غزة - فارس: كلما يشتد الحصار على الغزيين، تجدهم يبتكرون وسائل جديدة تساعدهم في العيش بكرامة دون السؤال وطلب الحاجة، فقد تفنن أهالي القطاع مؤخراً في استغلال ركام عشرات المباني المهدمة خلال العدوان الصهيوني الأخير، للتغلب على الظروف الصعبة التي يعيشونها.
وأفاد مراسل وكالة أنباء فارس في غزة، أن إبداعات الغزيين منذ بدء الحصار لم تتوقف عند حدٍ معين، فالكل شاهد استخدامهم زيت الطعام كوقود للمركبات، وإنشاءهم مساكن من الطين، لينتهي بهم المفاض إلى استغلال آلاف الأطنان من ركام المنازل والمؤسسات المدمرة، عبر تحطيم الكتل الخرسانية وتحويلها إلى حصى يمكن إعادة استخدامها في صناعة طوب البناء، بالإضافة إلى ما توفره تلك الكتل من حديد يعاد تعديله ليستخدم مجدداً في البناء.
ويقول المواطن نائل بركة، الذي تمتلك عائلته مصنعاً لصناعة الطوب في مدينة في خان يونس جنوب قطاع غزة: "إنهم أعادوا تشغيل مصنعهم بعد أربع سنوات من إيقافه، بعد أن توفر الحصى اللازمة لإنتاج طوب المباني".
ويلفت بركة النظر إلى أن الحصى التي يحصل عليها من كتل الخرسانة ومخلفات المنازل المدمرة أقل كفاءة من الحصى الاعتيادية، إلا أنها أسهمت في حل مشكلة كبيرة، لاسيما أن قطاع غزة كان يعاني من أزمة، بعد حل أزمة الإسمنت جزئياً في أعقاب إدخاله عبر الأنفاق.
ويشير إلى ارتفاع أسعار الطوب الذي تنتجه المصانع في غزة، الأمر الذي يحرم الكثيرين من ترميم منازلهم، إذ يصل سعر الطوب مقاس 20 سنتيمتراً لـ5 شيكل صهيوني (أي ما يعادل دولار ونصف تقريباً).
من جانبه، يقول الموطن إبراهيم حسين، إنه "بدأ وبعد ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب على غزة بتكسير وتحطيم الكتل الإسمنتية يدوياً في المباني المدمرة، لاستخلاص الحديد وبيعه في السوق المحلي بأسعار تعوضني عن جهدي"، آخذاً بعين الاعتبار الأجرة التي دفعت للعمال.
وبيَّن هذا المواطن -الحاصل على درجة البكالوريوس في التجارة من الجامعة الإسلامية في غزة- أن هناك إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين والتجار على شراء الحديد المستخلص من ركام المنازل المدمرة، موضحاً أن تهريب الإسمنت عبر الأنفاق ساعد على رواج السلعة التي يعرضها.
وخلال تواجدنا عند هذا المواطن شاهدنا عدداً من المواطنين الذين يتقاطرون على شراء الحديد، وسألنا أحدهم ويدعى ثائر مبارك عن السبب الذي يدفعه لشراء هذا الحديد المستعمل، ليجيب بالقول: أنا مضطر لشرائه كوني اسكن في حجرة صغيرة بمنزل العائلة منذ أن تزوجت قبل ثلاثة أعوام.
ويضيف مبارك (24 عاماً) الذي يعمل في جهاز الشرطة التابعة للحكومة الفلسطينية في غزة: الظروف تغيرت بالنسبة إلي، فأنا الآن أعيل طفلين ولم تعد الغرفة التي أسكنها تفي بالتزامي تجاه أسرتي وأبنائي.
ويلفت هذا الشاب النظر إلى أنه أسس منزله الجديد على قواعد أرضية جاهزة تم استخلاصها من مباني مهدمة، مشيراً إلى أن المهندسين أكدوا أنها تصلح لأن يُبنى عليها.
ويوضح أن هذه القواعد التي استخدمها في منزله لم تكلفه سوى 3700 شيكل صهيوني (أي ما يقارب 1000 دولار)، قائلاً: لو قمت بعمل القواعد كما هو متعارف عليه سيكلفني ذلك الأمر ثلاثة أضعاف الرقم الذي طرحته لك، وهذا مكلف كثيراً.
وكان صناعيون وتجار يعملون في قطاع الصناعات الإنشائية قد استعانوا في إعادة تدوير الحصى بكسارات معظمها مصنعة محلياً لاستخراج الحصى بمختلف أحجامها من الركام لإعادة استخدامها في صناعة طوب البناء.
وكشف فريد زقوت؛ المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات الإنشائية، النقاب عن نشأة هذه الصناعة الجديدة المعتمدة بشكل رئيس على ركام المنازل، والمباني التي دمرها الاحتلال خلال الحرب، مبيناً أن عشرات الكسارات محلية الصنع تعمل منذ أشهر في هذه الصناعة.
