بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثامن
الولاء الوهابي لمن؟!
شهادة من الداخل
دور الوهابية في ترسيخ الوجود الصهيوني في فلسطين
محاولة منع الدعاء على اليهود والنصارى.
القيادة الوهابية النصرانية المشتركة
الوهابية والإخوان المسلمون
الفرقة الوهابية معادية لكل مذهب إسلامي ، ولا ترى مذهباً جديراً بالبقاء إلا أتباع الفرقة الوهابية ، فليس لمسلم برقابهم ولاء ، ترى ذلك في حروبهم للمسلمين ، وتهجمهم على علماء الأمة تكفيراً وتفسيقاً ، بينما ولاؤهم مخلص لليهود والنصارى ؛ فهم رحماء بالكفار أشداء على المؤمنين
(يسيئون الأعمال)
و (..ويتركون قتال أهل الأوثان)
وهذا ما ستراه في هذا الفصل.
شهادة من الداخل
لحوم المسلمين في عرف أدعياء السلفية مباحة ، حصدتها سيوفهم بالأمس ، وهاهي ألسنتهم تحصدهم وعلماءهم على المنابر وعلى صدور الكتب ، ولنترك المجال للشيخ خالد بن حامد العسقلاني في كتابه (الردود السلفية على دعاة السلفية)[1] للحديث عن عدائهم لكل ما هو إسلامي ، حيث يقول ص 66، ج1 ، متهكماً بهم : (ولا بد أن نشيد بموقف إخواننا السلفيين العظيم تجاه إخواننا في الجزائر فإن لهم موقفاً لا يحسدون عليه فلم يعجبهم من جهاد الإسلاميين في الجزائر في سبيل نشر دين الله وإعلاء كلمته ولم يلفت انتباههم سوى الأخطاء[2] !! فيقولون : المظاهرات حرام ودخول البلديات باطل وفقط! أما أن ينصرونهم بالوقوف إلى جانبهم والدفاع عن سمعتهم فلا ، ويا ليتها توقفت عند هذا بل اتهموهم بتهم لم نسمعها من أعدائهم ، ومن ذلك الترويج بأن الشيخ عباسي مدني (رئيس جبهة الإنقاذ) ما هو إلا ((مرتزق))!!! يأخذ الرشاوي ويقبض الأموال من جهات متعددة ، ويخبرني أحد الثقات أنه كان باستضافة جمع من الشباب السلفي في إحدى البيوت فجاءت سيرة الجزائر ، وإمكان تسلم الإسلاميين فيها السلطة فأخذوا يتناقشون أيهما أفضل للإسلام والمسلمين إذا وصل (الإخوان) إلى السلطة أفضل أم إذا بقيت في يد الحكومة الحالية!!! سبحان الله لا قوة إلا بالله !!؟ فأقول لهؤلاء أنتم والله بدعوتكم وجماعتكم وأنشطتكم ومراكزكم وجمعياتكم لم تثيروا انتباه (رجل شرطة واحد) أتتحدثون هكذا عن الإسلاميين في الجزائر والذين تابع العالم كله أخبارهم باهتمام وتآمر ضدهم !!! فوالله لا يدل هذا إلا على زبالات من الأخوة الحزبية الضيقة الممقوتة ، ويهلك الحب في الله ، ويحصد الأخوة الصادقة !! فهل بمثل هذا يرجع المجد؟! وهل بمثل هذا تكون الدعوة ؟! وهل بمثل هذا ترشد الصحوة ؟!!! ، ثم نقول لإخواننا السلفيين أنتم مختلفون في سلفيتكم هذه ولم تستقروا بها على قرار ، فبينما قسم منكم يحرم (الجماعة) ويعد ذلك خروجاً على منهج السلف ، نجد قسماً آخر يقول بأن (الجماعة) أمر لا بد منه في الدعوة السلفية ويوجبها! وبينما فئة منهم تحرم دخول المجالس والبرلمانات ترى فئة أخرى إباحتها ، وتعد هذا من فقه الدعوة ، ثم ترى جماعة منهم تقول أن الوجود الإمريكي مؤامرة وفئة أخرى ترى أن الوجود الإمريكي تسخير من رب العالمين !!؟ والحقيقة لقد ذبحتم السلفية من غير سكين باختلافاتكم هذه ويبدوا أنكم اتفقتم على أن لا تتفقوا!!!) ويقول ص 68 : (أما تعدي الكثير من المنتسبين (للسلفي)! على الدعاة والعلماء فحدِّث ولا حرج ، فبالإضافة لتعديهم ((المباح شرعاً)) على قيادات الجماعات الإسلامية !!؟ فإنهم ينتقصون أيضاً من كبار العلماء !! )
ألا يحق للناس بعد هذا أن تستنتج منطقياً بأن هذا الوقوف في وجه كل ما هو إسلامي غير وهابي من قبل هؤلاء ما هو إلا أمر مدبر ، يقف في واجهته هؤلاء الذين يدَّعون حماية العقيدة وهم حملة معاول هدمها؟!
