قال الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله:
«إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً».
إنّ لفقد الأحبة والمقرّبين لوعة ومرارة في نفس كلّ شخص، فمن يفقد عزيزاً عليه يتجرّع ألماً وغصّة في الأيّام الأولى من فقده، وقد تصيبه حالة من الكآبة وعدم التوازن، يعزف فيها عن الطعام والشراب والنوم، لكن مع مرور الأسابيع والشهور يندمل الجرح وتهدأ النفوس وتزول الأحزان شيئاً فشيئاً وتعود الأشياء إلى طبيعتها السابقة. فأعظم المصائب وأشدّ البلايا وقعاً على الإنسان تفتر حدّتها وتخفّ وطأتها بفضل عامل الزمن ونعمة النسيان.
لكنّ مصيبة واحدة لم تبرد لوعتها ولم ينطفئ لهيبها برغم تقادم السنين ومضيّ الأعوام والقرون، ألا وهي مصيبة أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه.
كل عام قُبيل شهر محرّم بأيّام تلبّس الحيطان بالسواد، وتتلبّد القلوب بغيوم الحزن، وتتّقد حرارة مصيبة عاشوراء في الصدور من جديد.
ويتبيّن من الرواية السابقة أنّ هذه اللوعة والحرارة هما من علامات الإيمان، لأنّه لم يرد في الرواية «في قلوب البشر» أو «قلوب الناس»، من هنا فإنّ الحُبّ الحسيني الذي يسكن قلوب المؤمنين يعتمد على درجة الإيمان صعوداً ونزولاً، وهو حبّ يغمر قلب كلّ مؤمن ومحبّ لأهل البيت عليهم السلام.
لقد خصّ الله سبحانه وتعالى الإمام الحسين بخصائص لم يشاركه فيها حتّى من هم خير منه وهم جدّه وأبوه وأمّه وأخوه سلام الله عليهم، لأنّ التضحيات التي طلبها الله تعالى من الإمام الحسين كانت أعظم حتّى من تضحياتهم سلام الله عليهم أجمعين.
إنّ الدور الإستثنائي الذي قام به الإمام الحسين في يوم عاشوراء استحقّ عليه ثواباً استثنائيّاً من الله تعالى.
وهذا الاستثناء ـ كما نطالع في هذا الكتاب ـ قد تجلّى على نحوين:
النحو الأوّل: الاستثناء في الجانب التشريعي، ومثاله: الجزع فإنّه مكروه، حسبما ورد في الروايات، إلاّ على الإمام الحسين.
النحو الثاني: الاستثناء التكوينيّ، ومثاله الاستشفاء بتربته؛ فإنّ أكل التراب محرّم شرعاً ومضرّ من الناحية الصحيّة، لكنّ الأمر يختلف مع تربة سيد الشهداء عليه السلام فهو حلال حُكماً، وشفاء لمن يستعمله بمقدار.
وهذا يعني أنّ لمحرم خصوصية وتميزاً عن باقي الشهور. فبحلول هذا الشهر، وما أن يهلّ هلاله يتبادر سريعاً إلى الذهن إسم الإمام الحسين سلام الله عليه، حيث قُتل في العاشر منه مظلوماً شهيداً، فالتعريف بالحسين وقضيّته من خلال إقامة مجالس العزاء والشعائر الحسينية ـ من جانب ـ والعمل على تحقيق هدف الإمام الحسين المتمثّل بإنقاذ العباد من جهالة الكفر وضلالة الباطل إلى نور الحقّ والإسلام والإيمان ـ من جانب آخر ـ هما ضمن المسؤولية الملقاة علينا جميعاً تجاه الثأر للإمام الحسين سلام الله عليه.
فداحة المصيبة
في الحقيقة، لا يمكننا أن نتصوّر ما كابده سيّدالشهداء عليه السلام في يوم عاشوراء. قد تراود الإنسان أحياناً بعض الخطرات، لكنّه مع ذلك، لا يتصوّر ما جرى في ذلك اليوم فعلاً.
لاشكّ أنّ الإمام المعصوم أرقى وأعقل خلق الله، وله روح عالية تعلو على أرواح جميع المخلوقات، لكن في الوقت نفسه له قلب يطفح بعاطفة تسمو على عواطف جميع البشر، وإن كانت معقودة بأكمل العقول.
لقد ذرف الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله الدمع حزناً على فقد ولده إبراهيم، الذي لم يتجاوز العام ونصف العام.
وكان صلّى الله عليه وآله يجهش بالبكاء لدرجة كان كتفاه يهتزّان حتى قال له بعض أصحابه: يا رسول الله، تأمرنا بالصبر وتبكي لهذه المصيبة؟ فقال:
«تدمع العين ويحزن القَلْبُ ولا نقول ما يُسخط الربّ وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون».
فالرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله يبكي كلّ هذا البكاء لفراق ولده ذي الثمانية عشر شهراً، بينما فقد الإمام الحسين يوم عاشوراء أعزّ الناس وأقربهم إليه كأبي الفضل العباس وعلي الأكبر والقاسم... . ولو كان هؤلاء أفراداً عاديين لهان الأمر، ولكنّهم ترعرعوا في حجر الإمامة الطاهر، وكانوا بعد الإمام المعصوم قدوة في الوفاء والنخوة والأصالة، ولا مثيل لهم على وجه الأرض مطلقاً، وإنّنا لنعجز عن أداء حقّهم في وصف مكانتهم.
أجل، في أقلّ من نصف يوم، تجرّع الإمام الحسين كلّ هذه المصائب وتحمّل ما لا يطيقه بشر.
وحينما أراد جيش عمر بن سعد ـ في اليوم الحادي عشر من محرّم ـ اقتياد السبايا إلى الكوفة، كان الإمام السجّاد سلام الله عليه من شدّة ما ألمّ به من مرض لا يقوى على ركوب الناقة، لذلك قاموا بشدّ رجليه من أسفل بطن الناقة. وعندما اقتيد السبايا من وسط ساحة المعركة، رمت النسوة والصبية بأنفسهم على جثث الشهداء، أمّا الإمام السجّاد سلام الله عليه فلم يستطع فعل ذلك، ويقول في هذا الشأن: فكادت نفسي تخرج فَتَبَيَّنَتْ ذلك عَمَّتـي زينب....
لذلك عندما رأت الإمام السجّاد سلام الله عليه يوشك أن يلفظ أنفاسه، تركت جثث الشهداء وتوجّهت إليه، وذكرت له بعض الأمور ـ والتي طبعاً هو أعلم بها ـ حتى هدأ قليلاً. وقد أخبرت العقيلة زينب ابن أخيها بأنّ هذا الحال لن يدوم، فسوف يأتي زمان يقيم أناس مجالس عزاء للإمام الحسين ويحيون ذكراه. فأسكنت لوعة قلبه الشريف بقولها:
(ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض... ينصبون لهذا الطفّ علماً لقبر أبيك سيّد الشهداء لا يُدرس أثره....
وكلّ ذلك كان بعين الله التي لا تنام حتى تحلّ الساعة التي يأذن الله سبحانه فيها بحكمته العالية انتهاء أمر الصبر لتصل النوبة للعدل الإلهي والانتقام من الظالمين.)
المصدر :
مجموعة من محاضرات لسماحة آية الله العظمى سيد صادق الشيرازي
انواع الجماعت المعزية على مصاب الامام الحسين عليه السلام
جماعة يعزون الإمام الحسين وهم على استعداد لأخذ بثأره اذا خرج الامام صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف ).
