الوهابية صنيعة لليهود والنصارى
عبدالله القحطاني
يصعب على المسلم أن يتصور لحىً طويلة ، ومآزر إلى أنصاف الساقين تتباكى في حرم الله الآمن ، بمكة المكرمة ؛ وتكون في ذات الوقت صنيعة من صنائع اليهود والنصارى ، ولكنها الحقيقة المؤلمة ، المتمثلة في الوهابية ، نعم نقول ذلك وبثقة كبيرة ، وبأدلة مقنعة سنسرد شيئاً منها في هذا المقال ، ونعتذر عن بعضها الآخر لأن ليس كل ما هو صحيح يمكن أن يقال ، ونعلم في ذات الوقت أن هناك الكثير من أهل النيات الطيبة يسيرون في خطى الوهابية وقد غُرِّرَ بهم لسبب أو لآخر ، وبعض جهدنا هذا هو لإنقاذ هؤلاء من براثن الفتنة الوهابية قبل أن تحتويهم بسرطانها الخبيث .
لقد اهتمت العقيدة الوهابية اهتماماً كبيراً بعقيدة التجسيم ، وهي عقيدة نصرانية محضة ، استقاها ابن تيمية من خلال الترجمات للكتب النصرانية ولا غرو فقد كانت بلاده حران مركزاً شهيراً لترجمة كتب اليونان ، ولقد حكم علماء أهل الشام بضلال ابن تيمية لعقيدته الفاسدة ، وأودع سجن القلعة الشهير إلى أن مات(1) ؛ ولقد أحيا الوهابية هذه العقيدة النصرانية بتوجيه من المستشرقين أساتذة محمد بن عبد الوهاب ، وتم استعراض الناس في جزيرة العرب بالسيف للإيمان بهذه العقيدة ، واستحلت دماء وأموال الموحدين بذلك.
محمد بن عبد الوهاب بعد أن عاد من البصرة ، عاد ومعه كوكبة من النصارى الإنكليز ، بحجة أنهم عبيد اشتراهم ، ولم يكونوا حقيقة إلا أساتذته الذين أتوا ليتأكدوا من تطبيق المخطط الذي رسمته الحكومة البريطانية للقضاء على الجهاد في سبيل الله ضد النصارى واليهود ، بعد أن ذاقت الأمرَين من جهاد مسلمي شبه القارة الهندية ضدها ، فتم تحويل الجهاد ليصبح في العقيدة الوهابية حرباً طاحنة بين المسلمين بدعوى البدعة والشرك ، ومن يقرأ حروب الوهابية في أرض الجزيرة العربية وما حولها يلاحظ ذلك بجلاء ، فخلال تأريخ الوهابية كله لم يسجل لها التاريخ مواجهة واحدة مع اليهود أو النصارى ، بل سِجلهم حافل بقتل أهل مكة والطائف والمدينة المنورة وقطر والكويت وعمان والبصرة وبلاد الشام ، وهم يتفاخرون بهذا التاريخ الدامي في مؤلفاتهم ، ككتاب (عنوان المجد في تاريخ نجد) لعثمان بن بشر النجدي ، وكذلك ما كتبه شهود العيان كفضيلة الشيخ أحمد زيني دحلان مفتي مكة المكرمة في أواخر أيام السلطة العثمانية .(2)
لقد تعاقب على قيادة الوهابية إلى أن وقفت على ساقيها نصارى كأمثال المستر هامفر ثمَّ الكابتن شكسبير الذي قُتِل في معركة الجراب بين الوهابية وآل رشيد سنة 1915م ، ثمَّ خلفه جون فيلبي الذي يسميه الوهابية الشيخ عبدالله فيلبي!.