دور الوهابية في ترسيخ الوجود الصهيوني في فلسطين[3]
تمهيد:
الوهابية وليدة مخطط نصراني إنجليزي محكم للقضاء على روح الإسلام ، وتعمية عيون المسلمين بالزخارف منه والمظهر لا غير ، وقد كانت للوهابية أدوار بارزة في خيانة الإسلام وتشويه صورته ، وسنركز في هذا المقال على القضية الفلسطينية وخدمة الوهابية لمصالح بريطانيا ومن ورائها الصهيونية وسندعم ذلك بأفعال الوهابية وأقوالهم ، ونشرك القادة مع العلماء للترابط الوثيق بين القيادة والعلماء منذ ساعة نشأة هذه الحركة الخبيثة حيث لا انفصال بينهما في التوجُّه.
الوهابية عصا النصارى:
بعد ضرب حكم الشريف حسين وابنه علي بتحريض من الإنكليز لمعارضتهم منح فلسطين إلى اليهود ، أكدت الحركة الوهابية موقفها المنطبق مع الموقف الإنكليزي وذلك في المؤتمر الذي انعقد عام 1926 "للنظر في أسلوب حكم الحجاز " ؛ فعندما طرحت بعض الوفود الإسلامية اقتراحا يدعو إلى تطهير البلاد العربية من الحكم الأجنبي على أساس أن يشمل ذلك فلسطين وسوريا والعراق وسواحل الجزيرة العربية ، احتج الوهابية على المشروع وأصروا على حذفه من جدول الأعمال .
مساهمة الوهابية في سقوط الدولة العثمانية وأثر ذلك على سقوط فلسطين:
دور الوهابية مخلص في هذا السبيل ، وكانوا لا يألون جهداً في عون النصارى على ذلك ، ويكفي أن نُذَكِّر ههنا بمشاغلة الوهابية لآل رشيد عن نجدة المسلمين في البصرة ساعة هجوم الإنجليز واعتراف بريطانيا رسمياً بهذا الجهد الوهابي ، وقتالهم للأشراف في الحجاز ، مما سبب اختراقاً استعمارياً في بلاد الإسلام ، وهذا مطمح من مطامح الصهاينة فسقوط الخلافة الرافضة لتهويد فلسطين يعني التسلل إليها بعد ذلك بسهولة ، واقرأ مذكرات حاييم وايزمان حين يقول (لن نستطيع اختراق العالم العربي للوصول إلى فلسطين ما دام طوق الخلافة العثمانية باقياً ، لذلك تعاونا مع بريطانيا لاختراق هذا الطوق ) وقد اخترق الطوق ، وساهم الوهابية في ذلك وبإخلاص[4].
تخدير المسلمين خدمة للنصارى واليهود:
عندما قامت الثورة الفلسطينية سنة 1936 ضد بريطانيا التي كانت تـمهد لتسليم فلسطين إلى اليهود الصهاينة ، تدخل الوهابية خدمة للإنجليز لتخدير الأحرار ، وتعهدوا للثوار بأن بريطانيا سوف تستجيب لمطالبهم إذا أوقفوا الثورة وذلك في (النداء) الذي وجهوه إليهم وجاء فيه :
" إلى أبنائنا عرب فلسطين لقد تألمنا كثيرا للحالة السائدة في فلسطين ، فنحن بالاتفاق مع ملوك العرب والأمير عبد الله ندعوكم للإخلاد إلى السكينة وإيقاف الإضراب حقنا للدماء معتمدين على الله وحسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل ، وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم ".
ولقد أدى ذلك النداء الذي أشرك الاعتماد على الله بالاعتماد على النصارى ! إلى شقِّ الصف الفلسطيني بين رفض وموافقة فانتصر موقف الموافقين.
