الشيعة الإمامية وجمع القرآن
الشيعة لم يقبلوا ما ذهب له أهل السنة من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحل إلى ربه عز وجل وترك القرآن مفرقا في نتاتيفٍ من خوص النخيل وقطع من الحجارة وعظام أكتاف الإبل ، فهذا عندهم أقرب للخيال من الواقع ، وكذا الحال بالنسبة لجمعه على يد بعض الصحابة بتلك الطريقة الساذجة ، قال الشيخ علي الكوراني العاملي حفظه الله تعالى في تدوين القرآن :
" هذه الأدلة التي يمكن أن يضاف إليها غيرها حتى تبلغ خمسين دليلا . . يكفي بعضها لإثبات أنه لم تكن توجد مشكلة عند المسلمين اسمها جمع القرآن !! ولكن الباحثين في أمور القرآن وعلومه من إخواننا السنة يريدون منا أن نغمض عيوننا عن أدلة وجود نسخ القرآن وانتشارها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وعهد أبي بكر وعمر . . مع أن الإسلام بلغ مناطق واسعة من الشرق والغرب ، وأقبلت الشعوب من ورثة الحضارة الفارسية والرومانية على قراءة القرآن ودراسته . . وكان في كل مدينة وربما في كل قرية من يقرأ ويكتب ويريد نسخة من القرآن المنـزل على النبي الجديد . . بل كانت الرغبة والتعطش لسماع القرآن وتعلمه وقراءته موجة عارمة في شعوب كل البلاد المفتوحة ، حتى أولئك الذين لا يعرفون العربية ! ! يريدون منا أن نغمض عيوننا عن هذا الواقع وأن نقبل بدله نصوصا قالت إن نسخة القرآن كانت تواجه خطر الضياع ، لأنـها كانت مكتوبة بشكل بدائي ساذج على . . العظام وصفائح الحجارة وسعف النخل . . الخ .
وأن الدولة شمرت عزيمتها ونـهضت لإنقاذ كتاب الله من الضياع والإندثار . . وشكلت لـجنة تاريخية ، بذلت حهودا مضنية في جمع القرآن . . حتى أنـها استعطت آياته وسوره من الناس استعطاء على باب المسجد ! لا بأس أن نمدح الصحابة وجهودهم لخدمة الدين والقرآن . . لكن بالمعقول ، فالمدح غير المعقول ابن عم الذم ! ! ولا بأس أن نمدح الصحابة وجهودهم لخدمة الدين والقرآن . . لكن بشرط أن لا نوهن الدين والقرآن والرسول صلى الله عليه وآله ! " ( 1 ) .
إذن لا واقع لتلك القصة الشيقة باعتبارها جمع القرآن الأول ، نعم لها واقع آخر لكثرة رواياتـهم التي تلزمنا التسليم بخطوطها العريضة وسيأتي ذكر الهدف من ذلك الجمع ، ولكن لا مجال للقول بانبثاق قرآن المسلمين شرقا وغربا من ذلك الجمع وعدم وجود كيان جمعي للقرآن ومصحف مدون قبل ذلك العمل الخطير الذي نسب إلى زيد .
( 1 ) تدوين القرآن ص253-254.
- ص 225 -
الـشيعـة وأول من جمع للقرآن :
إن أول من أمر بجمع القرآن وقام بتنظيم آياته وأثبتها في مواضعها المرادة لله عز وجل هو الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو الذي بدرايته وحفظه أتم السور ورتبها ، وأشرف عليها ممليا ومستكتبا ، آمرا الناس بكتابته والقيام بحفظه والاشتغال بنسخه ، وما أرجأ آيةً نزلت ولا كلمة إلى زمن آت لتكتب ، ولا لمقام آخر لتدون ، وما اعتمد على أمته في هذا الدور الخطير الذي يحتاج إلى تسديد مباشر من الوحي .
وكيف يظن الشيعة به -صلى الله عليه وآله وسلم- يتركها هكذا عشواء في ظلماء يُتخبط بـها هذا وذاك من هنا وهناك ؟! حتى يصير القرآن دُولة لأمزجتهم وميدانا لآرائهم يتمزق كل ممزق أو يضيع بموت حفظته ، وهو كتاب آخر الرسالات وانقطاع وحي السماء !
أم كيف يتركه مبعثرا بين أيديهم لتدخل سخلة فتأكل آية منه أو آيتين كما تزعم عائشة ؟! وكيف يظن الشيعة به – صلى الله عليه وآله وسلم- ينام قرير العين والقرآن لم يعرف أوله من آخره بعدُ ممزق الأشلاء بين الحجارة وخوص النخل !؟ معاذ الله .