وهذه من اعلى حالات النية لدى الموالي الذي يكون لديه هذا الاستعداد ,وهم أشبه بأصحاب الإمام الحسين الذين بذلوا أنفسهم متسارعين نحوا الشهادة يوصي كل فرد منهم قبل ان تفارق روحه جسده الطاهر بالامام الحسين والذود عنه حتى اقاموا النياحة والعزاء في وسط المعركة لتكون سنة جارية يستن بها عشاق الحرية والخلود ولنا أمثله لهذه منها موقف الصحابي
مسلم بن عوسجة *هو أول أصحاب الحسين ثم انصرف عمرو بن الحجاج وأصحابه وارتفعت الغبرة ، فإذا هم به صريع ! فمشى إليه الحسين فإذا به رمق فقال : رحمك ربك ، يا مسلم بن عوسجة ! ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) .
ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال : عز علي مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنة فقال له مسلم قولا ضعيفا : بشرك الله بخير .
فقال له حبيب : لولا أني أعلم أني في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه ، أحببت أن توصيني بكل ما أهمك حتى أحفظك في كل ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين .
قال : بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله - وأهوى بيده إلى الحسين - أن تموت دونه ! قال : أفعل ، ورب الكعبة ! فما كان بأسرع من أن مات في أيديهم ؛ وصاحت جارية له فقالت : يا بن عوسجتاه ! يا سيداه !
حبيب بن مظاهر
- وفي الطبري : ثم حمل الحصين على الحسين وأصحابه فخرج حبيب بن مظاهر وقاتل قتالا شديدا ، فحمل عليه رجل من بني تميم فضربه بالسيف على رأسه فقتله ، يقال له : بديل بن صريم - وحمل عليه آخر من بني تميم - فطعنه فوقع ، فذهب ليقوم ، فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فوقع ، ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه .
قال أبو مخنف : حدثني محمد بن قيس ، لما قتل حبيب بن مظاهر هد ذلك حسينا ، وقال عند ذلك : أحتسب نفسي وحماة أصحابي .
وفي بعض المقاتل : أنه قال : لله درك يا حبيب ! لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة واحدة !
زهير بن القين
- أبو جعفر الطبري : : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي ، قال : حدثنا عمارة بن زيد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد - وكان مع زهير بن القين حين صحب الحسين كما أخبر - قال : قال الحسين له : يا زهير ! إعلم أن هاهنا مشهدي ويحمل هذا - وأشار إلى رأسه من جسده - زجر بن قيس فيدخل به على يزيد يرجو نواله فلا يعطيه شيئا .
- القندوزي الحنفي : وفي رواية قال زهير : يا مولاي ! أرى الانكسار في وجهك بعد قتل العباس وحبيب ، ألسنا على الحق ؟ قال : بلى ، وحق الحق ! إنا على الحق محقين .
- ألمجلسي : وخرج زهير بن القين . . . ، فقاتل حتى قتل مائة وعشرين رجلا ، فشد عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس ، فقتلاه .
فقال الحسين : لا يبعدك الله يا زهير ! ولعن قاتلك ، لعن الذين مسخوا قردة وخنازير .
- الفر هاني : وفي رواية : وخرج زهير بن القين فوضع يده على منكب الحسين ، وقال مستأذنا : أقدم هديت هاديا مهديا فاليوم ألقى جدك النبيا وحسنا والمرتضى عليا وذا الجناحين الفتى الكميا وأسد الله الشهيد الحيا فقال الحسين : وأنا ألقاهما على أثرك .ولا يخف حال أن لهذا الامتداد ألولائي للموالين عبر الأزمنة لا ينقطع ليستمر( شعار الموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار) فنصب لهذا الشعار علماً لم يندرس عبر الأزمان من قبل أناس هم أشبه بأصحاب الحسين وهذا ما أخبرت به السيدة زينب بطلة عاشوراء عندما رأت حال أبن أخيها السجاد (عليه السلام ) بعد مصرع أبيه وإخوته , فسلته سلام الله عليها بذلك الحديث عنهم قائله للأمام السجاد (عليه السلام ) :
(لا يجزعنك ما ترى , فوالله إن ذلك لعهد من رسول الله (صلى الله عليه واله ) إلى جدك وأبيك وعمك ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها وهذه الجسوم المضرجة وينصبون لهذا ألطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يعفو رسمه على كرور وأشياع الضلالة في محوه وتطمسيه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وأمره إلا علواً) .فهذا الامتداد التأريخ الذي اخبر عنه بيت الوحي لهذه المصيبة التي أحيت واستمرت بشعائر المصاب التي تقام عند صاحب هذا ألطف وهناك تلبى أستغاثة ألامام مرة أخرى من قبل هولاء المخلصين الوجه الرابع : وما ادرك ما الوجه الرابع ، ان التلبيات السبع ، اجابات سبع ، لاستغاثات سبع ، وقعت منه ، لاصل حالته ، وخذلان الناس عنه ، وعدم الاعتناء به ، وكربته ، وغربته ، ووحدته ، بلا طلب شيء خاص من احد ، وهذه هي التي سماها بالواعية ( الواعية اي : الصارخة ) وقد حصل لها تأثيرات خاصة ، فكل واحدة من هذه الاستغاثات ، لها تحريك خاص ، وتأثير خاص ، وحصل بها انقلابات ، وتغير اوضاع مخصوصة ، فاستمع لها فانها الى الان تدور على اسماع محبيه ، والموالين له ، فاذا علت اصوات الاستغاثة فاستمعوا لها ، وانصتوا ، واجيبوا داعي الله بالتلبية رحمة له عليه السلام لعلكم ترحمون .
الاستغاثة الاولى : حين التقى العسكران ، انزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام ، وكانت رايات النصر ترفرف على رأسه ، فاختار لقــــــــــاء الله تبارك وتعالى ، ثم استغاث لاتمام الحجة ، فأحدثت هذه الحالة همّة خاصة ، وحركت عزما خاصا لاصحابه ، علاوة على بنائهم وعزمهم على المقاتلة ، فصاروا يتهافتون على ذهاب الانفس ، وحصل لهم كيفية استعجـــــــال وتلهب ، وتأسف وبكاء ، وانقلاب حال ، سنذكره في عنوان الشهداء ،فلبوا تأسيا بهم وقولوا : إن كان لم يجبك بدني مثل الشهداء حين استغاثتك ، ولساني عند استنصارك ، فقد أجابك قلبي يحب عملهم ، وبصري بالبكاء ، الى آخر ما في الزيارة ، فإذا لبيت لذلك فتهيأ لاستماع :
الاستغاثة الثانية : فقد علا صوته المبارك عليه السلام لما اشتد الامر عليه ، واستحر القتل في الاصحاب ، والاضطراب في النساء ، وصعب الامر عليه فصاح مستغيثا : " هل من ذاب يذب عنا " ، فأثر ذلك في النساء اللاتي كن معهم ، فحركت هذه الاستغاثة همة النساء ، فبذلن اولادهن ورجالهن وانفسهن ،حتى قتل بعضهن ، كما سيجيء ذلك في عنوان الشهداء إن شاء الله ، ثم هذه الاستغاثة الاولى حركت همة العجائز ، فأجبنه بالتلبية ، ببذل الأعز من أنفسهن ، أعني شبابهن وأفلاذ أكبادهن أفلا تتحرك همتك اذا زرته!! ، وتصورت ذلك ؟ فتجيب الاستغاثة الاولى بالتلبية الاولى وتقول : لبيــــــــك يا داعي الله تعالى ، إن لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك ، فقد اجابك قلبي ، فإذا لبيت الثانية فاستمع فقد علت:
الاستغاثة الثالثة : لما قتلوا جميعا ، وبقي صلوات الله عليه وحده ، وخرج عازما على لقاء الله تعالى ، جاء قبال القوم ، وهو راكب فرسه ، فنظر عن يمينه فلم ير أحدا ، وعن شماله فلم ير أحدا ، ورأى قدّامه أصحابه وأهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين مطروحين ، ووراءه عياله واطفاله ومن معه من النسوة بتلك الحالة ،فصاح سلام الله عليه : اما من مغيث يغيثنا لوجـــــــــه الله عزوجل ؟ هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا ؟ فأثرت هذه الاستغاثة في نفاذ صبر النساء لما سمعن ذلك ، فأخذن بالعويل والصراخ كلهن دفعة واحدة ، الى ان بلغ صوتهن موقفه ، فرجع عليه السلام وقال : مهلاً لا يشمت القوم بنا ، فإن البكاء امامكن ،فهذه الاستغاثة قد اخرجت اصوات نسائه ، فصعب عليه ذلك ، حتى رجع اليهن لاسكاتهن ، فهل تلبّون له صارخين بالعويل ؟ فانه عليه السلام يفرح بذلك ، ويجبر قلبه ذلك ، فلبّ له قائلا بقلبك ولسانك : لبيك داعي الله ، ملاحظاً هذه الاستغاثة ،وبعد ذلك لما اشتدت الحالات منه (ع) ، وتواردت المصائب متتابعة الى ان وقع طريحا جريحا مصاباً , علت : ألاستغاثة الرابعة : منه ، فأثرت في حالة الامام سيد الساجدين علياً عليه السلام تأثرا أقامه من فراشه ، مع انه مريض ولا يقدر على ان يقبل بنفسه ، وليس عليه جهاد ، لكن حرّكته خصوصية تأثير هذه الاستغاثة ، فأخ بيده عصا يتوكأ عليها ، وسيفاً يجره في الارض ، فخرج من الخيام ، وخرجت ام كلثوم خلفه تنادي : يا بني ارجع ، وهو يقول : يا عمتاه ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، فقال الحسين عليه السلام : خذيه لئلا تبقى الارض خالية من نسل آل محمــــــــــد صلوات الله عليه وآله ، فأرجعته أم كلثوم عليها السلام ،فلبّ انت لأجل المصيبة الرابعة وعجّل فقد تتابعت المصائب عليه (ع) ، وعلا منه صوت : الاستغاثة الخامسة : وهو (ع) طريح جريح مرمل مدمى عطشان قد اعياه حر الجراح والشمس والبلايا ، فأثرت في الاطفال فخرج طفـــــــلان من الخيام لاغاثته سلام الله عليه ،احدهما طفل خرج وفي اُذنيه درّتان ، وهو مذعور , يلتفت يمينا وشمالا فلما بعُد قليلا من الخيام ، ضربه هانيء بن ثبيت لعنه الله , علي رأس ذلك الطفل المحمدي فقتله هناك ، وامه تنظر اليه ولا تتكلم كالمدهوشة ،وثانيهما : عبدالله بن الحسن عليهما السلام وهو ابن احدى عشرة سنة ، لما رأى عمّه طريحا مستغيثا لبّى له وخرج اليه ، فنادى الحسين عليه السلام : يا أختاه احبسيه ، فأرادت حبسه ، فقال : والله لا اُفارق عمّي ، فذهب اليه ، وجاهد عنه ، حتى قطعت يده المباركة ، ثم قـُتل على ما سيجيء تفصيله في عنوان اهل البيت صلوات الله عليهم ، فإذا لبيت له التلبية الخامسة ، فعجّل فإنه قد علت منه : الاستغاثة السادسة : لما تهيؤوا لقتله عليه السلام وهو طريح ، فأثرت هذه الاستغاثة في زينب الكبرى عليها السلام اخته ، واخرجتها الى المقتل صائحة، وقيل : حاسرة حافية ،واعظم من ذلك انها جاءت تستنصر ابن سعد لعنه الله تعالى ، فقالت صلوات الله عليه : يا ابن سعد ، أيقتل أبو عبدالله ، وانت تنظر اليه ؟ وهذه الحالة أبكت ابن سعد لعنه الله ، حتى فاضت دموعه على لحيته ، وصرف وجهه عنها ، فلبّ السادسة أنت ، فقد اشتد الامر ، وبلغت الشدة نهايتها ، وتحققت من كل الاستغاثات : الاستغاثة السابعة : وقد علا صوتها بطريق خاص ، وعبارة خاصة ، ونحو خاص ، ووقت خاص ، وحالة خاصة وخيمة ، فأثرت لا في أشخاص خاصين ، كالاستغاثات السابقة ، بل أثرت في جميع الموجودات ، وحركت جميع المخلوقات ، وذعُر لها الناس وخضعوا ، وزلزلت جميع العالمين من السماوات والارضين ، وما فيهن وما بينهن ، وأخرجت كل مستقر من مستقره ، وحركت كل ساكن من مسكنه ، والعرش العظيم وما حوله ، ومن حفّ به وما فوقه وما بينهن ، وحركت اجزاء الجنة ومن فيها ، والنار ومن فيها ، وجميع ما يُرى وما لا يُرى ، وتفصي بيان خصوصياتها في عنوان شهادته بإشارة ، وإلا فيعزّ عليّ ان اُحرره ببياني ، او اُقرره بلساني ، أو أتصوره في جناني ، فإذا لاحظتها بنحو الإجمال ، فأقتد بجميع ما خلق الله تعالى ، ولبّ له الان السابعة : لبيــــك داعي الله تعالى ، إن لم يجبك بدني عند استغاثتك ، فإني اجيبك الان ، بقلبي ، وسمعي ، وبصري ، ونحيبي ، وزفرتي ، وعويلي ، وشهيقي ، وبكائي ، وانقلاب أحوالي ، وجميع ما يتعلق بي ، يا حسين يا إمامــــي وحقق ذلك من نفسك ختاما - هو مسك - اذا تحققت منك التلبيات السبع ، للاغاثات السبع ، وأغثته بتلبيتك له ملاحظاً ما ذكرناه ،فاعلم إن الاغاثة بالاغاثة ، والاجابة بالاجابة ، بل التلبية بالتلبية ، فأن لك حالات سبع ، لك فيه استغاثات سبع ، لا مغيث لك فيها ، ولا تجد لاستغاثاتك مغيثا ابدا ، نعم اذا أجبت الامام الحسين عليه السلام , ولبّيت له كما فصلناه ، فهو ايضا يغيثك ، ويجيبك ، بل يلبي لك في استغاثاتك السبع ، بإغاثات تنفعك ،واذا تحققت منك التلبيات السبع ، للاغاثات السبع ، وأغثته بتلبيتك له ملاحظاً ما ذكرناه ، اعلم إن الاغاثة بالاغاثة ، والاجابة بالاجابة ، بل التلبية بالتلبية ، فأن لك حالات سبع ، لك فيه استغاثات سبع ، لا مغيث لك فيها ، ولا تجد لاستغاثاتك مغيثا ابدا ، نعم اذا أجبت الامام الحسين عليه السلام , ولبّيت له فهو ايضا يغيثك ، ويجيبك ، بل يلبي لك في استغاثاتك السبع ، بإغاثات تنفعك ، وتخلصك يوم لا ينفع مال ولا بنون ألا من أتى الله بقلب ملىء بحب محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين .
ومن الأمور والعطاءات الإلهية التي تفرّد بها الإمام الحسين زيارته سلام الله عليه؛ فإنّها تستحبّ حتى مع الخوف بل يزاد في مثوبتها، في حين أنّ الحج على عظمته يشترط في صحّته خلوّ السرب (أي الطريق) من الخوف والخطر، حيث يقول جمهرة من الفقهاء أنّه لو لم يبال الشخص مع ذلك وحجّ وأصابه الخطر لم يصحّ حجّه، بل ذهب بعضهم إلى أنه لا يُقبل منه إذا لم تكن الطريق آمنة حتى لو لم يُصَب بسوءٍ؛ لأنه لم يلتزم بهذا الشرط الذي هو من شروط الاستطاعة، فليس المقصود الاستطاعة المالية فقط بل يدخل ضمنها الأمن، فمن لم يأمن الطريق لا يكون مشمولاً لها.