ولم يكتف الوهابية "بالنداء" بل قدموا إلى فلسطين يرأسهم سراً جون فيلبي ، وعلانية أحد أمراء نجد ، واجتمعوا بالقادة الفلسطينيين في القدس حيث خاطبهم ممثل الوهابية النجدي بقوله : " …بناء على ما عرفته من صدق نوايا بريطانيا أستطيع أن أقسم لكم بالله أن بريطانيا صادقة في ما وعدتنا به وأن بريطانيا تعهدت لوالدي أنها عازمة على حل القضية الفلسطينية " ، ولكن تأكيدات المبعوث الوهابي لقتل الجهاد ، لم تقنع على ما يبدو ، المتنورين من الفلسطينيين إذ أجابه الشاعر عبد الرحيم محمود معبرا عن ريبة الجناح الرافض لوقف الإضراب ، فقال :
المسجد الأقصى أجئتَ تزوره أم جئتَ من قبل الضياعِ تودِّعــه
حرمٌ تباع لكل أوكعَ آبـقٍ ولكل أفَّـاقٍ شريدٍ أربعــــه
وغداً وما أدناه لا يبقى سوى دمعٌ لنا يهمي وسنٌ نـقرعـــه
خيبة ظن الفلسطينيين بهم قديمة:
عندما توجه فيما بعد ، وفد فلسطيني لإطلاع القيادة الوهابية على مصير القضية الفلسطينية وكان أعضاؤه يحملون منشورات لإطلاع الشعب هناك على هذا المصير لم يسمح لهم بتوزيع تلك المنشورات بل أمر بجمعها لإحراقها .
بيع الوهابية لفلسطين:
لقد باع الوهابية فلسطين لليهود سنة منذ أمد بعيد ، وذلك في مؤتمر العقير سنة 1341هـ –1922م بمنطقة الاحساء ، بين القيادة الوهابية والخارجية البريطانية في وثيقة رسمية تقول بقلم زعيم الوهابية (..أقر وأعترف ألف مرة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من إعطاء فلسطين لليهود أو غيرهم كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة)[5] والرسالة عليها خاتم الملك عبدالعزيز ، كما وصل سمحا إيرلخ مندوب بن غوريون إلى الظهران في 13 /9/1945 ومنها إلى الرياض لتوثيق العهود الموقعة مع بريطانيا واستقبله والوفد المرافق له الأمير فيصل ليوصلهم إلى والده عبدالعزيز ، كما توجه وفد الوهابية إلى لندن لحضور مؤتمر لبحث موضوع الهجرة اليهودية إلى فلسطين ، وكان الممثل الحقيقي لهم شيخهم جون فيلبي[6] وحوله بعض الدُّمى الوهابية ، فاقترح شيخهم فيلبي في المؤتمر "إعطاء فلسطين لليهود" مقابل استقلال البلاد العربية كلها[7] .
التثبيط:
بعد الحرب الكونية الثانية وعندما أخذت تتردد وجهات نظر عربية تطالب الجامعة باتخاذ موقف ضد تأييد أميركا لليهود ، أرسلت القيادة الوهابية بتاريخ 20 أغسطس 1945 برقية إلى ممثلهم في الجامعة جاء فيها : " . . . أنا أسمع دندنة عند العرب قصدهم اجتماع هيئة الجامعة لأجل تبحث مسألة فلسطين فأنا هذا ما هو من رأيي ولا منه فائدة ، لأنه إيش يبحث في المؤتمر ؟ هل يعقد صلح أو يعلن حرب ؟" ، ثم يقترح " أن ينتخبوا شخص يروح للندن وشخص يروح لأمريكا ، ويكون أحد هذين الشخصين عبد الرحمن عزام ويكتب معه النقراشي كتبا للخارجية هناك ويقول فيه أنه بالنيابة عن مصر والبلاد العربية ويذكر الأمر اللائق والمناسب في الموضوع " وقبل سفر عبد الرحمن عزام وافقت القيادة الوهابية على إقامة مكتب صحافي تابع للجامعة العربية ولكنها أوصت أن لا يسيء المكتب لأمريكا وبريطانيا ، بل يعمل على مدحهم واستعطافهم ، " ولكن نرجوهم (الصحفيين ) أن يتخذوا قاعدة يمشون عليها وهي قاعدة الاعتدال ، ويكون لا يتحاملون على الإنكليز ولا على الأميركان ، ولكن يشوفون الحجج القائمة ويعدونها لهم . . ويمدحونهم بأنهم أهل عدالة وإنصاف فستكون النتيجة أحسن إن شاء الله".
