأدلة .
* المشكلة هي التنـزيل !
بعد أن فرغ عليه السلام من كتابته ، جاءهم بالمصحف مشتملا على كل ما أُنزل من السماء أي القرآن وتفسيره المنـزل المسمى بالتنـزيل ، وناولهم إياه حينما كانوا ملتفين في المسجد حتى نظر فيه ابن الخطاب فلم يرق له وجود فضائح الكفار والمنافقين من صناديد قريش وكبرائها مع ذكرهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ( 2 ) في هامش السور والآيات التي نكلت بـهم كسورة براءة التي سموها الفاضحة أو المزلزلة
( 1 ) معجم القراءات القرآنية ج1ص18 ط جامعة الكويت ، د.أحمد مختار عمر ، د.عبد العال سالم مكرم .
( 2 ) هذا ليس بغريب فسيرة الرجل شاهد على ذلك حتى نص أحد علماء أهل السنة أن ابن الخطاب قد أفصح عما يحيك في صدره من قتل هؤلاء الكفار حينما شرب الخمر يوما ورثاهم بأبيات من الشعر ، قال شهاب الدين محمد الابشيهي في المستطرف ج2ص260 : ( قد أنزل الله في الخمر ثلاث آيات : الأولى : في قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ }(البقرة/219) فكان من المسلمين من شارب ، ومن تارك إلى أن شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر فنـزل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}(النساء/43) فشربـها من شربـها من المسلمين ، وتركها من تركها حتى شربـها عمر فأخذ بلحى بعير وشج به رأس عبد الرحمن بن عوف ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يعفر يقول :
وكائن بالقليب قليب بدر * من الفتيان والعرب الكرام
أيـوعدني ابن كبشة-النبي-أن سنحيا * وكيف حياة أصداء وهام
أيعجز أن يرد الموت عني * وينشرني إذا بليت عظامي
ألا مـن مبـلغ الـرحمن عنـي * بأنـي تـارك شهر الصيام
فقل الله يمنعني شرابي * وقل لله يمنعني طعامي
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ذلك فخرج مغضبا يجر رداءه فرفع شيئا كان في يده فضربه . فقال : أعوذ بالله من غضبه ، وغضب رسوله . فأنزل الله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ}(المائدة/91) فقال عمر رضي الله عنه : انتهينا ، انتهينا )
وجاء مختصرا في تاريخ المدينة المنورة لابن شبة ج3ص863 . وقد كان معاندا أشد العناد لمن طلب تفسير القرآن وتعلمه وقصة صبيغ بن عسل الذي ضربه فأدماه مرارا لأنه سأل عن معنى الذاريات ذروا مشهورة ، وكشاهد نذكر على سياسة عمر في رفض كتابة التفسير ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ج6ص137ح30097 : ( عن عامر قال : كتب رجل مصحفا وكتب عند كل آية تفسيرها ، فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين ) !! وأحزاب التلميع تقول عن أمثال هذه الرواية أنـه فعل ذلك لأنه خاف اختلاط القرآن بغيره ! وهذا كما يقولون ( ضحك على الذقون ) ! وعلى أي حال لم يرق لابن الخطاب ما فعله أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام من كتابة فضائح المشركين والمنافقين في هامش القرآن .
- ص 249 -
التي لم تترك أحدا منهم إلا ونالت منه ، وسورة البينة التي جاء في الأثر أن الله جعل في تنـزيلها أسماء سبعين رجلا من قريش وأن الإمام الرضا عليه السلام بعث بمصحفه للبزنطي ففتحه فوجد فيه تلك الأسماء كما مر الكلام عنه ، فحينما وقع النظر على التنـزيل المردف بالقرآن تمعرت الوجوه وطرت حسائك الصدور وما كان إلا أن نبذوه وردوه ، فانصرف الإمام علي عليه السلام بمصحفه الجامع وقال لن تروه بعد يومكم هذا أبدا ، واسترجع عليه السلام بقوله {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(آل عمران/187).