والحق أنه ما كان ينتهي صلى الله عليه وآله وسلم من تلقي الوحي إلا ويأمر الكتبة ليدونوا ما سيمليه عليهم ، ثم يأمرهم ليعيدوا عليه صلى الله عليه وآله وسلم فما زاغ أقامه وما نقص أكمله ، وهكذا كلما نزل قرآن من السماء ازداد حجم المصاحف عند الصحابة التي كانت تضاف لها الآيات المكتوبة في الرقاع وترتب في المصاحف بحسب ما يأمرهم صلى الله عليه وآله وسلم به ، واستمر العمل على هذا المنوال إلى أواخر أيام حياته صلى الله عليه وآله وسلم ، وحينما انقطع وحي السماء كان المصحف قد كمل تلقائيا للعمل الدؤوب والمتواصل في جمع آياته النازلة ورتيبها بعد نقلها من الرقاع إلى المصحف ، وقد كان بعضهم يفتخر بختمه القرآن وجمعه في مصحفه بإملاء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلا يأتي له شبه ولا تشوبه خلجة وكفى بالله شهيدا وبرسوله جامعا ورقيبا ( 1 ) .
( 1 ) هذا التصوير لكيفية جمع القرآن في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أسلم تصوير يتجاوز بعض الإشكالات ، وهنا ملاحظة مهمة جدا يجب التنبيه عليها وهي أنه عندما أقول إن جمع القرآن كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا أقصد به أن تدوين القرآن بتمامه وكماله فرغ منه في بداية حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبل أن يتم نزول كل القرآن من السماء ! وإنما أقصد أن القرآن رتبت آياته النازلة ونسقت سوره النازلة الواحدة تلو الأخرى كلا على حدة ، فعرف أول السورة من آخرها على وجه منسق منظم وإن لم يتم نزول القرآن بعد ، فيسمى هذا التنسيق والترتيب جمع للقرآن ومصحف مجموع ، فالجمع المقصود منه هو لملمة الشتات في كيان واحد جمعي تضاف إليه أجزاؤه الأخرى يوما بعد يوم في ترتيب وتنسيق إلى أن يكمل في آخر حياته صلى الله عليه وآله وسلم ، وبعبارة واضحة إن عدم نزول كل القرآن من السماء لا يناقض تسمية هذا الكيان المرتب والمنسق بأنه جمع للقرآن ومصحف مجموع ، وهذا خلاف ما يقول أهل السنة من أن القرآن إلى وفاته صلى الله عليه وآله وسلم كان مبعثرا هنا وهناك بعضه في صدور الرجال وبعضه في اللخاف وبعضه في الرقاع وبعضه دون على الحجارة وهكذا ، ولو قالوا إن القرآن كان مرتبا منسقا ولكن آخر آيات منه لم تدون في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاتفقنا معهم على أن القرآن جمع في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، واقتصر الخلاف على أن إلحاق كل الآيات في هذا الجمع تم في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم أم أن بعضها ألحقت فيما بعد .
الشيعة لم يقبلوا ما ذهب له أهل السنة من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحل إلى ربه عز وجل وترك القرآن مفرقا في نتاتيفٍ من خوص النخيل وقطع من الحجارة وعظام أكتاف الإبل ، فهذا عندهم أقرب للخيال من الواقع ، وكذا الحال بالنسبة لجمعه على يد بعض الصحابة بتلك الطريقة الساذجة ، قال الشيخ علي الكوراني العاملي حفظه الله تعالى في تدوين القرآن :
" هذه الأدلة التي يمكن أن يضاف إليها غيرها حتى تبلغ خمسين دليلا . . يكفي بعضها لإثبات أنه لم تكن توجد مشكلة عند المسلمين اسمها جمع القرآن !! ولكن الباحثين في أمور القرآن وعلومه من إخواننا السنة يريدون منا أن نغمض عيوننا عن أدلة وجود نسخ القرآن وانتشارها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وعهد أبي بكر وعمر . . مع أن الإسلام بلغ مناطق واسعة من الشرق والغرب ، وأقبلت الشعوب من ورثة الحضارة الفارسية والرومانية على قراءة القرآن ودراسته . . وكان في كل مدينة وربما في كل قرية من يقرأ ويكتب ويريد نسخة من القرآن المنـزل على النبي الجديد . . بل كانت الرغبة والتعطش لسماع القرآن وتعلمه وقراءته موجة عارمة في شعوب كل البلاد المفتوحة ، حتى أولئك الذين لا يعرفون العربية ! ! يريدون منا أن نغمض عيوننا عن هذا الواقع وأن نقبل بدله نصوصا قالت إن نسخة القرآن كانت تواجه خطر الضياع ، لأنـها كانت مكتوبة بشكل بدائي ساذج على . . العظام وصفائح الحجارة وسعف النخل . . الخ .
وأن الدولة شمرت عزيمتها ونـهضت لإنقاذ كتاب الله من الضياع والإندثار . . وشكلت لـجنة تاريخية ، بذلت حهودا مضنية في جمع القرآن . . حتى أنـها استعطت آياته وسوره من الناس استعطاء على باب المسجد ! لا بأس أن نمدح الصحابة وجهودهم لخدمة الدين والقرآن . . لكن بالمعقول ، فالمدح غير المعقول ابن عم الذم ! ! ولا بأس أن نمدح الصحابة وجهودهم لخدمة الدين والقرآن . . لكن بشرط أن لا نوهن الدين والقرآن والرسول صلى الله عليه وآله ! " ( 1 ) .