وبيَّن أن عدداً من أصحاب مصانع الطوب لجأوا مؤخراً للاستعانة بهذه الكسارة المصنوعة محلياً لتمكينهم من استئناف نشاطهم في إنتاج الطوب، موضحاً أن كلفة الكسارة المحلية تتراوح بين (2000 - 5000 دولار)، أما طاقتها الإنتاجية فتعتمد على مستوى كلفة إنتاجها، إذ تتراوح قدرة هذه الكسارات بين 15 طناً - 30 طناً في اليوم الواحد، فيما تتجاوز قدرة الكسارات المستوردة والمستخدمة للغاية ذاتها أكثر من 150 طناً، إلا أن عدد هذه الكسارات لا يتجاوز الأربع في القطاع.
ولفت إلى أن نحو 40 مصنعاً من مصانع الطوب العاملة في القطاع لجأت إلى استخدام هذه الكسارة، واستعانت بأصحاب العربات المجرورة في تجميع الركام وإيصاله إلى المصنع، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من أصحاب العربات والشاحنات امتهنوا في الآونة الأخيرة مهنة تجميع ركام المباني وبيعه إلى أصحاب الكسارات.
على صعيد منفصل، ناقش وفد من بلدية غزة مؤخراً مع كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية، سبل استخدام ركام المباني المدمرة في رصف الطرقات.
وأوضح المهندس عطا السيقلي؛ مدير إدارة إعداد وتطوير المشاريع بالبلدية، أن أسباب العمل بهذا المشروع جاء نتيجة عدم دخول مادة "البيس كورس"، التي تستخدم في الرصف، إلى القطاع من قبل سلطات الاحتلال، ما حال دون دخول المواد المستعملة في رصف الطرق وغيرها.
وقال بهذا الشأن: نتيجة للحصار كان لابد من إيجاد بديل آخر وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي عند هذا الحد، بل قامت البلدية وبالتعاون مع قسم الهندسة في الجامعة الإسلامية بدراسة المشروع من الناحية الفنية والاقتصادية، وثبت عدم إضرارها بالبيئة أو بالمجتمع.
هذا وأكد الأستاذ الدكتور شفيق جندية؛ عميد كلية الهندسة وأستاذ هندسة الطرق والمواصلات في الجامعة الإسلامية، أنه يمكن استخدام الحصويات الناتجة عن تكسير الركام في رصف طبقات الأساس للطرق تحت شروط معينة، لافتاً إلى أنه تنطبق عليها المواصفات الخاصة بالطرق.
وأوضح جندية أن استخدام أي مادة إنشاء يقتضي أن تتوفر فيها الخواص الفنية والاقتصادية والبيئية، مرتكزاً في حديثه إلى أبحاث تم إجراؤها في مختبرات المواد والتربية في كلية الهندسة.
وأفاد مراسل وكالة أنباء فارس في غزة، أن إبداعات الغزيين منذ بدء الحصار لم تتوقف عند حدٍ معين، فالكل شاهد استخدامهم زيت الطعام كوقود للمركبات، وإنشاءهم مساكن من الطين، لينتهي بهم المفاض إلى استغلال آلاف الأطنان من ركام المنازل والمؤسسات المدمرة، عبر تحطيم الكتل الخرسانية وتحويلها إلى حصى يمكن إعادة استخدامها في صناعة طوب البناء، بالإضافة إلى ما توفره تلك الكتل من حديد يعاد تعديله ليستخدم مجدداً في البناء.
ويقول المواطن نائل بركة، الذي تمتلك عائلته مصنعاً لصناعة الطوب في مدينة في خان يونس جنوب قطاع غزة: "إنهم أعادوا تشغيل مصنعهم بعد أربع سنوات من إيقافه، بعد أن توفر الحصى اللازمة لإنتاج طوب المباني".
ويلفت بركة النظر إلى أن الحصى التي يحصل عليها من كتل الخرسانة ومخلفات المنازل المدمرة أقل كفاءة من الحصى الاعتيادية، إلا أنها أسهمت في حل مشكلة كبيرة، لاسيما أن قطاع غزة كان يعاني من أزمة، بعد حل أزمة الإسمنت جزئياً في أعقاب إدخاله عبر الأنفاق.
ويشير إلى ارتفاع أسعار الطوب الذي تنتجه المصانع في غزة، الأمر الذي يحرم الكثيرين من ترميم منازلهم، إذ يصل سعر الطوب مقاس 20 سنتيمتراً لـ5 شيكل صهيوني (أي ما يعادل دولار ونصف تقريباً).
من جانبه، يقول الموطن إبراهيم حسين، إنه "بدأ وبعد ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب على غزة بتكسير وتحطيم الكتل الإسمنتية يدوياً في المباني المدمرة، لاستخلاص الحديد وبيعه في السوق المحلي بأسعار تعوضني عن جهدي"، آخذاً بعين الاعتبار الأجرة التي دفعت للعمال.