بعض كلمات الشيعة في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام :
قال الشيخ الصدوق في اعتقاداته :" ومثل هذا كثير ، وكلّه وحي وليس بقرآن . ولو كان قرآناً لكان مقروناً به وموصولاً إليه غير مفصول عنه ، كما كان أمير المؤمنين جمعه فلما جاء به قال : هذا كتاب ربكم كما أُنزل على نبيّكم لم يزد فيه حرف و لا ينقص منه حرف ، فقالوا : لا حاجة لنا فيه ، عندنا مثل الذي عندك ، فانصرف وهو يقول {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(آل عمران/187)" ( 1 ) .
وقال الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه في أوائل المقالات : " ولكنّ حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السّلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنـزيله ، وذلك كان ثابتاً منـزلاً ، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز " ( 2 ) .
وقال ابن شهر آشوب رضوان الله تعالى عليه : " وفي أخبار أهل البيت عليهم السلام أنه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلا للصلاة حتى يؤلف القرآن ويجمعه ، فانقطع عنهم مدة إلى أن جمعه ثم خرج إليهم به في إزار يحمله وهم مجتمعون في المسجد فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع البته قالوا : لأمر ما جاء به أبو الحسن ، فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم ، ثم قال : إن رسول الله قال : إني مخلف فيكم ما إن
( 1 ) الاعتقادات ص93 . ( 2 ) أوائل المقالات في المذاهب المختارات ص91.
- ص 250 -
تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي . وهذا الكتاب وأنا العترة ، فقام إليه الثاني فقال له : إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله فلا حاجة لنا فيكما ، فحمل عليه السلام الكتاب وعاد بعد أن الزمهم الحجة . وفي خبر طويل عن الصادق (ع) أنه حمله وولى راجعا نحو حجرته وهو يقول {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(آل عمران/187)" ( 1 ) .
وقال السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه في البيان : " إن وجود مصحف لأمير المؤمنين عليه السلام يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لا ينبغي الشك فيه ، وتسالم العلماء الأعلام على وجوده أغنانا عن التكلف لإثباته ، كما أن اشتمال قرآن عليه السلام على زيادات ليست في القرآن الموجود ، وإن كان صحيحا إلا أنه لا دلالة في ذلك على أن هذه الزيادات كانت من القرآن ، وقد أسقطت منه بالتحريف ، بل الصحيح أن تلك الزيادات كانت تفسيرا بعنوان التأويل ، وما يؤول إليه الكلام ، أو بعنوان التنزيل من الله شرحا للمراد ، وإن هذه الشبهة مبتنية على أن يراد من لفظي التأويل والتنـزيل ما اصطلح عليه المتأخرون من إطلاق لفظ التنزيل على ما نزل قرآنا ، وإطلاق لفظ التأويل على بيان المراد من اللفظ ، حملا له على خلاف ظاهره ، إلا أن هذين الإطلاقين من الاصطلاحات المحدثة ، وليس لهما في اللغة عين ولا أثر ليحمل عليهما هذان اللفظان (التنزيل والتأويل) متى وراد في الروايات المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام ".
" وعلى ما ذكرناه فليس كل ما نزل من الله وحيا يلزم أن يكون من القرآن ، فالذي يستفاد من الروايات في هذا المقام أن مصحف علي عليه السلام كان مشتملا على زيادات تنـزيلا أو تأويلا . ولا دلالة في شئ من هذه الروايات على أن تلك الزيادات هي من القرآن . وعلى ذلك يحمل ما ورد من ذكر أسماء المنافقين في مصحف أمير المؤمنين – عليه السلام – فإن ذكر أسمائهم لا بد وأن يكون بعنوان التفسير . ويدل على ذلك ما تقدم من الأدلة القاطعة على عدم سقوط شيء من القرآن ، أضف إلى ذلك أن سيرة النبي – صلى الله عليه وآله- مع المنافقين تأبى ذلك فإن دأبه تأليف قلوبـهم ، والإسرار بما يعلمه من نفاقهم ، وهذا واضح لمن له أدنى اطلاع على سيرة النبي صلى الله عليه واله وسلم وحسن أخلاقه ، فكيف يمكن أن يذكر أسماءهم في القرآن ، ويأمرهم بلعن أنفسهم ، ويأمر سائر المسلمين بذلك ويحثهم عليه ليلا ونـهارا ، وهل يحتمل ذلك حتى ينظر في صحته وفساده أو يتمسك في إثباته بما في بعض الروايات من وجود أسماء جملة من المنافقين في مصحف علي عليه السلام وهل يقاس ذلك بذكر أبي لـهب المعلن بشركه ، ومعاداته النبي صلى الله عليه واله وسلم مع علم النبي بأنه يموت على شركه . نعم لا بعد في ذكر النبي صلى الله عليه واله وسلم أسماء
( 1 ) مناقب آل أبي طالب ج1ص320.