أما زيارة الإمام الحسين سلام الله عليه فهي مسنونة ومستحبّة حتى مع الخوف بل ورد الحثّ عليها، رغم أن الظلمة كانوا يسجنون الزوّار وربما يقطعون منهم الأيدي والأرجل ويصادرون الأموال والأنفس، ومع ذلك لم نسمع أن الأئمّة نهوهم عن الزيارة بل كانوا يشجعونهم؛ فلقد روي عن الإمام الصادق سلام الله عليه، أنّ ابن بكير قال له: إنّي أنزل الإرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح. فقال: «يابن بكير، أما تحب أن يراك الله فينا خائفاً، أما تعلم أنّه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه، وكان محدّثه الحسين سلام الله عليه تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع ولا يفزع، فإن فزع، وقرته الملائكة وسكنت قلبه بالبشارة»(1).
الأمر الذي أدّى بزوار الإمام الحسين سلام الله عليه لأن يتوافدوا على ضريحه المقدّس رغم الأخطار وبعد الأسفار، في البرد والحرّ رغم كلّ الظروف، حتى وصلتهم من الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه تلك الدرر المكنونة من أدعيته سلام الله عليه في قوله: «اللهمّ إنّ أعداءنا عابوا عليهم خروجهم، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا، وخلافاً منهم على من خالفنا فارحم تلك الوجوه التي قد غيّرتها الشمس... اللهم إنّي استودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى نوافيهم على الحوض يوم العطش»(2).
وفي حديث محمد بن مسلم عن الإمام أبي جعفر الباقر سلام الله عليه أنّه قال له: «هل تأتي قبر الحسين عليه السلام؟» قلت: نعم على خوف ووجل فقال سلام الله عليه: «ما كان من هذا أشدّ فالثواب فيه على قدر الخوف»(3).
إنّ الذي يواجه الصعوبات ويشترك في قضايا سيّد الشهداء سلام الله عليه لاشكّ يكون ثوابه أكثر من غيره، بل تكون تلك المعاناة فضلاً من الله عليه. فمثلاً لو أنفق شخص مليون دينار في هذا الطريق وكان يمثّل 10% من ملكه، وأنفق آخر نفس المبلغ ولكنها كانت تشكّل 5% من كل ما يملك فلا شك أن الأول أكثر ثواباً.
سمعت أنّ رجلاً كان يعمل حمّالاً في إحدى المدن قد بنى حسينية في بلدته من ماله الخاص، حيث كان يعمل منذ شبابه من الصباح حتى المساء. وعندما كان يعود إلى بيته، يجلس فيقسم حاصله اليومي إلى ثلاثة أثلاث، يخصّص ثلثاً منها ويدّخره باسم الإمام الحسين سلام الله عليه. وبمرور الليالي والأيام، وبعد البركة التي أفاضها الله تعالى على رزقه وما ادّخره، اشترى قطعة أرض خارج مدينته، وبعد سنوات قليلة شاء الله تعالى أن تتوسّع المدينة، فأدخل التوسّع قطعته تلك إلى داخل المدينة، وبعد ذلك إنبرى الحمّال فبنى قطعته وجعل منها حسينية عامرة بالروّاد وإقامة الفرائض والشعائر الحسينية، وكلّ ذلك تم بتوفيق الله تعالى.
ولو تصوّرنا يوم الحساب والعقاب، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ونرى هذا الحمّال قد جاء بحسينية في سبيل أبي عبد الله سلام الله عليه. فبم سنأتي نحن؟
لنرتقي بهمّتنا في خدمة الإمام الحسين ولا نستصغر ما نستطيع عمله في هذا الطريق الاستثنائي، فإن التوفيق من الله تعالى، لأنّه سبحانه جعل ما يرتبط بالإمام الحسين سلام الله عليه استثنائياً.
جماعة من الموالين لا يكترثون بمصاب عاشوراء بل حتى لا يزورون الامام الحسين (عليه السلام) هذه الفئة حرمت من نعم ولطف رباني أوجده الله سبحانه وتعالى للبشرية ليكون لهم أمان ونجاة في يوم لا ينفع لا مال ولا بنون ألا من أتى الله بقلب مليء بحب مولاة أهل بيت ألنبوة ولقد ورد الكثير من الروايات في فضل زيارة الإمام عليه السلام وأنها من الآثار المترتبة على حياة الإنسان في إزالة جميع منغصات حياته وعثرات وصعوبات لا يقدر عليها ألا من له ولاية تكوينه على هذا الكون وأيضاً لرفع درجاته نحو التكامل والسمو الروحي حيث أن الكثير من ألاعمال المستحبة التي يقوم بها الفرد من عياده مريض او صلة رحم أو بر للوالدين فأن ثوابه لا يتعدى هذا العمل بينما زيارة الإمام الحسين جامعة للثواب ولجميع المستحبات لان بزيارة عليه السلام تصل رحم أب هذه ألامه وهو ألنبي الأكرم ( صلى الله عليه وأله)وهو الذي قال (يا علي أنا وأنت أبوا هذه ألامه ) وهنا حصل الزائر على ثواب صلة الرحم أما ثواب زيارة المريض لا يخفى علينا أن ألامام الحسين قد رض صدره قبل استشهاده وهذا ما أخبرت عنه ألسيده الزهراء (صلوات الله عليها ) وقد جعل الله عتاب تركها ان يقول لتاركها : عبدي قد مرضت ما عدتني ، وزيارة الحسين عليه السلام اذا تأملت في حقيقتها فهي عبادة ، وليست عيادة مريض اصيب بحمى او بصداع لتتفقد حاله ! وانما هي عيادة لجريح عطشان ، لا بل عيادة لمكروب لهفان ، لا بل عيادة للمرضضة اعضاؤه ، وقد ذكرت الزهراء عليها السلام هذا المضمون في زيارتها له وهي على قبره في الرؤيا الصحيحة :
أيها العينان فيضا ** واستهلا لا تغيضا
وابكيا بالطف ميتا ** ترك الصدر رضيضا
لم امرّضه قتيلا ** لا ولا كان مريضا
وأيضا في زيارته (عليه السلام ) ثواب الصوم الاستحبابي والذي يعدل سنوات من الصوم فيتحقق ذلك بزيارة للمولى أبي عبد ألله الحسين (عليه السلام )وعنده يختصر الجهد والمشقة من الصوم ولجميع ألأعمار بزيارة لهذا المرقد الشريف فان في زيارته ثواب ألف صائم ، كما في الحديث الصحيح .
وهناك بعض المستحبات التي لا يقوى على تأديتها أما للعجز عن ذلك أو لعدم وجود مصداقها في هذه ألأيام مثل عتق رقبة فان في ثواب زيارته عتق ألف نسمة أريد بها وجه الله ، وقد ورد ان من زار قبر الحسين عليه السلام ماشيا كتب الله بكل قدم يرفعها وكل قدم يضعها عتق رقبة من ولد إسماعيل .
وهناك أيضا من يستغفر له ويسبح له وهو ساكت عن ذلك فقط وأنما ذلك العرق الصادرمن جسده الذي وصفه الامام علي بأن ألانسان ( تنتنه ألعرقه) وأذا هذه العرقه هي ملائكة مسبحين له واما الذكر والتسبيح فقد ورد انأ لله يخلق من عرق زوار الحسين (ع) كل عرقه سبعين ألف ملك يسبحون الله ويقدسونه ومنها التسبيح والتهليل والذكر بغير ذلك وفي زيارة الحسين (ع) أدراك ثواب الذاكرين لله من الملائكة المقربين.