الخذلان:
عشية اتخاذ قرار تقسيم فلسطين رفضت القيادة الوهابية أن تقوم بأي دور جدي لإفشاله ، علما بأنه كان بإمكانهم ذلك إذا ما هددوا بقطع البترول عن أميركا كما قال أحد الديبلوماسيين الأجانب ، فقد جاء في العدد 637 من مجلة "آخر ساعة" المصرية بتاريخ 18 مايو 1966 بقلم الكاتب الفلسطيني وجيه أبو ذكري : (( انتقل الصراع إلى الأمم المتحدة ، وبدأت أمريكا تلعب لعبتها القذرة لتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب . ونشط المندوبون العرب لمحاولة إحباط المشروع الذي عرض على الجمعية العامة للمنظمة الدولية ، وكان بين العرب الأمير عادل أرسلان ، وذهب إلى أحد الوفود يستعطفه ليقف بجانب الحق العربي . . فقال له الرجل : ( لديكم أيها العرب الورقة الرابحة ولكنكم تخشون اللعب بها) وأشار إلى ممثل الوهابية هناك ، وقال له الرجل : ( لو ذهب هذا الأمير إلى جورج مارشال وزير الخارجية الأميركية وهدد بقطع البترول إذا ناصرت أميركا اليهود لوجدت هذه القاعة كلها تقف بجانب العرب ) . وكلفته الوفود العربية بالنطق باسمها في الجمعية العمومية وأوصوه بالحزم والصرامة . ولكن كان موقفه أنه لا داعي ولا مبرر لقلقهم ، وأخذ يؤكد لهم معارضة أميركا لتقسيم فلسطين وأنها ستقاوم بكل حزم فكرة خلق دولة يهودية.
وانخدع المندوبون العرب بكلامه على أساس أنه صديق حميم للسفير جورج ودزورت مستشار الوفد الأميركي إلى الأمم المتحدة .
ومن جهة أخرى فإن الوفود العربية أرسلت عشية الموافقة على قرار التقسيم برقية إلى زعيم الوهابية يلحون فيها عليه بإصدار تصريح يهدد فيه بقطع البترول إذا صوتت أميركا على قرار التقسيم ، فما كان منه إلا أن قال : ( إن المصالح الأميركية في (بلاده)محمية وإن الأميركيين هم من أهل الذمة وأن حمايتهم وحماية مصالحهم واجب منصوص عليه في القرآن الكريم).
الجهد الوهابي لتحرير فلسطين:
عندما نشبت حرب فلسطين في 15 مايو 1948، اكتفى قادة الوهابية بإرسال عدد هزيل من الجنود غير المدربين قدر ما بين 60 و 200 جندي ، وقد خلت الجبهة الشرقية منهم بحجة أن أمير شرق الأردن عبد الله ابن الحسين رفض الموافقة على دخول جنودهم إلى أرضه ، وكذلك خلت الجبهة الشمالية واقتصر الوجود الوهابي الرمزي على الجبهة الجنوبية ، ولكن لما ثبت أن الجنود لا يجيدون القتال ، أُدخلوا مدارس الجيش المصري بعد الهدنة للتدريب .
أما السلاح الوهابي فقد تحدث عنه القائد طه الهاشمي رئيس اللجنة العسكرية المنبثقة عن جامعة الدول العربية للإشراف على حرب فلسطين فقال واصفاً الأسلحة بعد أن أبرق الوهابية للجنة العسكرية عن أسلحة معدة لإنجاد فلسطين موجودة في سكاكا بالصحراء في شمال الجزيرة العربية : (أرسلت...طائرات فأحضرت تلك الأسلحة لدمشق وسلمتها إلى المصنع الحربي التابع للجيش السوري لفرزها وتبويبها ، فإذا هي أسلحة عتيقة رديئة متعددة الأنواع والأشكال ، فيها الموزر والشنيد والمارتيني . . وفيها بنادق فرنسية وإنكليزية وعثمانية ، ومصرية ويونانية ونمساوية ، وكلها بدون جبخانة ( ذخيرة ) ومصدئة خردة لا تصلح للقتال ) . وأضاف : (إنهم وجدوا بين هذه الخردة بنادق فتيل مما تعبأ بالكحل من فوهتها وتدك من الفوهة أيضا وأنها من مخلفات حملة الجيش المصري على الوهابيين في أوائل القرن التاسع عشر ).
الخيانة المبطَّنة :
خشية من أن يستمر القتال في فلسطين لتحريرها ، فقد أخذ قادة الوهابية يتصلون سرا بأميركا وبريطانيا حاثين إياهما على دفع العرب والإسرائيليين إلى الصلح حتى ولو اضطروا إلى فرض عقوبات عليهم ؛ جاء ذلك في وثيقة نشرتها وزارة الخارجية الأميركية بعد مرور ثلاثين سنة على تاريخها ، وهي عبارة عن تقرير أرسله الوزير الأميركي المفوض في جدة بتاريخ 8 كانون الثاني 1949 حول حديث دار بينه وبين قائد الوهابية في حينه وبحضور الوزير البريطاني المفوض في جدة صباح السابع من يناير سنة 1949 ، وقد ذكرت الوثيقة أن أمير الوهابية قال إنه يخشى أن يتطور الصراع العربي الإسرائيلي إلى درجة يمكن معها أن يهدد السلام والاستقرار ؛ واقترح أن تهدد أمريكا وبريطانيا باستخدام مختلف الضغوط بما فيها فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على الطرفين.