- ص 251 -
المنافقين لبعض خواصه كأمير المؤمنين عليه السلام وغيره في مجالسه الخاصة . وحاصل ما تقدم : أن وجود الزيادات في مصحف علي عليه السلام وإن كان صحيحا ، إلا أن هذه الزيادات ليست من القرآن ، ومما أمر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بتبليغه إلى الأمة ، فإن الالتزام بزيادة مصحفه بـهذا النوع من الزيادة قول بلا دليل ، مضافا إلى أنه باطل قطعا . ويدل على بطلانه جميع ما تقدم من الأدلة القاطعة على عدم التحريف في القرآن " ( 1 ) .
قال في بحوث في تاريخ القرآن : " إنه قد ورد أنه كان لأمير المؤمنين علي عليه السلام قرآن مخصوص ، جمعه بنفسه بعد وفاته صلى الله عليه وآله ، وعرضه على القوم ، فأعرضوا عنه ، فحجبه عنهم ، والمعروف أنه كان مشتملا على أبعاض ليست موجودة في هذا القرآن الذي بين أيدينا . وأجيب بأن زيادة قرآنه عليه السلام على ما في هذا القرآن الموجود وإن كانت متيقنة ، لكن من الذي قال : إن هذه الزيادة كانت في القرآن نفسه ؟! فلعلها كانت تفسيرا بعنوان التأويل ، أي ما يؤول إليه الكلام ، أو بعنوان التنـزيل من الله تعالى شرحا لمراده ، كما في الأحاديث القدسية ، لا بعنوان القرآن المعجز " ( 2 ) .
* بعض الروايات
نذكر هنا بعض الروايات التي تحكي ما جرى على مصحف أمير المؤمنين عليه السلام ، وستأتي كلمات العلماء والمحققين عليهم رضوان الله :
في الكافي : " محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن سالم بن سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عز وجل على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام وقال : أخرجه علي عليه السلام إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم : هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله وقد جمعته من اللوحين فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع فيه
( 1 ) البيان في تفسير القرآن ص223-226. ( 2 ) بحوث في تاريخ القرآن للسيد مير محمدي زرندي ص278.
- ص 252 -
القرآن لا حاجة لنا فيه ، فقال أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا ، إنما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه " ( 1 ) .
وفي بصائر الدرجات: " عن إبراهيم بن عمر عنه قال : إن في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن ، وكانت فيه أسماء الرجال فألقيت وإنما الاسم الواحد في وجوه لا تحصى تعرف ذلك الوصاة " ( 2 ) .
وفي كتاب سليم بن قيس :" فلما جمعه كله وكتبه بيده على تنزيله وتأويله والناسخ منه والمنسوخ ، بعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع . فبعث إليه علي عليه السلام : إني لمشغول وقد آليت نفسي يمينا أن لا أرتدي رداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه . فسكتوا عنه أياما فجمعه في ثوب واحد وختمه ، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله . فنادى علي عليه السلام بأعلى صوته : يا أيها الناس ، إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله مشغولا بغسله ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد . فلم ينزل الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وآله آية إلا وقد جمعتها ، وليست منه آية إلا وقد جمعتها وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمني تأويلها .ثم قال لهم علي عليه السلام : لئلا تقولوا غدا إنا كنا عن هذا غافلين . ثم قال لهم علي عليه السلام : لئلا تقولوا يوم القيامة إنى لم أدعكم إلى نصرتي ولم أذكركم حقي ، ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته . فقال عمر : ما أغنانا ما معنا من القرآن عما تدعونا إليه ثم دخل علي عليه السلام بيته " ( 3 ) .