وبيَّن هذا المواطن -الحاصل على درجة البكالوريوس في التجارة من الجامعة الإسلامية في غزة- أن هناك إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين والتجار على شراء الحديد المستخلص من ركام المنازل المدمرة، موضحاً أن تهريب الإسمنت عبر الأنفاق ساعد على رواج السلعة التي يعرضها.
وخلال تواجدنا عند هذا المواطن شاهدنا عدداً من المواطنين الذين يتقاطرون على شراء الحديد، وسألنا أحدهم ويدعى ثائر مبارك عن السبب الذي يدفعه لشراء هذا الحديد المستعمل، ليجيب بالقول: أنا مضطر لشرائه كوني اسكن في حجرة صغيرة بمنزل العائلة منذ أن تزوجت قبل ثلاثة أعوام.
ويضيف مبارك (24 عاماً) الذي يعمل في جهاز الشرطة التابعة للحكومة الفلسطينية في غزة: الظروف تغيرت بالنسبة إلي، فأنا الآن أعيل طفلين ولم تعد الغرفة التي أسكنها تفي بالتزامي تجاه أسرتي وأبنائي.
ويلفت هذا الشاب النظر إلى أنه أسس منزله الجديد على قواعد أرضية جاهزة تم استخلاصها من مباني مهدمة، مشيراً إلى أن المهندسين أكدوا أنها تصلح لأن يُبنى عليها.
ويوضح أن هذه القواعد التي استخدمها في منزله لم تكلفه سوى 3700 شيكل صهيوني (أي ما يقارب 1000 دولار)، قائلاً: لو قمت بعمل القواعد كما هو متعارف عليه سيكلفني ذلك الأمر ثلاثة أضعاف الرقم الذي طرحته لك، وهذا مكلف كثيراً.
وكان صناعيون وتجار يعملون في قطاع الصناعات الإنشائية قد استعانوا في إعادة تدوير الحصى بكسارات معظمها مصنعة محلياً لاستخراج الحصى بمختلف أحجامها من الركام لإعادة استخدامها في صناعة طوب البناء.
وكشف فريد زقوت؛ المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات الإنشائية، النقاب عن نشأة هذه الصناعة الجديدة المعتمدة بشكل رئيس على ركام المنازل، والمباني التي دمرها الاحتلال خلال الحرب، مبيناً أن عشرات الكسارات محلية الصنع تعمل منذ أشهر في هذه الصناعة.
وبيَّن أن عدداً من أصحاب مصانع الطوب لجأوا مؤخراً للاستعانة بهذه الكسارة المصنوعة محلياً لتمكينهم من استئناف نشاطهم في إنتاج الطوب، موضحاً أن كلفة الكسارة المحلية تتراوح بين (2000 - 5000 دولار)، أما طاقتها الإنتاجية فتعتمد على مستوى كلفة إنتاجها، إذ تتراوح قدرة هذه الكسارات بين 15 طناً - 30 طناً في اليوم الواحد، فيما تتجاوز قدرة الكسارات المستوردة والمستخدمة للغاية ذاتها أكثر من 150 طناً، إلا أن عدد هذه الكسارات لا يتجاوز الأربع في القطاع.
ولفت إلى أن نحو 40 مصنعاً من مصانع الطوب العاملة في القطاع لجأت إلى استخدام هذه الكسارة، واستعانت بأصحاب العربات المجرورة في تجميع الركام وإيصاله إلى المصنع، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من أصحاب العربات والشاحنات امتهنوا في الآونة الأخيرة مهنة تجميع ركام المباني وبيعه إلى أصحاب الكسارات.
على صعيد منفصل، ناقش وفد من بلدية غزة مؤخراً مع كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية، سبل استخدام ركام المباني المدمرة في رصف الطرقات.
وأوضح المهندس عطا السيقلي؛ مدير إدارة إعداد وتطوير المشاريع بالبلدية، أن أسباب العمل بهذا المشروع جاء نتيجة عدم دخول مادة "البيس كورس"، التي تستخدم في الرصف، إلى القطاع من قبل سلطات الاحتلال، ما حال دون دخول المواد المستعملة في رصف الطرق وغيرها.
وقال بهذا الشأن: نتيجة للحصار كان لابد من إيجاد بديل آخر وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي عند هذا الحد، بل قامت البلدية وبالتعاون مع قسم الهندسة في الجامعة الإسلامية بدراسة المشروع من الناحية الفنية والاقتصادية، وثبت عدم إضرارها بالبيئة أو بالمجتمع.
هذا وأكد الأستاذ الدكتور شفيق جندية؛ عميد كلية الهندسة وأستاذ هندسة الطرق والمواصلات في الجامعة الإسلامية، أنه يمكن استخدام الحصويات الناتجة عن تكسير الركام في رصف طبقات الأساس للطرق تحت شروط معينة، لافتاً إلى أنه تنطبق عليها المواصفات الخاصة بالطرق.
وأوضح جندية أن استخدام أي مادة إنشاء يقتضي أن تتوفر فيها الخواص الفنية والاقتصادية والبيئية، مرتكزاً في حديثه إلى أبحاث تم إجراؤها في مختبرات المواد والتربية في كلية الهندسة.