لقد كانت الدولة العثمانية شجاً في حلوق النصارى واليهود ، فكانت إحدى الخطط لهدمها استخدام الوهابية لتقليص نفوذهم في البلاد العربية ، فكانت معارك الوهابية ضد آل رشيد الموالين للسلطة العثمانية ، ولقد حاول العثمانيون إطفاء نار الفتنة سنة 1914م ، فاعترفوا بسلطتهم على نجد ، ولما طلب أنور باشا باسم الدولة التركية ، وحسب اتفاق سابق بينه وبين الوهابية أن يشتركوا في الدفاع عن البصرة ضد الاحتلال الإنجليزي أجابوه بأنهم مشغولون بقتال ابن رشيد!(3)
ولقد علَّقت وزارة الهند الإنجليزية بتاريخ 31 كانون الثاني 1915م بالرضى على ذلك ، والشكر لمشاغلة ابن رشيد عن نصرة العثمانيين ، وأكثر من هذا فقد جاء في شهادة المستر كينيث توماس أن زعيم الوهابية كان حليفاً دائما لبريطانيا (وساند البريطانيين وحلفاءهم ، ودرَّب جيشاً في العمليات الحربية ضد الأتراك سنتي 1914 و1915م)(4) .
نعم لقد كان الجيش الوهابي يلقى الدعم والتدريب مباشرة من وزارة المستعمرات بالهند ، وقد سلَّم جون فيلبي إلى أمير الوهابية مبالغ طائلة من الجنيهات الذهبية ، وريالات ماريا تريزا ، كما كانت المساعدات السنوية للوهابية تبلغ ستين ألف ريال ، ولدى بدء العدوان البريطاني على البصرة تم صرف مئة ألف ريال من بريطانيا للوهابية للبدء بتجنيد القبائل ، لحرب ابن رشيد ومشاغلته عن نجدة قوات المسلمين بالبصرة ، مع تعهد الإنكليز بتوفير المشورة(5)، ووصلت الأسلحة تباعاً بعد ذلك ، ولما نشبت المعركة كان العميل البريطاني جون فيلبي الذي خطط للمعركة يراقب سير المعركة من برج قريب مخافة أن يصيبه ما أصاب سلفه شكسبير.(6)
لقد كان الوهابية ينكلون بالمسلمين في كلِّ أرض ومصر استطاعوا الوصول إليه حتى أنهم بلغوا مبلغاً لا يحلم به النصارى أنفسهم ، بل اتضح للمقيم البريطاني في البصرة أن في مبالغات الوهابية بتقتيل الناس وسلب أموالهم ما يسبب إحراجاً للحكومة البريطانية في بعض المواضع ، فطلب منهم سنة 1817 إعادة ما نهبوه إلى أصحابه فردَّ عليه أمير الوهابية برسالة يقول فيها : (كيف تطلب منا أن نردَّ ما غنمناه من أعدائنا من أهل مصر وجدة وشحر والمكلا ومسقط والبصرة وأهل فارس التابعين لسعيد بن سلطان ! إنهم كلهم أعداؤنا ، فسنقتلهم حيث ثقفناهم ، تنفيذاً لأوامر الله فيهم ، الله أكبر)(7) ، هكذا وبكل وضوح : المسلمون أعداؤهم ، والنصارى أولياؤهم ، وفي كتاب وجهه أميرهم سنة 1810 إلى حكومة الهند البريطانية قال: (إن سبب الخصومات المستمرة بيني وبين من يسمون أنفسهم مسلمين انحرافهم عن كتاب الخالق ورفضهم الامتثال لنبيهم محمد ، فلست أشن حرباً على فرقة أخرى ، ولست أتدخل في عملياتهم المعادية ، ولا أساعدهم ضد أحد … وفي هذه الظروف رأيت من الضروري أن أبلغكم بأني لن أدنو من شواطئكم ، وأني منعت أتباع عقيدة محمد من أن يقوموا بأي تنكيل بسفنكم)( نعم هذه هي الوهابية قتال المسلمين ، وترك الكافرين ، بل والتعهد بحمايتهم ، وهو عين ما أراده النصارى عند تأسيسهم لهذا الاتجاه الخسيس.