الفصل الثامن
الولاء الوهابي لمن؟!
شهادة من الداخل
دور الوهابية في ترسيخ الوجود الصهيوني في فلسطين
محاولة منع الدعاء على اليهود والنصارى.
القيادة الوهابية النصرانية المشتركة
الوهابية والإخوان المسلمون
الفرقة الوهابية معادية لكل مذهب إسلامي ، ولا ترى مذهباً جديراً بالبقاء إلا أتباع الفرقة الوهابية ، فليس لمسلم برقابهم ولاء ، ترى ذلك في حروبهم للمسلمين ، وتهجمهم على علماء الأمة تكفيراً وتفسيقاً ، بينما ولاؤهم مخلص لليهود والنصارى ؛ فهم رحماء بالكفار أشداء على المؤمنين
(يسيئون الأعمال)
و (..ويتركون قتال أهل الأوثان)
وهذا ما ستراه في هذا الفصل.
شهادة من الداخل
لحوم المسلمين في عرف أدعياء السلفية مباحة ، حصدتها سيوفهم بالأمس ، وهاهي ألسنتهم تحصدهم وعلماءهم على المنابر وعلى صدور الكتب ، ولنترك المجال للشيخ خالد بن حامد العسقلاني في كتابه (الردود السلفية على دعاة السلفية)[1] للحديث عن عدائهم لكل ما هو إسلامي ، حيث يقول ص 66، ج1 ، متهكماً بهم : (ولا بد أن نشيد بموقف إخواننا السلفيين العظيم تجاه إخواننا في الجزائر فإن لهم موقفاً لا يحسدون عليه فلم يعجبهم من جهاد الإسلاميين في الجزائر في سبيل نشر دين الله وإعلاء كلمته ولم يلفت انتباههم سوى الأخطاء[2] !! فيقولون : المظاهرات حرام ودخول البلديات باطل وفقط! أما أن ينصرونهم بالوقوف إلى جانبهم والدفاع عن سمعتهم فلا ، ويا ليتها توقفت عند هذا بل اتهموهم بتهم لم نسمعها من أعدائهم ، ومن ذلك الترويج بأن الشيخ عباسي مدني (رئيس جبهة الإنقاذ) ما هو إلا ((مرتزق))!!! يأخذ الرشاوي ويقبض الأموال من جهات متعددة ، ويخبرني أحد الثقات أنه كان باستضافة جمع من الشباب السلفي في إحدى البيوت فجاءت سيرة الجزائر ، وإمكان تسلم الإسلاميين فيها السلطة فأخذوا يتناقشون أيهما أفضل للإسلام والمسلمين إذا وصل (الإخوان) إلى السلطة أفضل أم إذا بقيت في يد الحكومة الحالية!!! سبحان الله لا قوة إلا بالله !!؟ فأقول لهؤلاء أنتم والله بدعوتكم وجماعتكم وأنشطتكم ومراكزكم وجمعياتكم لم تثيروا انتباه (رجل شرطة واحد) أتتحدثون هكذا عن الإسلاميين في الجزائر والذين تابع العالم كله أخبارهم باهتمام وتآمر ضدهم !!! فوالله لا يدل هذا إلا على زبالات من الأخوة الحزبية الضيقة الممقوتة ، ويهلك الحب في الله ، ويحصد الأخوة الصادقة !! فهل بمثل هذا يرجع المجد؟! وهل بمثل هذا تكون الدعوة ؟! وهل بمثل هذا ترشد الصحوة ؟!!! ، ثم نقول لإخواننا السلفيين أنتم مختلفون في سلفيتكم هذه ولم تستقروا بها على قرار ، فبينما قسم منكم يحرم (الجماعة) ويعد ذلك خروجاً على منهج السلف ، نجد قسماً آخر يقول بأن (الجماعة) أمر لا بد منه في الدعوة السلفية ويوجبها! وبينما فئة منهم تحرم دخول المجالس والبرلمانات ترى فئة أخرى إباحتها ، وتعد هذا من فقه الدعوة ، ثم ترى جماعة منهم تقول أن الوجود الإمريكي مؤامرة وفئة أخرى ترى أن الوجود الإمريكي تسخير من رب العالمين !!؟ والحقيقة لقد ذبحتم السلفية من غير سكين باختلافاتكم هذه ويبدوا أنكم اتفقتم على أن لا تتفقوا!!!) ويقول ص 68 : (أما تعدي الكثير من المنتسبين (للسلفي)! على الدعاة والعلماء فحدِّث ولا حرج ، فبالإضافة لتعديهم ((المباح شرعاً)) على قيادات الجماعات الإسلامية !!؟ فإنهم ينتقصون أيضاً من كبار العلماء !! )
ألا يحق للناس بعد هذا أن تستنتج منطقياً بأن هذا الوقوف في وجه كل ما هو إسلامي غير وهابي من قبل هؤلاء ما هو إلا أمر مدبر ، يقف في واجهته هؤلاء الذين يدَّعون حماية العقيدة وهم حملة معاول هدمها؟!