وفي الاحتجاج :" فلما رأى علي عليه السلام غدرهم وقلة وفائهم لزم بيته واقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه ، فلم يخرج حتى جمعه كله فكتبه على تنـزيله والناسخ والمنسوخ ، فبعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع ، فبعث إليه إني مشغول فقد آليت بيمين إن لا ارتدى برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه ، فجمعه في ثوب وختمه ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله فنادى عليه السلام بأعلى صوته : أيها الناس إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلى الله عليه واله مشغولا بغسله ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب ، فلم ينـزل الله على نبيه آية من القرآن إلا وقد جمعتها كلها في هذا الثوب ، وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى عليه وآله و أعلمني تأويلها . فقالوا : لا حاجة لنا به عندنا مثله " ( 4 ) .
( 1 ) الكافي ج2ص633 ، لا يخفى عليك أن المقصود من جملة (كما أنزله الله) أي القرآن مع تنـزيله وتفسيره الذي نزل به جبريل عليه السلام وقد مر الكلام مفصلا .
( 2 ) بصائر الدرجات ج1ص195-196ح6.
( 3 ) كتاب سليم بن قيس ص146-147 تحقيق محمد باقر الأنصاري .
( 4 ) الاحتجاج للطبرسي ج1ص107 .
- ص 253 -
وعن البحار : " في رواية أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم كما قد أوصاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله . فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم ، فوثب عمر وقال : يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه ، فأخذه علي عليه السلام وانصرف ثم أحضروا زيد بن ثابت وكان قاريا للقرآن ، فقال له عمر : إن عليا جاءنا بالقرآن ، وفيه فضائح المهاجرين والأنصار : وقد رأينا أن نؤلف القرآن ونسقط منه ما كان فيه فضيحة وهتك للمهاجرين والأنصار ، فأجابه زيد إلى ذلك ثم قال : فان أنا فرغت من القرآن على ما سألتم وأظهر علي القرآن الذي ألفه أليس قد بطل ما قد عملتم ؟ قال عمر : فما الحيلة ؟ قال زيد أنتم أعلم بالحيلة ، فقال عمر : ما حيلة دون أن نقتله ونستريح منه ، فدبر في قتله على يد خالد بن الوليد ، فلم يقدر على ذلك . وقد مضى شرح ذلك ، فلما استخلف عمر سأل عليا عليه السلام أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم ، فقال : يا أبا الحسن ! إن جئت بالقرآن الذي كنت جئت به إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه ، فقال علي عليه السلام : هيهات ليس إلى ذلك سبيل ، إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ولا {تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}(الأعراف/172). أو تقولوا ما جئتنا به ، إن القرآن الذي عندي لا يمسه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي ، فقال عمر : فهل وقت لإظهاره معلوم ؟ قال علي عليه السلام : نعم إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة عليه " ( 1 ) .
أقول : الروايات في هذا المجال متفقة على معنى واحد وهو عرض الأمير عليه السلام مصحفه على القوم ورفضهم له لما فيه من مثالبهم وفضائحهم ، وبالجمع بين الأدلة يتضح أن تلك الفضائح كانت بذكر أسمائهم ولم تكن إلا من باب التفسير والتنـزيل ، ومن جهة أخرى كان في القرآن –بالمعنى المجازي- من فضائل أهل البيت عليهم السلام الشيء الكثير لاختصاصهم عليهم الصلاة والسلام بكثير من الآيات القرآنية وكذا ذكر عدوهم وصفاتـهم ، لذا روي عنهم عليهم السلام أنـهم قالوا :
" نزل القرآن على أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع في فرائض وأحكام ، وربع سنن وأمثال ، ولنا كرائم القرآن " ( 2 ) .
ونعلم بذلك معنى ما روي عنهم عليهم السلام مرسلا : " لو قد قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين " ( 3 ) ، لأنه احتوى التنـزيل . فالقرآن كما أنزل – أي بما يحتوي من التنـزيل – كان كبير
( 1 ) بحار الأنوار ج98ص42-43.
( 2 ) بحار الأنوار ج 98ص114ح1 عن تفسير العياشي.
( 3 ) بحار الأنوار ج 98ص55ح24 نقلا عن تفسير العياشي .