لم يكتف الوهابية بجهودهم الذاتية بل استنصروا بالقوات البحرية البريطانية لإغلاق البحر في وجوه المسلمين ، فقد أرسل أميرهم كتاباً يتذلل فيه للمقيم البريطاني في البصرة يقول فيه (لقد أثبتنا لكم سلفاً بأننا نحترم كل المنتسبين إليكم ولم يَنَلْكم أي أذى مهما كان طفيفاً من أتباعنا ، وعليه فإنه يتحتم عليكم في مقابل ذلك أن لا تصدروا تصاريح إبحار لأعدائنا ) (9)
إن الأذى لن يصيب النصارى بل سيصيب المسلمين ، وقد حاول الوهابية خدمة الإنكليز بحل عقدتهم مع مسلمي شبه القارة الهندية ، فقد ذكر الدكتور صلاح العقاد بأن أمير الوهابية أرسل ابنه لتشجيع مسلمي الهند للقتال في صفوف الإنكليز في معركة العلمين.(10)
وها نحن نعيد نشر هذه البرقية من أمير الوهابية في نجد إلى المندوب البريطاني السير يرسي كوكس بمناسبة احتلال الإنكليز للبصرة وانتزاعها من أيدي المسلمين قال فيها : ( سيدي يرسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى دام عزها.
دخول جيوشكم الإنكليزية العظيمة للعراق نصر مبين للمسلمين ، وعزٌّ مكينٌ لنا .
عبوديتنا وخدمتنا لبريطانيا العظمى وولائنا لكم إلى الأبد)(11)
هذا قديماً ، أما في الحديث فقد أجاز كبار علمائهم دخول اليهود والنصارى أرض الحرمين الشريفين لضرب أهل العراق المسلمين ، بل وأفتى كبيرهم بجواز قتل العراقيين وإن كانوا في الصلاة أي أقرب ما يكونون إلى الله ، وهو ذاته الذي حرَّم استعانة جمال عبد الناصر بالخبراء الروس في الجهاد ضد إسرائيل(12) ! إنه ابن باز رئيس هيئة كبار العلماء والمفتي العام للوهابية الذي أفتى بجواز لبس الصليب بدعوى أن في ذلك مصلحة للإسلام! وقد نشرنا نص الفتوى في مقال سابق ، وقد نشرنا التعميم الذي وُزِّع على الخطباء لمنع الدعاء على دول اليهود والنصارى لأن ذلك ليس من أخلاق الإسلام !! ، ولنا مقال آخر إن شاء الله مع دور الوهابية في ترسيخ الوجود الصهيوني في فلسطين.
نعم أيها المسلمون إنه الولاء لليهود والنصارى ، ولكن أخطر ما فيه أن أصحابه يلبسون مسوح أهل التقوى ، وليس لهم همٌّ إلا قتال المسلمين وشغلهم ببعضهم ، وهو عين ما أوحى به المستر هامفر إلى محمد بن عبد الوهاب فأحسن تطبيقه هو وخلفه الطالح.
إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
. راجع مثلا كتاب المقالات السُّنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية للشيخ عبدالله الهرري.
2. الشيخ العلامة أحمد زيني دحلان ، ومن كتبه المقالات السنية في الرد على الوهابية ، البابي الحلبي ، القاهرة ، 1319.
3. د. محمد عوض الخطيب ، صفحات من تاريخ الجزيرة العربية ، دار المعراج ص 226 ، وقد
4. المصدر السابق ، ص 226وقد ذكر نصوص الرسائل موثقة.
5. ديكسون ، كتاب الكويت وجاراتها ، وقد ذكر أن الكولونيل هاملتون والكولونيل كانليف أوين ممثلي المخابرات البريطانية قد انطلقا إلى نجد لهذه المهمة.
6. خيري حماد ، كتاب (عبدالله فيلبي ) ص 215
7. إبراهيم عبدالعزيز عبدالغني ، صراع الأمراء ، دار الساقي ، لندن ، ط1 ، ص 76
8. موجز تاريخي عن القبائل الوهابية العربية ، في مجموعة: مختارات من سجلات بومباي ، منشورات المكتبة السرية والسياسية بومباي 1856 ، المجلد 24 ، ص 456 باللغة الإنكليزية.
9. كيللي : ج.ب ، بريطانيا في الخليج الفارسي 1795 - 1880 - مطبوعات أكسفورد كلارندن 1968 ، ص 134 بالإنكليزية.
10. د. صلاح العقاد ، جزيرة العرب في العصر الحديث ، معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة ص 85.
11. د محمد عوض الخطيب ، صفحات من تاريخ الجزيرة العربية ، دار المعراج ، ص 98 وقد ذكر مصادره.
محمد حسنين هيكل ، خريف الغضب.