دور الوهابية في ترسيخ الوجود الصهيوني في فلسطين[3]
تمهيد:
الوهابية وليدة مخطط نصراني إنجليزي محكم للقضاء على روح الإسلام ، وتعمية عيون المسلمين بالزخارف منه والمظهر لا غير ، وقد كانت للوهابية أدوار بارزة في خيانة الإسلام وتشويه صورته ، وسنركز في هذا المقال على القضية الفلسطينية وخدمة الوهابية لمصالح بريطانيا ومن ورائها الصهيونية وسندعم ذلك بأفعال الوهابية وأقوالهم ، ونشرك القادة مع العلماء للترابط الوثيق بين القيادة والعلماء منذ ساعة نشأة هذه الحركة الخبيثة حيث لا انفصال بينهما في التوجُّه.
الوهابية عصا النصارى:
بعد ضرب حكم الشريف حسين وابنه علي بتحريض من الإنكليز لمعارضتهم منح فلسطين إلى اليهود ، أكدت الحركة الوهابية موقفها المنطبق مع الموقف الإنكليزي وذلك في المؤتمر الذي انعقد عام 1926 "للنظر في أسلوب حكم الحجاز " ؛ فعندما طرحت بعض الوفود الإسلامية اقتراحا يدعو إلى تطهير البلاد العربية من الحكم الأجنبي على أساس أن يشمل ذلك فلسطين وسوريا والعراق وسواحل الجزيرة العربية ، احتج الوهابية على المشروع وأصروا على حذفه من جدول الأعمال .
مساهمة الوهابية في سقوط الدولة العثمانية وأثر ذلك على سقوط فلسطين:
دور الوهابية مخلص في هذا السبيل ، وكانوا لا يألون جهداً في عون النصارى على ذلك ، ويكفي أن نُذَكِّر ههنا بمشاغلة الوهابية لآل رشيد عن نجدة المسلمين في البصرة ساعة هجوم الإنجليز واعتراف بريطانيا رسمياً بهذا الجهد الوهابي ، وقتالهم للأشراف في الحجاز ، مما سبب اختراقاً استعمارياً في بلاد الإسلام ، وهذا مطمح من مطامح الصهاينة فسقوط الخلافة الرافضة لتهويد فلسطين يعني التسلل إليها بعد ذلك بسهولة ، واقرأ مذكرات حاييم وايزمان حين يقول (لن نستطيع اختراق العالم العربي للوصول إلى فلسطين ما دام طوق الخلافة العثمانية باقياً ، لذلك تعاونا مع بريطانيا لاختراق هذا الطوق ) وقد اخترق الطوق ، وساهم الوهابية في ذلك وبإخلاص[4].
تخدير المسلمين خدمة للنصارى واليهود:
عندما قامت الثورة الفلسطينية سنة 1936 ضد بريطانيا التي كانت تـمهد لتسليم فلسطين إلى اليهود الصهاينة ، تدخل الوهابية خدمة للإنجليز لتخدير الأحرار ، وتعهدوا للثوار بأن بريطانيا سوف تستجيب لمطالبهم إذا أوقفوا الثورة وذلك في (النداء) الذي وجهوه إليهم وجاء فيه :
" إلى أبنائنا عرب فلسطين لقد تألمنا كثيرا للحالة السائدة في فلسطين ، فنحن بالاتفاق مع ملوك العرب والأمير عبد الله ندعوكم للإخلاد إلى السكينة وإيقاف الإضراب حقنا للدماء معتمدين على الله وحسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل ، وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم ".
ولقد أدى ذلك النداء الذي أشرك الاعتماد على الله بالاعتماد على النصارى ! إلى شقِّ الصف الفلسطيني بين رفض وموافقة فانتصر موقف الموافقين.