وأيضا من المستحبات ادخال السرور لقلب المؤمن لكن لا يعلم الفرد كيف يقوم بذلك أو الظروف تمنعه او الوضع الاجتماعي يحتم عليه المحدودية في العلاقات ألاجتماعيه لكن في زيارة ألإمام تتحقق هذه المستحبة العظيمة
في إدخال السرور في قلب المؤمن الذي هو أفضل الإعمال وهو المثال عند جميع الأهوال ، وقد ورد في زيارته عن الصادق عليه السلام : لو يعلم زائر الحسين ما يدخل على رسول الله (ص) وما يصل إليه من الفرح ، والى أمير المؤمنين والى فاطمة والى الأئمة (ع) والشهداء منا أهل البيت ، وما يصيب من دعائهم له في ذلك من الثواب في العاجل والأجل والمذخور له عند الله تعالى ، لأحب ان يكون ما ثَمّ داره ، بيان : قوله : ما ثم داره ، بالثاء المثلثة او بالتاء المثناة ، ومعناه على الاخير ماتم في داره ، يعني ما استقر في داره .
وانه يدرك بها ما يستحيل وقوعه ، وهو ثواب الحج مع المصطفى محمد (ص) وذلك في روايات عديدة ، ألطفها ما رواه موسى بن القاسم الخضرمي ، قال : قدم ابو عبدالله (ع) في اول ولاية ابي جعفر وهو المنصور الدوانيقي الخليفة العباسي فنزل النجف ، فقال : يا موسى اذهب الى الطريق الاعظم فقف على الطريق ، وانظر فانه سيجيئك رجل من ناحية القادسية ، فاذا دنى منك ، فقل له هاهنا رجل من ولد رسول الله (ص) يدعوك فسيجيء معك ، قال : فذهبت حتى أقمت على الطريق ، والحر شديد ، فلم ازل مقيما حتى كدت اعصي وانصرف وادعه ، اذ نظرت الى شيء مقبل شبه رجل على بعير , قال : فلم ازل انظر أليه حتى دنى مني ، فقلت له : يا هذا هاهنا رجل من ولد رسول الله (ص) يدعوك ، وقد وصفك لي ، قال : اذهب بنا اليه ، فجئت به حتى اناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة ، قال : فدعى به فدخل الإعرابي اليه ، فدنوت انا فصرت إلى باب الخيمة اسمع الكلام ولا أراهما ، فقال أبو عبدا لله (ع) : من اين قدمت ؟
قال : من اقصى اليمن ،
قال : أنت من موضع كذا وكذا ؟
قال : نعم انا من موضع كذا وكذا ،
قال : فبما جئت هاهنا ؟
قا : جئت زائرا للحسين عليه السلام ،
فقال ابو عبدالله (ع) ، فجئت من غير حاجة ليس الا الزيارة ؟؟
قال : جئت من غير حاجة ليس الا ان اصلي عنده وازوره واسلم عليه وارجع الى اهلي ، قال له ابو عبدالله (ع) : وما ترون في زيارته ؟
قال : نرى في زيارته البركة في انفسنا واهلينا واولادنا واموالنا ومعائشنا وقضاء حوائجنا ، قال له ابو عبدالله : افلا ازيدك من فضله فضلا يا اخا اليمن ؟
قال : زدني
قال : ان زيارة ابي عبدالله (ع) تعدل حجة مقبولة زاكية مع رسول الله (ص) فتعجب من ذلك ، فقال : اي والله وحجتين مبرورتين زاكيتين مع رسول الله (ص) فتعجب ، فلم يزل ابو عبدالله يزيد حتى قال : ثلاثين حجة مقبولة مبرورة زاكية مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
فأن هناك ألطاف خفيه لا تظهر ولا يستشعر بوجودها ألا حين النية والعزم لهذه الزيارة وأيضا عند تمامها وانقضائها ولو تمعن الزائر في هذه الخصائص ما ترك هذه النعمة أبداً ولندم على ما فاته من تقصير في تحصيل هذه النعمة .
تأثيراتها الخاصة
فمنها ما في الروايات الكثيرة من انها تزيد في الأعمار ، وتزيد في الأرزاق وورد في زيارة عرفة أنها تورث الاطمئنان في العقائد الحقة ، ورفع الشبهات ، وهذا الأثر أعلى من كل اثر فإن كل اثر يتوقف عليه ،ومنها انها تدفع مدافع السوء وبعض ميتات السوء ومنها انه يدخل في من يضمنه النبي (ص) ، وذلك في خمسة عشر حديثا ، مضمونها انه ضمن لمن زاره او أباه أو أخاه أو أمه ان يزوره يوم القيامة ويخلصه من اهوالها وشدائدها.
غرائب فضائلها
فمنها : أنها أفضل من زيارة الإمام أذا كان حيا ، وزيارته في حياته ، فإذا كان الصادق (ع) مثلا حيا ، وذهبت لخدمته وتكلمت معه وتكلم معك ، فزيارة الحسين (ع) ألان أفضل من ذلك ، كما أن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبدا لله عليه السلام لما زرته : دعاني الشوق أليك أن تجشمت أليك على مشقة ، فقال لي : لا تشك بربك تعالى ، فهلا أتيت من كان أعظم حقا عليك مني ، فكان قوله : فهلا أتيت من كان أعظم حقا عليك مني ، اشد علي من قوله لا تشك بربك ، قلت : ومن هو اعظم علي حقا منك ؟
قال (ع) : الحسين بن علي (ع) ، الا اتيت الحسين فدعوت الله تعالى عنده وشكوت أليه حوائجك ؟
ومنها أن الباقر (ع) كان يزور من قدم من زيارة الحسين (ع) فروي عن حمران قال : زرت قبر الحسين (ع) فلما قدمت جاءني ابو جعفر (ع) ومعه عمرو بن علي بن عبدا لله بن علي (ع) فقال لي ابو جعفر (ع) : ابشر يا حمران فمن زار قبور شهداء ال محمد (ص) يريد بذلك وجه الله تعالى ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، ومن عجائب فضلها ان لحظات الرحمة من الله تعالى لها خصوصية بالنسبة الى زوارا لحسين (ع) ففي الحديث : بعد ذكر لحظات الرحمة الإلهية كل يوم ، قال : ويغفر لزائري قبر الحسين (ع) خاصة ، ولأهل بيته ولمن يشفع له يوم القيامة ، كائنا من كان ، وان كان مستوجبا للنار وزمن لطائف فضائلها ان لهم خصوصية في دخول الجنة ، لا بد أن يدخلوها قبل أهل الجنة بأربعين عاما ، وان كل شيء يتمسح بزائره ، ويرجو في النظر إلى زائره الخير لنظره إلى قبره المبارك.
ومن غرائب فضائلها انه يظهر من كثير من الإخبار إن فضيلتها ما بينت تمام البيان للناس ، ففي الرواية الصحيحة ، لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين عليه السلام من الفضل لماتوا وتقطعت أنفسكم عليها مرات وفي رواية أخرى : لو علموا فضائلها لأتوه حبواً من أقصى البلاد.
فلاحظ عزيزي القارئ هذه النعم واللطف ألرباني المتحقق في عند تركه ماذا يجنوا الفرد من حياته من زاد للنشأة الأخرى اي فقر يصاب به وعوز من حيث لا يعلم أو وهو يكابر بقوله أنما الإعمال بالنيات وأنا أحب ألإمام معترف بإمامته ومظلوميته فلا يبادر لزيارته اللهم وقنا لزيارته في الدنيا وشفاعته في ألآخره أنك مجيب الدعاء .
المصادر :
من كتاب الخصائص الحسينية / آية الله الشيخ جعفر ألتستري
(1) كامل الزيارات: 243.
(2) الكافي للكليين: 4/ 582، ح11 فضل زيارة أبي عبدا لله الحسين سلام الله عليه.
(3) كامل الزيارات: 244، 245.
«إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً».
إنّ لفقد الأحبة والمقرّبين لوعة ومرارة في نفس كلّ شخص، فمن يفقد عزيزاً عليه يتجرّع ألماً وغصّة في الأيّام الأولى من فقده، وقد تصيبه حالة من الكآبة وعدم التوازن، يعزف فيها عن الطعام والشراب والنوم، لكن مع مرور الأسابيع والشهور يندمل الجرح وتهدأ النفوس وتزول الأحزان شيئاً فشيئاً وتعود الأشياء إلى طبيعتها السابقة. فأعظم المصائب وأشدّ البلايا وقعاً على الإنسان تفتر حدّتها وتخفّ وطأتها بفضل عامل الزمن ونعمة النسيان.