عبدالله القحطاني
يصعب على المسلم أن يتصور لحىً طويلة ، ومآزر إلى أنصاف الساقين تتباكى في حرم الله الآمن ، بمكة المكرمة ؛ وتكون في ذات الوقت صنيعة من صنائع اليهود والنصارى ، ولكنها الحقيقة المؤلمة ، المتمثلة في الوهابية ، نعم نقول ذلك وبثقة كبيرة ، وبأدلة مقنعة سنسرد شيئاً منها في هذا المقال ، ونعتذر عن بعضها الآخر لأن ليس كل ما هو صحيح يمكن أن يقال ، ونعلم في ذات الوقت أن هناك الكثير من أهل النيات الطيبة يسيرون في خطى الوهابية وقد غُرِّرَ بهم لسبب أو لآخر ، وبعض جهدنا هذا هو لإنقاذ هؤلاء من براثن الفتنة الوهابية قبل أن تحتويهم بسرطانها الخبيث .
لقد اهتمت العقيدة الوهابية اهتماماً كبيراً بعقيدة التجسيم ، وهي عقيدة نصرانية محضة ، استقاها ابن تيمية من خلال الترجمات للكتب النصرانية ولا غرو فقد كانت بلاده حران مركزاً شهيراً لترجمة كتب اليونان ، ولقد حكم علماء أهل الشام بضلال ابن تيمية لعقيدته الفاسدة ، وأودع سجن القلعة الشهير إلى أن مات(1) ؛ ولقد أحيا الوهابية هذه العقيدة النصرانية بتوجيه من المستشرقين أساتذة محمد بن عبد الوهاب ، وتم استعراض الناس في جزيرة العرب بالسيف للإيمان بهذه العقيدة ، واستحلت دماء وأموال الموحدين بذلك.
محمد بن عبد الوهاب بعد أن عاد من البصرة ، عاد ومعه كوكبة من النصارى الإنكليز ، بحجة أنهم عبيد اشتراهم ، ولم يكونوا حقيقة إلا أساتذته الذين أتوا ليتأكدوا من تطبيق المخطط الذي رسمته الحكومة البريطانية للقضاء على الجهاد في سبيل الله ضد النصارى واليهود ، بعد أن ذاقت الأمرَين من جهاد مسلمي شبه القارة الهندية ضدها ، فتم تحويل الجهاد ليصبح في العقيدة الوهابية حرباً طاحنة بين المسلمين بدعوى البدعة والشرك ، ومن يقرأ حروب الوهابية في أرض الجزيرة العربية وما حولها يلاحظ ذلك بجلاء ، فخلال تأريخ الوهابية كله لم يسجل لها التاريخ مواجهة واحدة مع اليهود أو النصارى ، بل سِجلهم حافل بقتل أهل مكة والطائف والمدينة المنورة وقطر والكويت وعمان والبصرة وبلاد الشام ، وهم يتفاخرون بهذا التاريخ الدامي في مؤلفاتهم ، ككتاب (عنوان المجد في تاريخ نجد) لعثمان بن بشر النجدي ، وكذلك ما كتبه شهود العيان كفضيلة الشيخ أحمد زيني دحلان مفتي مكة المكرمة في أواخر أيام السلطة العثمانية .(2)
لقد تعاقب على قيادة الوهابية إلى أن وقفت على ساقيها نصارى كأمثال المستر هامفر ثمَّ الكابتن شكسبير الذي قُتِل في معركة الجراب بين الوهابية وآل رشيد سنة 1915م ، ثمَّ خلفه جون فيلبي الذي يسميه الوهابية الشيخ عبدالله فيلبي!.