ولم يكتف الوهابية "بالنداء" بل قدموا إلى فلسطين يرأسهم سراً جون فيلبي ، وعلانية أحد أمراء نجد ، واجتمعوا بالقادة الفلسطينيين في القدس حيث خاطبهم ممثل الوهابية النجدي بقوله : " …بناء على ما عرفته من صدق نوايا بريطانيا أستطيع أن أقسم لكم بالله أن بريطانيا صادقة في ما وعدتنا به وأن بريطانيا تعهدت لوالدي أنها عازمة على حل القضية الفلسطينية " ، ولكن تأكيدات المبعوث الوهابي لقتل الجهاد ، لم تقنع على ما يبدو ، المتنورين من الفلسطينيين إذ أجابه الشاعر عبد الرحيم محمود معبرا عن ريبة الجناح الرافض لوقف الإضراب ، فقال :
المسجد الأقصى أجئتَ تزوره أم جئتَ من قبل الضياعِ تودِّعــه
حرمٌ تباع لكل أوكعَ آبـقٍ ولكل أفَّـاقٍ شريدٍ أربعــــه
وغداً وما أدناه لا يبقى سوى دمعٌ لنا يهمي وسنٌ نـقرعـــه
خيبة ظن الفلسطينيين بهم قديمة:
عندما توجه فيما بعد ، وفد فلسطيني لإطلاع القيادة الوهابية على مصير القضية الفلسطينية وكان أعضاؤه يحملون منشورات لإطلاع الشعب هناك على هذا المصير لم يسمح لهم بتوزيع تلك المنشورات بل أمر بجمعها لإحراقها .
بيع الوهابية لفلسطين:
لقد باع الوهابية فلسطين لليهود سنة منذ أمد بعيد ، وذلك في مؤتمر العقير سنة 1341هـ –1922م بمنطقة الاحساء ، بين القيادة الوهابية والخارجية البريطانية في وثيقة رسمية تقول بقلم زعيم الوهابية (..أقر وأعترف ألف مرة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من إعطاء فلسطين لليهود أو غيرهم كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة)[5] والرسالة عليها خاتم الملك عبدالعزيز ، كما وصل سمحا إيرلخ مندوب بن غوريون إلى الظهران في 13 /9/1945 ومنها إلى الرياض لتوثيق العهود الموقعة مع بريطانيا واستقبله والوفد المرافق له الأمير فيصل ليوصلهم إلى والده عبدالعزيز ، كما توجه وفد الوهابية إلى لندن لحضور مؤتمر لبحث موضوع الهجرة اليهودية إلى فلسطين ، وكان الممثل الحقيقي لهم شيخهم جون فيلبي[6] وحوله بعض الدُّمى الوهابية ، فاقترح شيخهم فيلبي في المؤتمر "إعطاء فلسطين لليهود" مقابل استقلال البلاد العربية كلها[7] .
التثبيط:
بعد الحرب الكونية الثانية وعندما أخذت تتردد وجهات نظر عربية تطالب الجامعة باتخاذ موقف ضد تأييد أميركا لليهود ، أرسلت القيادة الوهابية بتاريخ 20 أغسطس 1945 برقية إلى ممثلهم في الجامعة جاء فيها : " . . . أنا أسمع دندنة عند العرب قصدهم اجتماع هيئة الجامعة لأجل تبحث مسألة فلسطين فأنا هذا ما هو من رأيي ولا منه فائدة ، لأنه إيش يبحث في المؤتمر ؟ هل يعقد صلح أو يعلن حرب ؟" ، ثم يقترح " أن ينتخبوا شخص يروح للندن وشخص يروح لأمريكا ، ويكون أحد هذين الشخصين عبد الرحمن عزام ويكتب معه النقراشي كتبا للخارجية هناك ويقول فيه أنه بالنيابة عن مصر والبلاد العربية ويذكر الأمر اللائق والمناسب في الموضوع " وقبل سفر عبد الرحمن عزام وافقت القيادة الوهابية على إقامة مكتب صحافي تابع للجامعة العربية ولكنها أوصت أن لا يسيء المكتب لأمريكا وبريطانيا ، بل يعمل على مدحهم واستعطافهم ، " ولكن نرجوهم (الصحفيين ) أن يتخذوا قاعدة يمشون عليها وهي قاعدة الاعتدال ، ويكون لا يتحاملون على الإنكليز ولا على الأميركان ، ولكن يشوفون الحجج القائمة ويعدونها لهم . . ويمدحونهم بأنهم أهل عدالة وإنصاف فستكون النتيجة أحسن إن شاء الله".