إذن لا واقع لتلك القصة الشيقة باعتبارها جمع القرآن الأول ، نعم لها واقع آخر لكثرة رواياتـهم التي تلزمنا التسليم بخطوطها العريضة وسيأتي ذكر الهدف من ذلك الجمع ، ولكن لا مجال للقول بانبثاق قرآن المسلمين شرقا وغربا من ذلك الجمع وعدم وجود كيان جمعي للقرآن ومصحف مدون قبل ذلك العمل الخطير الذي نسب إلى زيد .
( 1 ) تدوين القرآن ص253-254.
- ص 225 -
الـشيعـة وأول من جمع للقرآن :
إن أول من أمر بجمع القرآن وقام بتنظيم آياته وأثبتها في مواضعها المرادة لله عز وجل هو الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو الذي بدرايته وحفظه أتم السور ورتبها ، وأشرف عليها ممليا ومستكتبا ، آمرا الناس بكتابته والقيام بحفظه والاشتغال بنسخه ، وما أرجأ آيةً نزلت ولا كلمة إلى زمن آت لتكتب ، ولا لمقام آخر لتدون ، وما اعتمد على أمته في هذا الدور الخطير الذي يحتاج إلى تسديد مباشر من الوحي .
وكيف يظن الشيعة به -صلى الله عليه وآله وسلم- يتركها هكذا عشواء في ظلماء يُتخبط بـها هذا وذاك من هنا وهناك ؟! حتى يصير القرآن دُولة لأمزجتهم وميدانا لآرائهم يتمزق كل ممزق أو يضيع بموت حفظته ، وهو كتاب آخر الرسالات وانقطاع وحي السماء !
أم كيف يتركه مبعثرا بين أيديهم لتدخل سخلة فتأكل آية منه أو آيتين كما تزعم عائشة ؟! وكيف يظن الشيعة به – صلى الله عليه وآله وسلم- ينام قرير العين والقرآن لم يعرف أوله من آخره بعدُ ممزق الأشلاء بين الحجارة وخوص النخل !؟ معاذ الله .
والحق أنه ما كان ينتهي صلى الله عليه وآله وسلم من تلقي الوحي إلا ويأمر الكتبة ليدونوا ما سيمليه عليهم ، ثم يأمرهم ليعيدوا عليه صلى الله عليه وآله وسلم فما زاغ أقامه وما نقص أكمله ، وهكذا كلما نزل قرآن من السماء ازداد حجم المصاحف عند الصحابة التي كانت تضاف لها الآيات المكتوبة في الرقاع وترتب في المصاحف بحسب ما يأمرهم صلى الله عليه وآله وسلم به ، واستمر العمل على هذا المنوال إلى أواخر أيام حياته صلى الله عليه وآله وسلم ، وحينما انقطع وحي السماء كان المصحف قد كمل تلقائيا للعمل الدؤوب والمتواصل في جمع آياته النازلة ورتيبها بعد نقلها من الرقاع إلى المصحف ، وقد كان بعضهم يفتخر بختمه القرآن وجمعه في مصحفه بإملاء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلا يأتي له شبه ولا تشوبه خلجة وكفى بالله شهيدا وبرسوله جامعا ورقيبا ( 1 ) .
( 1 ) هذا التصوير لكيفية جمع القرآن في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أسلم تصوير يتجاوز بعض الإشكالات ، وهنا ملاحظة مهمة جدا يجب التنبيه عليها وهي أنه عندما أقول إن جمع القرآن كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا أقصد به أن تدوين القرآن بتمامه وكماله فرغ منه في بداية حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبل أن يتم نزول كل القرآن من السماء ! وإنما أقصد أن القرآن رتبت آياته النازلة ونسقت سوره النازلة الواحدة تلو الأخرى كلا على حدة ، فعرف أول السورة من آخرها على وجه منسق منظم وإن لم يتم نزول القرآن بعد ، فيسمى هذا التنسيق والترتيب جمع للقرآن ومصحف مجموع ، فالجمع المقصود منه هو لملمة الشتات في كيان واحد جمعي تضاف إليه أجزاؤه الأخرى يوما بعد يوم في ترتيب وتنسيق إلى أن يكمل في آخر حياته صلى الله عليه وآله وسلم ، وبعبارة واضحة إن عدم نزول كل القرآن من السماء لا يناقض تسمية هذا الكيان المرتب والمنسق بأنه جمع للقرآن ومصحف مجموع ، وهذا خلاف ما يقول أهل السنة من أن القرآن إلى وفاته صلى الله عليه وآله وسلم كان مبعثرا هنا وهناك بعضه في صدور الرجال وبعضه في اللخاف وبعضه في الرقاع وبعضه دون على الحجارة وهكذا ، ولو قالوا إن القرآن كان مرتبا منسقا ولكن آخر آيات منه لم تدون في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاتفقنا معهم على أن القرآن جمع في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، واقتصر الخلاف على أن إلحاق كل الآيات في هذا الجمع تم في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم أم أن بعضها ألحقت فيما بعد .