لقد كانت الدولة العثمانية شجاً في حلوق النصارى واليهود ، فكانت إحدى الخطط لهدمها استخدام الوهابية لتقليص نفوذهم في البلاد العربية ، فكانت معارك الوهابية ضد آل رشيد الموالين للسلطة العثمانية ، ولقد حاول العثمانيون إطفاء نار الفتنة سنة 1914م ، فاعترفوا بسلطتهم على نجد ، ولما طلب أنور باشا باسم الدولة التركية ، وحسب اتفاق سابق بينه وبين الوهابية أن يشتركوا في الدفاع عن البصرة ضد الاحتلال الإنجليزي أجابوه بأنهم مشغولون بقتال ابن رشيد!(3)
ولقد علَّقت وزارة الهند الإنجليزية بتاريخ 31 كانون الثاني 1915م بالرضى على ذلك ، والشكر لمشاغلة ابن رشيد عن نصرة العثمانيين ، وأكثر من هذا فقد جاء في شهادة المستر كينيث توماس أن زعيم الوهابية كان حليفاً دائما لبريطانيا (وساند البريطانيين وحلفاءهم ، ودرَّب جيشاً في العمليات الحربية ضد الأتراك سنتي 1914 و1915م)(4) .
نعم لقد كان الجيش الوهابي يلقى الدعم والتدريب مباشرة من وزارة المستعمرات بالهند ، وقد سلَّم جون فيلبي إلى أمير الوهابية مبالغ طائلة من الجنيهات الذهبية ، وريالات ماريا تريزا ، كما كانت المساعدات السنوية للوهابية تبلغ ستين ألف ريال ، ولدى بدء العدوان البريطاني على البصرة تم صرف مئة ألف ريال من بريطانيا للوهابية للبدء بتجنيد القبائل ، لحرب ابن رشيد ومشاغلته عن نجدة قوات المسلمين بالبصرة ، مع تعهد الإنكليز بتوفير المشورة(5)، ووصلت الأسلحة تباعاً بعد ذلك ، ولما نشبت المعركة كان العميل البريطاني جون فيلبي الذي خطط للمعركة يراقب سير المعركة من برج قريب مخافة أن يصيبه ما أصاب سلفه شكسبير.(6)
لقد كان الوهابية ينكلون بالمسلمين في كلِّ أرض ومصر استطاعوا الوصول إليه حتى أنهم بلغوا مبلغاً لا يحلم به النصارى أنفسهم ، بل اتضح للمقيم البريطاني في البصرة أن في مبالغات الوهابية بتقتيل الناس وسلب أموالهم ما يسبب إحراجاً للحكومة البريطانية في بعض المواضع ، فطلب منهم سنة 1817 إعادة ما نهبوه إلى أصحابه فردَّ عليه أمير الوهابية برسالة يقول فيها : (كيف تطلب منا أن نردَّ ما غنمناه من أعدائنا من أهل مصر وجدة وشحر والمكلا ومسقط والبصرة وأهل فارس التابعين لسعيد بن سلطان ! إنهم كلهم أعداؤنا ، فسنقتلهم حيث ثقفناهم ، تنفيذاً لأوامر الله فيهم ، الله أكبر)(7) ، هكذا وبكل وضوح : المسلمون أعداؤهم ، والنصارى أولياؤهم ، وفي كتاب وجهه أميرهم سنة 1810 إلى حكومة الهند البريطانية قال: (إن سبب الخصومات المستمرة بيني وبين من يسمون أنفسهم مسلمين انحرافهم عن كتاب الخالق ورفضهم الامتثال لنبيهم محمد ، فلست أشن حرباً على فرقة أخرى ، ولست أتدخل في عملياتهم المعادية ، ولا أساعدهم ضد أحد … وفي هذه الظروف رأيت من الضروري أن أبلغكم بأني لن أدنو من شواطئكم ، وأني منعت أتباع عقيدة محمد من أن يقوموا بأي تنكيل بسفنكم)( نعم هذه هي الوهابية قتال المسلمين ، وترك الكافرين ، بل والتعهد بحمايتهم ، وهو عين ما أراده النصارى عند تأسيسهم لهذا الاتجاه الخسيس.