الخذلان:
عشية اتخاذ قرار تقسيم فلسطين رفضت القيادة الوهابية أن تقوم بأي دور جدي لإفشاله ، علما بأنه كان بإمكانهم ذلك إذا ما هددوا بقطع البترول عن أميركا كما قال أحد الديبلوماسيين الأجانب ، فقد جاء في العدد 637 من مجلة "آخر ساعة" المصرية بتاريخ 18 مايو 1966 بقلم الكاتب الفلسطيني وجيه أبو ذكري : (( انتقل الصراع إلى الأمم المتحدة ، وبدأت أمريكا تلعب لعبتها القذرة لتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب . ونشط المندوبون العرب لمحاولة إحباط المشروع الذي عرض على الجمعية العامة للمنظمة الدولية ، وكان بين العرب الأمير عادل أرسلان ، وذهب إلى أحد الوفود يستعطفه ليقف بجانب الحق العربي . . فقال له الرجل : ( لديكم أيها العرب الورقة الرابحة ولكنكم تخشون اللعب بها) وأشار إلى ممثل الوهابية هناك ، وقال له الرجل : ( لو ذهب هذا الأمير إلى جورج مارشال وزير الخارجية الأميركية وهدد بقطع البترول إذا ناصرت أميركا اليهود لوجدت هذه القاعة كلها تقف بجانب العرب ) . وكلفته الوفود العربية بالنطق باسمها في الجمعية العمومية وأوصوه بالحزم والصرامة . ولكن كان موقفه أنه لا داعي ولا مبرر لقلقهم ، وأخذ يؤكد لهم معارضة أميركا لتقسيم فلسطين وأنها ستقاوم بكل حزم فكرة خلق دولة يهودية.
وانخدع المندوبون العرب بكلامه على أساس أنه صديق حميم للسفير جورج ودزورت مستشار الوفد الأميركي إلى الأمم المتحدة .
ومن جهة أخرى فإن الوفود العربية أرسلت عشية الموافقة على قرار التقسيم برقية إلى زعيم الوهابية يلحون فيها عليه بإصدار تصريح يهدد فيه بقطع البترول إذا صوتت أميركا على قرار التقسيم ، فما كان منه إلا أن قال : ( إن المصالح الأميركية في (بلاده)محمية وإن الأميركيين هم من أهل الذمة وأن حمايتهم وحماية مصالحهم واجب منصوص عليه في القرآن الكريم).
الجهد الوهابي لتحرير فلسطين:
عندما نشبت حرب فلسطين في 15 مايو 1948، اكتفى قادة الوهابية بإرسال عدد هزيل من الجنود غير المدربين قدر ما بين 60 و 200 جندي ، وقد خلت الجبهة الشرقية منهم بحجة أن أمير شرق الأردن عبد الله ابن الحسين رفض الموافقة على دخول جنودهم إلى أرضه ، وكذلك خلت الجبهة الشمالية واقتصر الوجود الوهابي الرمزي على الجبهة الجنوبية ، ولكن لما ثبت أن الجنود لا يجيدون القتال ، أُدخلوا مدارس الجيش المصري بعد الهدنة للتدريب .
أما السلاح الوهابي فقد تحدث عنه القائد طه الهاشمي رئيس اللجنة العسكرية المنبثقة عن جامعة الدول العربية للإشراف على حرب فلسطين فقال واصفاً الأسلحة بعد أن أبرق الوهابية للجنة العسكرية عن أسلحة معدة لإنجاد فلسطين موجودة في سكاكا بالصحراء في شمال الجزيرة العربية : (أرسلت...طائرات فأحضرت تلك الأسلحة لدمشق وسلمتها إلى المصنع الحربي التابع للجيش السوري لفرزها وتبويبها ، فإذا هي أسلحة عتيقة رديئة متعددة الأنواع والأشكال ، فيها الموزر والشنيد والمارتيني . . وفيها بنادق فرنسية وإنكليزية وعثمانية ، ومصرية ويونانية ونمساوية ، وكلها بدون جبخانة ( ذخيرة ) ومصدئة خردة لا تصلح للقتال ) . وأضاف : (إنهم وجدوا بين هذه الخردة بنادق فتيل مما تعبأ بالكحل من فوهتها وتدك من الفوهة أيضا وأنها من مخلفات حملة الجيش المصري على الوهابيين في أوائل القرن التاسع عشر ).
الخيانة المبطَّنة :
خشية من أن يستمر القتال في فلسطين لتحريرها ، فقد أخذ قادة الوهابية يتصلون سرا بأميركا وبريطانيا حاثين إياهما على دفع العرب والإسرائيليين إلى الصلح حتى ولو اضطروا إلى فرض عقوبات عليهم ؛ جاء ذلك في وثيقة نشرتها وزارة الخارجية الأميركية بعد مرور ثلاثين سنة على تاريخها ، وهي عبارة عن تقرير أرسله الوزير الأميركي المفوض في جدة بتاريخ 8 كانون الثاني 1949 حول حديث دار بينه وبين قائد الوهابية في حينه وبحضور الوزير البريطاني المفوض في جدة صباح السابع من يناير سنة 1949 ، وقد ذكرت الوثيقة أن أمير الوهابية قال إنه يخشى أن يتطور الصراع العربي الإسرائيلي إلى درجة يمكن معها أن يهدد السلام والاستقرار ؛ واقترح أن تهدد أمريكا وبريطانيا باستخدام مختلف الضغوط بما فيها فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على الطرفين.