- ص 254 -
الحجم ، وهذه هي صفة المصحف الذي جاء به أمير المؤمنين عليه السلام لهم في روايات أهل السنة ، وحتما هذا القرآن بآياته وتنـزيله لم يجمعه أحد غير أمير المؤمنين عليه السلام ومنه إلى بقية الأوصياء عليهم السلام ، لذا روي عنهم عليهم السلام قولهم : " ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء " ( 1 ) ،
وكذا روي : " ما من أحد من الناس يقول : إنه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلا كذب ، وما جمعه وما حفظه كما أنزل الله إلا علي ابن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام " ( 2 ) ، ونسأل الله أن يرزقنا النظر في هذا التنـزيل بأعيننا ، آمين رب العالمين .
* النـتيجـة :
سُدَّ باب العلم على الأمة بإطفاء نور التفسير الذي جمعه الإمام علي عليه السلام ردف النصوص القرآنية ، فقد ردوا مصحفا شمل كل النازل من السماء ويتميز بأن نصوصه القرآنية وتنـزيله كانت إملاء من رسول الله وتدوينا من الإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما ، وهذا لا يعني أنه جمع في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنما أملاه صلى الله عليه وآله وسلم في زمنه على الإمام علي عليه السلام في قطع من الأوراق والرقاع ومن ثم عمل على جمعه عليه السلام فيما بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ، قال في البحار : " أخبر أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وآله قال : في مرضه الذي توفي فيه لعلي بن أبي طالب عليه السلام : يا علي هذا كتاب الله خذه إليك ، فجمعه علي عليه السلام في ثوب فمضى إلى منـزله ، فلما قبض النبي صلى الله عليه وآله جلس علي فألفه كما أنزل الله ، وكان به عالما .
وحدثني أبو العلاء العطار والموفق خطيب خوارزم في كتابيهما بالإسناد عن علي بن رباح : أن النبي صلى الله عليه واله أمر عليا بتأليف القرآن فألفه وكتبه . جبلة بن سحيم ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : لوثني لي الوسادة و عرف لي حقي لأخرجت لهم مصحفا كتبته وأملاه علي رسول الله صلى الله عليه واله " ( 3 ) .
( 1 ) بحار الأنوار ج98ص88ح26.
( 2 ) ن.م ح27. ( 3 ) بحار الأنوار ج4ص155.
- ص 255 -
ولا حاجة للتذكير بأنه كانت هناك مصاحف أخرى في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير هذا المصحف عند الصحابة ، ولكن خصوص هذا المصحف يتميز بوجود ما أملاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تفسير وتنـزيل .
وبعد فترة جاءت حرب اليمامة فقتل القرّاء ، وروايات أهل السنة فيها أن ابن الخطاب أراد آية من كتاب الله فلم يجدها فسأل عنها فقيل له كانت موجودة عند فلان وقتل ! ، أخرج ابن أبي داود في المصاحف بسنده :
" أن عمر ابن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل : كانت مع فلان ، قتل يوم اليمامة ! فقال : إنا لله ! فأمر بجمع القرآن " ( 1 ) .
وهذا يعني أن ابن الخطاب التفت إلى جمع القرآن حينما فقدت آية منه ، وكان الفراغ الذي تولد من الإعراض عن مصحف الإمام علي عليه السلام يستدعي التفكير جديا في كتابة مصحف رسمي للأمة الإسلامية يتميز عن مصاحف الصحابة بكونه محفوظا عند الخليفة ليرجع له حال فقدان قرّاء القرآن في المواطن والحروب ، واشترط فيه حذف التنـزيل وإلقاء التفسير النازل من السماء بتجريده وجعله نصوصا قرآنية صرفة .
فابتدأت الفكرة ، بتخطيط من ابن الخطاب كما تنص عليه روايات البخاري السابقة بعد يوم اليمامة ومقتل القرّاء ، ولم يتم مصحف الدولة هذا لا في زمن أبي بكر ولا في زمن عمر فمات إلى أن وصل إلى حفصة على هيئة قصاصات ورق مشتتة مبعثرة ، فلم يجمع هذا المصحف الرسمي ولم ير النور، مع وجود مصاحف كثيرة مبثوثة بين الصحابة ولا سيما المصحف الذي أملاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخُط بيد الإمام علي عليه السلام ، ولكن ماذا نفعل والقيادة آنذاك حكيمة !
( 1 ) تاريخ القرآن للكردي الخطاط ص25 .
المصدر
إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف
تأليف : أبو عمر صادق العلائي