لكنّ مصيبة واحدة لم تبرد لوعتها ولم ينطفئ لهيبها برغم تقادم السنين ومضيّ الأعوام والقرون، ألا وهي مصيبة أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه.
كل عام قُبيل شهر محرّم بأيّام تلبّس الحيطان بالسواد، وتتلبّد القلوب بغيوم الحزن، وتتّقد حرارة مصيبة عاشوراء في الصدور من جديد.
ويتبيّن من الرواية السابقة أنّ هذه اللوعة والحرارة هما من علامات الإيمان، لأنّه لم يرد في الرواية «في قلوب البشر» أو «قلوب الناس»، من هنا فإنّ الحُبّ الحسيني الذي يسكن قلوب المؤمنين يعتمد على درجة الإيمان صعوداً ونزولاً، وهو حبّ يغمر قلب كلّ مؤمن ومحبّ لأهل البيت عليهم السلام.
لقد خصّ الله سبحانه وتعالى الإمام الحسين بخصائص لم يشاركه فيها حتّى من هم خير منه وهم جدّه وأبوه وأمّه وأخوه سلام الله عليهم، لأنّ التضحيات التي طلبها الله تعالى من الإمام الحسين كانت أعظم حتّى من تضحياتهم سلام الله عليهم أجمعين.
إنّ الدور الإستثنائي الذي قام به الإمام الحسين في يوم عاشوراء استحقّ عليه ثواباً استثنائيّاً من الله تعالى.
وهذا الاستثناء ـ كما نطالع في هذا الكتاب ـ قد تجلّى على نحوين:
النحو الأوّل: الاستثناء في الجانب التشريعي، ومثاله: الجزع فإنّه مكروه، حسبما ورد في الروايات، إلاّ على الإمام الحسين.
النحو الثاني: الاستثناء التكوينيّ، ومثاله الاستشفاء بتربته؛ فإنّ أكل التراب محرّم شرعاً ومضرّ من الناحية الصحيّة، لكنّ الأمر يختلف مع تربة سيد الشهداء عليه السلام فهو حلال حُكماً، وشفاء لمن يستعمله بمقدار.
وهذا يعني أنّ لمحرم خصوصية وتميزاً عن باقي الشهور. فبحلول هذا الشهر، وما أن يهلّ هلاله يتبادر سريعاً إلى الذهن إسم الإمام الحسين سلام الله عليه، حيث قُتل في العاشر منه مظلوماً شهيداً، فالتعريف بالحسين وقضيّته من خلال إقامة مجالس العزاء والشعائر الحسينية ـ من جانب ـ والعمل على تحقيق هدف الإمام الحسين المتمثّل بإنقاذ العباد من جهالة الكفر وضلالة الباطل إلى نور الحقّ والإسلام والإيمان ـ من جانب آخر ـ هما ضمن المسؤولية الملقاة علينا جميعاً تجاه الثأر للإمام الحسين سلام الله عليه.
فداحة المصيبة
في الحقيقة، لا يمكننا أن نتصوّر ما كابده سيّدالشهداء عليه السلام في يوم عاشوراء. قد تراود الإنسان أحياناً بعض الخطرات، لكنّه مع ذلك، لا يتصوّر ما جرى في ذلك اليوم فعلاً.
لاشكّ أنّ الإمام المعصوم أرقى وأعقل خلق الله، وله روح عالية تعلو على أرواح جميع المخلوقات، لكن في الوقت نفسه له قلب يطفح بعاطفة تسمو على عواطف جميع البشر، وإن كانت معقودة بأكمل العقول.
لقد ذرف الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله الدمع حزناً على فقد ولده إبراهيم، الذي لم يتجاوز العام ونصف العام.
وكان صلّى الله عليه وآله يجهش بالبكاء لدرجة كان كتفاه يهتزّان حتى قال له بعض أصحابه: يا رسول الله، تأمرنا بالصبر وتبكي لهذه المصيبة؟ فقال:
«تدمع العين ويحزن القَلْبُ ولا نقول ما يُسخط الربّ وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون».
فالرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله يبكي كلّ هذا البكاء لفراق ولده ذي الثمانية عشر شهراً، بينما فقد الإمام الحسين يوم عاشوراء أعزّ الناس وأقربهم إليه كأبي الفضل العباس وعلي الأكبر والقاسم... . ولو كان هؤلاء أفراداً عاديين لهان الأمر، ولكنّهم ترعرعوا في حجر الإمامة الطاهر، وكانوا بعد الإمام المعصوم قدوة في الوفاء والنخوة والأصالة، ولا مثيل لهم على وجه الأرض مطلقاً، وإنّنا لنعجز عن أداء حقّهم في وصف مكانتهم.
أجل، في أقلّ من نصف يوم، تجرّع الإمام الحسين كلّ هذه المصائب وتحمّل ما لا يطيقه بشر.
وحينما أراد جيش عمر بن سعد ـ في اليوم الحادي عشر من محرّم ـ اقتياد السبايا إلى الكوفة، كان الإمام السجّاد سلام الله عليه من شدّة ما ألمّ به من مرض لا يقوى على ركوب الناقة، لذلك قاموا بشدّ رجليه من أسفل بطن الناقة. وعندما اقتيد السبايا من وسط ساحة المعركة، رمت النسوة والصبية بأنفسهم على جثث الشهداء، أمّا الإمام السجّاد سلام الله عليه فلم يستطع فعل ذلك، ويقول في هذا الشأن: فكادت نفسي تخرج فَتَبَيَّنَتْ ذلك عَمَّتـي زينب....
لذلك عندما رأت الإمام السجّاد سلام الله عليه يوشك أن يلفظ أنفاسه، تركت جثث الشهداء وتوجّهت إليه، وذكرت له بعض الأمور ـ والتي طبعاً هو أعلم بها ـ حتى هدأ قليلاً. وقد أخبرت العقيلة زينب ابن أخيها بأنّ هذا الحال لن يدوم، فسوف يأتي زمان يقيم أناس مجالس عزاء للإمام الحسين ويحيون ذكراه. فأسكنت لوعة قلبه الشريف بقولها:
(ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض... ينصبون لهذا الطفّ علماً لقبر أبيك سيّد الشهداء لا يُدرس أثره....
وكلّ ذلك كان بعين الله التي لا تنام حتى تحلّ الساعة التي يأذن الله سبحانه فيها بحكمته العالية انتهاء أمر الصبر لتصل النوبة للعدل الإلهي والانتقام من الظالمين.)
المصدر :
مجموعة من محاضرات لسماحة آية الله العظمى سيد صادق الشيرازي
انواع الجماعت المعزية على مصاب الامام الحسين عليه السلام
جماعة يعزون الإمام الحسين وهم على استعداد لأخذ بثأره اذا خرج الامام صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف ).
وهذه من اعلى حالات النية لدى الموالي الذي يكون لديه هذا الاستعداد ,وهم أشبه بأصحاب الإمام الحسين الذين بذلوا أنفسهم متسارعين نحوا الشهادة يوصي كل فرد منهم قبل ان تفارق روحه جسده الطاهر بالامام الحسين والذود عنه حتى اقاموا النياحة والعزاء في وسط المعركة لتكون سنة جارية يستن بها عشاق الحرية والخلود ولنا أمثله لهذه منها موقف الصحابي
مسلم بن عوسجة *هو أول أصحاب الحسين ثم انصرف عمرو بن الحجاج وأصحابه وارتفعت الغبرة ، فإذا هم به صريع ! فمشى إليه الحسين فإذا به رمق فقال : رحمك ربك ، يا مسلم بن عوسجة ! ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) .
ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال : عز علي مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنة فقال له مسلم قولا ضعيفا : بشرك الله بخير .