لم يكتف الوهابية بجهودهم الذاتية بل استنصروا بالقوات البحرية البريطانية لإغلاق البحر في وجوه المسلمين ، فقد أرسل أميرهم كتاباً يتذلل فيه للمقيم البريطاني في البصرة يقول فيه (لقد أثبتنا لكم سلفاً بأننا نحترم كل المنتسبين إليكم ولم يَنَلْكم أي أذى مهما كان طفيفاً من أتباعنا ، وعليه فإنه يتحتم عليكم في مقابل ذلك أن لا تصدروا تصاريح إبحار لأعدائنا ) (9)
إن الأذى لن يصيب النصارى بل سيصيب المسلمين ، وقد حاول الوهابية خدمة الإنكليز بحل عقدتهم مع مسلمي شبه القارة الهندية ، فقد ذكر الدكتور صلاح العقاد بأن أمير الوهابية أرسل ابنه لتشجيع مسلمي الهند للقتال في صفوف الإنكليز في معركة العلمين.(10)
وها نحن نعيد نشر هذه البرقية من أمير الوهابية في نجد إلى المندوب البريطاني السير يرسي كوكس بمناسبة احتلال الإنكليز للبصرة وانتزاعها من أيدي المسلمين قال فيها : ( سيدي يرسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى دام عزها.
دخول جيوشكم الإنكليزية العظيمة للعراق نصر مبين للمسلمين ، وعزٌّ مكينٌ لنا .
عبوديتنا وخدمتنا لبريطانيا العظمى وولائنا لكم إلى الأبد)(11)
هذا قديماً ، أما في الحديث فقد أجاز كبار علمائهم دخول اليهود والنصارى أرض الحرمين الشريفين لضرب أهل العراق المسلمين ، بل وأفتى كبيرهم بجواز قتل العراقيين وإن كانوا في الصلاة أي أقرب ما يكونون إلى الله ، وهو ذاته الذي حرَّم استعانة جمال عبد الناصر بالخبراء الروس في الجهاد ضد إسرائيل(12) ! إنه ابن باز رئيس هيئة كبار العلماء والمفتي العام للوهابية الذي أفتى بجواز لبس الصليب بدعوى أن في ذلك مصلحة للإسلام! وقد نشرنا نص الفتوى في مقال سابق ، وقد نشرنا التعميم الذي وُزِّع على الخطباء لمنع الدعاء على دول اليهود والنصارى لأن ذلك ليس من أخلاق الإسلام !! ، ولنا مقال آخر إن شاء الله مع دور الوهابية في ترسيخ الوجود الصهيوني في فلسطين.
نعم أيها المسلمون إنه الولاء لليهود والنصارى ، ولكن أخطر ما فيه أن أصحابه يلبسون مسوح أهل التقوى ، وليس لهم همٌّ إلا قتال المسلمين وشغلهم ببعضهم ، وهو عين ما أوحى به المستر هامفر إلى محمد بن عبد الوهاب فأحسن تطبيقه هو وخلفه الطالح.
إن في ذلك لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
. راجع مثلا كتاب المقالات السُّنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية للشيخ عبدالله الهرري.
2. الشيخ العلامة أحمد زيني دحلان ، ومن كتبه المقالات السنية في الرد على الوهابية ، البابي الحلبي ، القاهرة ، 1319.
3. د. محمد عوض الخطيب ، صفحات من تاريخ الجزيرة العربية ، دار المعراج ص 226 ، وقد
4. المصدر السابق ، ص 226وقد ذكر نصوص الرسائل موثقة.
5. ديكسون ، كتاب الكويت وجاراتها ، وقد ذكر أن الكولونيل هاملتون والكولونيل كانليف أوين ممثلي المخابرات البريطانية قد انطلقا إلى نجد لهذه المهمة.
6. خيري حماد ، كتاب (عبدالله فيلبي ) ص 215
7. إبراهيم عبدالعزيز عبدالغني ، صراع الأمراء ، دار الساقي ، لندن ، ط1 ، ص 76
8. موجز تاريخي عن القبائل الوهابية العربية ، في مجموعة: مختارات من سجلات بومباي ، منشورات المكتبة السرية والسياسية بومباي 1856 ، المجلد 24 ، ص 456 باللغة الإنكليزية.
9. كيللي : ج.ب ، بريطانيا في الخليج الفارسي 1795 - 1880 - مطبوعات أكسفورد كلارندن 1968 ، ص 134 بالإنكليزية.
10. د. صلاح العقاد ، جزيرة العرب في العصر الحديث ، معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة ص 85.
11. د محمد عوض الخطيب ، صفحات من تاريخ الجزيرة العربية ، دار المعراج ، ص 98 وقد ذكر مصادره.
محمد حسنين هيكل ، خريف الغضب.