فقال له حبيب : لولا أني أعلم أني في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه ، أحببت أن توصيني بكل ما أهمك حتى أحفظك في كل ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين .
قال : بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله - وأهوى بيده إلى الحسين - أن تموت دونه ! قال : أفعل ، ورب الكعبة ! فما كان بأسرع من أن مات في أيديهم ؛ وصاحت جارية له فقالت : يا بن عوسجتاه ! يا سيداه !
حبيب بن مظاهر
- وفي الطبري : ثم حمل الحصين على الحسين وأصحابه فخرج حبيب بن مظاهر وقاتل قتالا شديدا ، فحمل عليه رجل من بني تميم فضربه بالسيف على رأسه فقتله ، يقال له : بديل بن صريم - وحمل عليه آخر من بني تميم - فطعنه فوقع ، فذهب ليقوم ، فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فوقع ، ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه .
قال أبو مخنف : حدثني محمد بن قيس ، لما قتل حبيب بن مظاهر هد ذلك حسينا ، وقال عند ذلك : أحتسب نفسي وحماة أصحابي .
وفي بعض المقاتل : أنه قال : لله درك يا حبيب ! لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة واحدة !
زهير بن القين
- أبو جعفر الطبري : : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد البلوي ، قال : حدثنا عمارة بن زيد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد - وكان مع زهير بن القين حين صحب الحسين كما أخبر - قال : قال الحسين له : يا زهير ! إعلم أن هاهنا مشهدي ويحمل هذا - وأشار إلى رأسه من جسده - زجر بن قيس فيدخل به على يزيد يرجو نواله فلا يعطيه شيئا .
- القندوزي الحنفي : وفي رواية قال زهير : يا مولاي ! أرى الانكسار في وجهك بعد قتل العباس وحبيب ، ألسنا على الحق ؟ قال : بلى ، وحق الحق ! إنا على الحق محقين .
- ألمجلسي : وخرج زهير بن القين . . . ، فقاتل حتى قتل مائة وعشرين رجلا ، فشد عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس ، فقتلاه .
فقال الحسين : لا يبعدك الله يا زهير ! ولعن قاتلك ، لعن الذين مسخوا قردة وخنازير .
- الفر هاني : وفي رواية : وخرج زهير بن القين فوضع يده على منكب الحسين ، وقال مستأذنا : أقدم هديت هاديا مهديا فاليوم ألقى جدك النبيا وحسنا والمرتضى عليا وذا الجناحين الفتى الكميا وأسد الله الشهيد الحيا فقال الحسين : وأنا ألقاهما على أثرك .ولا يخف حال أن لهذا الامتداد ألولائي للموالين عبر الأزمنة لا ينقطع ليستمر( شعار الموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار) فنصب لهذا الشعار علماً لم يندرس عبر الأزمان من قبل أناس هم أشبه بأصحاب الحسين وهذا ما أخبرت به السيدة زينب بطلة عاشوراء عندما رأت حال أبن أخيها السجاد (عليه السلام ) بعد مصرع أبيه وإخوته , فسلته سلام الله عليها بذلك الحديث عنهم قائله للأمام السجاد (عليه السلام ) :
(لا يجزعنك ما ترى , فوالله إن ذلك لعهد من رسول الله (صلى الله عليه واله ) إلى جدك وأبيك وعمك ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها وهذه الجسوم المضرجة وينصبون لهذا ألطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يعفو رسمه على كرور وأشياع الضلالة في محوه وتطمسيه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وأمره إلا علواً) .فهذا الامتداد التأريخ الذي اخبر عنه بيت الوحي لهذه المصيبة التي أحيت واستمرت بشعائر المصاب التي تقام عند صاحب هذا ألطف وهناك تلبى أستغاثة ألامام مرة أخرى من قبل هولاء المخلصين الوجه الرابع : وما ادرك ما الوجه الرابع ، ان التلبيات السبع ، اجابات سبع ، لاستغاثات سبع ، وقعت منه ، لاصل حالته ، وخذلان الناس عنه ، وعدم الاعتناء به ، وكربته ، وغربته ، ووحدته ، بلا طلب شيء خاص من احد ، وهذه هي التي سماها بالواعية ( الواعية اي : الصارخة ) وقد حصل لها تأثيرات خاصة ، فكل واحدة من هذه الاستغاثات ، لها تحريك خاص ، وتأثير خاص ، وحصل بها انقلابات ، وتغير اوضاع مخصوصة ، فاستمع لها فانها الى الان تدور على اسماع محبيه ، والموالين له ، فاذا علت اصوات الاستغاثة فاستمعوا لها ، وانصتوا ، واجيبوا داعي الله بالتلبية رحمة له عليه السلام لعلكم ترحمون .
الاستغاثة الاولى : حين التقى العسكران ، انزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام ، وكانت رايات النصر ترفرف على رأسه ، فاختار لقــــــــــاء الله تبارك وتعالى ، ثم استغاث لاتمام الحجة ، فأحدثت هذه الحالة همّة خاصة ، وحركت عزما خاصا لاصحابه ، علاوة على بنائهم وعزمهم على المقاتلة ، فصاروا يتهافتون على ذهاب الانفس ، وحصل لهم كيفية استعجـــــــال وتلهب ، وتأسف وبكاء ، وانقلاب حال ، سنذكره في عنوان الشهداء ،فلبوا تأسيا بهم وقولوا : إن كان لم يجبك بدني مثل الشهداء حين استغاثتك ، ولساني عند استنصارك ، فقد أجابك قلبي يحب عملهم ، وبصري بالبكاء ، الى آخر ما في الزيارة ، فإذا لبيت لذلك فتهيأ لاستماع :
الاستغاثة الثانية : فقد علا صوته المبارك عليه السلام لما اشتد الامر عليه ، واستحر القتل في الاصحاب ، والاضطراب في النساء ، وصعب الامر عليه فصاح مستغيثا : " هل من ذاب يذب عنا " ، فأثر ذلك في النساء اللاتي كن معهم ، فحركت هذه الاستغاثة همة النساء ، فبذلن اولادهن ورجالهن وانفسهن ،حتى قتل بعضهن ، كما سيجيء ذلك في عنوان الشهداء إن شاء الله ، ثم هذه الاستغاثة الاولى حركت همة العجائز ، فأجبنه بالتلبية ، ببذل الأعز من أنفسهن ، أعني شبابهن وأفلاذ أكبادهن أفلا تتحرك همتك اذا زرته!! ، وتصورت ذلك ؟ فتجيب الاستغاثة الاولى بالتلبية الاولى وتقول : لبيــــــــك يا داعي الله تعالى ، إن لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك ، فقد اجابك قلبي ، فإذا لبيت الثانية فاستمع فقد علت:
الاستغاثة الثالثة : لما قتلوا جميعا ، وبقي صلوات الله عليه وحده ، وخرج عازما على لقاء الله تعالى ، جاء قبال القوم ، وهو راكب فرسه ، فنظر عن يمينه فلم ير أحدا ، وعن شماله فلم ير أحدا ، ورأى قدّامه أصحابه وأهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين مطروحين ، ووراءه عياله واطفاله ومن معه من النسوة بتلك الحالة ،فصاح سلام الله عليه : اما من مغيث يغيثنا لوجـــــــــه الله عزوجل ؟ هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا ؟ فأثرت هذه الاستغاثة في نفاذ صبر النساء لما سمعن ذلك ، فأخذن بالعويل والصراخ كلهن دفعة واحدة ، الى ان بلغ صوتهن موقفه ، فرجع عليه السلام وقال : مهلاً لا يشمت القوم بنا ، فإن البكاء امامكن ،فهذه الاستغاثة قد اخرجت اصوات نسائه ، فصعب عليه ذلك ، حتى رجع اليهن لاسكاتهن ، فهل تلبّون له صارخين بالعويل ؟ فانه عليه السلام يفرح بذلك ، ويجبر قلبه ذلك ، فلبّ له قائلا بقلبك ولسانك : لبيك داعي الله ، ملاحظاً هذه الاستغاثة ،وبعد ذلك لما اشتدت الحالات منه (ع) ، وتواردت المصائب متتابعة الى ان وقع طريحا جريحا مصاباً , علت : ألاستغاثة الرابعة : منه ، فأثرت في حالة الامام سيد الساجدين علياً عليه السلام تأثرا أقامه من فراشه ، مع انه مريض ولا يقدر على ان يقبل بنفسه ، وليس عليه جهاد ، لكن حرّكته خصوصية تأثير هذه الاستغاثة ، فأخ بيده عصا يتوكأ عليها ، وسيفاً يجره في الارض ، فخرج من الخيام ، وخرجت ام كلثوم خلفه تنادي : يا بني ارجع ، وهو يقول : يا عمتاه ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، فقال الحسين عليه السلام : خذيه لئلا تبقى الارض خالية من نسل آل محمــــــــــد صلوات الله عليه وآله ، فأرجعته أم كلثوم عليها السلام ،فلبّ انت لأجل المصيبة الرابعة وعجّل فقد تتابعت المصائب عليه (ع) ، وعلا منه صوت : الاستغاثة الخامسة : وهو (ع) طريح جريح مرمل مدمى عطشان قد اعياه حر الجراح والشمس والبلايا ، فأثرت في الاطفال فخرج طفـــــــلان من الخيام لاغاثته سلام الله عليه ،احدهما طفل خرج وفي اُذنيه درّتان ، وهو مذعور , يلتفت يمينا وشمالا فلما بعُد قليلا من الخيام ، ضربه هانيء بن ثبيت لعنه الله , علي رأس ذلك الطفل المحمدي فقتله هناك ، وامه تنظر اليه ولا تتكلم كالمدهوشة ،وثانيهما : عبدالله بن الحسن عليهما السلام وهو ابن احدى عشرة سنة ، لما رأى عمّه طريحا مستغيثا لبّى له وخرج اليه ، فنادى الحسين عليه السلام : يا أختاه احبسيه ، فأرادت حبسه ، فقال : والله لا اُفارق عمّي ، فذهب اليه ، وجاهد عنه ، حتى قطعت يده المباركة ، ثم قـُتل على ما سيجيء تفصيله في عنوان اهل البيت صلوات الله عليهم ، فإذا لبيت له التلبية الخامسة ، فعجّل فإنه قد علت منه : الاستغاثة السادسة : لما تهيؤوا لقتله عليه السلام وهو طريح ، فأثرت هذه الاستغاثة في زينب الكبرى عليها السلام اخته ، واخرجتها الى المقتل صائحة، وقيل : حاسرة حافية ،واعظم من ذلك انها جاءت تستنصر ابن سعد لعنه الله تعالى ، فقالت صلوات الله عليه : يا ابن سعد ، أيقتل أبو عبدالله ، وانت تنظر اليه ؟ وهذه الحالة أبكت ابن سعد لعنه الله ، حتى فاضت دموعه على لحيته ، وصرف وجهه عنها ، فلبّ السادسة أنت ، فقد اشتد الامر ، وبلغت الشدة نهايتها ، وتحققت من كل الاستغاثات : الاستغاثة السابعة : وقد علا صوتها بطريق خاص ، وعبارة خاصة ، ونحو خاص ، ووقت خاص ، وحالة خاصة وخيمة ، فأثرت لا في أشخاص خاصين ، كالاستغاثات السابقة ، بل أثرت في جميع الموجودات ، وحركت جميع المخلوقات ، وذعُر لها الناس وخضعوا ، وزلزلت جميع العالمين من السماوات والارضين ، وما فيهن وما بينهن ، وأخرجت كل مستقر من مستقره ، وحركت كل ساكن من مسكنه ، والعرش العظيم وما حوله ، ومن حفّ به وما فوقه وما بينهن ، وحركت اجزاء الجنة ومن فيها ، والنار ومن فيها ، وجميع ما يُرى وما لا يُرى ، وتفصي بيان خصوصياتها في عنوان شهادته بإشارة ، وإلا فيعزّ عليّ ان اُحرره ببياني ، او اُقرره بلساني ، أو أتصوره في جناني ، فإذا لاحظتها بنحو الإجمال ، فأقتد بجميع ما خلق الله تعالى ، ولبّ له الان السابعة : لبيــــك داعي الله تعالى ، إن لم يجبك بدني عند استغاثتك ، فإني اجيبك الان ، بقلبي ، وسمعي ، وبصري ، ونحيبي ، وزفرتي ، وعويلي ، وشهيقي ، وبكائي ، وانقلاب أحوالي ، وجميع ما يتعلق بي ، يا حسين يا إمامــــي وحقق ذلك من نفسك ختاما - هو مسك - اذا تحققت منك التلبيات السبع ، للاغاثات السبع ، وأغثته بتلبيتك له ملاحظاً ما ذكرناه ،فاعلم إن الاغاثة بالاغاثة ، والاجابة بالاجابة ، بل التلبية بالتلبية ، فأن لك حالات سبع ، لك فيه استغاثات سبع ، لا مغيث لك فيها ، ولا تجد لاستغاثاتك مغيثا ابدا ، نعم اذا أجبت الامام الحسين عليه السلام , ولبّيت له كما فصلناه ، فهو ايضا يغيثك ، ويجيبك ، بل يلبي لك في استغاثاتك السبع ، بإغاثات تنفعك ،واذا تحققت منك التلبيات السبع ، للاغاثات السبع ، وأغثته بتلبيتك له ملاحظاً ما ذكرناه ، اعلم إن الاغاثة بالاغاثة ، والاجابة بالاجابة ، بل التلبية بالتلبية ، فأن لك حالات سبع ، لك فيه استغاثات سبع ، لا مغيث لك فيها ، ولا تجد لاستغاثاتك مغيثا ابدا ، نعم اذا أجبت الامام الحسين عليه السلام , ولبّيت له فهو ايضا يغيثك ، ويجيبك ، بل يلبي لك في استغاثاتك السبع ، بإغاثات تنفعك ، وتخلصك يوم لا ينفع مال ولا بنون ألا من أتى الله بقلب ملىء بحب محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين .
ومن الأمور والعطاءات الإلهية التي تفرّد بها الإمام الحسين زيارته سلام الله عليه؛ فإنّها تستحبّ حتى مع الخوف بل يزاد في مثوبتها، في حين أنّ الحج على عظمته يشترط في صحّته خلوّ السرب (أي الطريق) من الخوف والخطر، حيث يقول جمهرة من الفقهاء أنّه لو لم يبال الشخص مع ذلك وحجّ وأصابه الخطر لم يصحّ حجّه، بل ذهب بعضهم إلى أنه لا يُقبل منه إذا لم تكن الطريق آمنة حتى لو لم يُصَب بسوءٍ؛ لأنه لم يلتزم بهذا الشرط الذي هو من شروط الاستطاعة، فليس المقصود الاستطاعة المالية فقط بل يدخل ضمنها الأمن، فمن لم يأمن الطريق لا يكون مشمولاً لها.
أما زيارة الإمام الحسين سلام الله عليه فهي مسنونة ومستحبّة حتى مع الخوف بل ورد الحثّ عليها، رغم أن الظلمة كانوا يسجنون الزوّار وربما يقطعون منهم الأيدي والأرجل ويصادرون الأموال والأنفس، ومع ذلك لم نسمع أن الأئمّة نهوهم عن الزيارة بل كانوا يشجعونهم؛ فلقد روي عن الإمام الصادق سلام الله عليه، أنّ ابن بكير قال له: إنّي أنزل الإرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتى أرجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح. فقال: «يابن بكير، أما تحب أن يراك الله فينا خائفاً، أما تعلم أنّه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه، وكان محدّثه الحسين سلام الله عليه تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع ولا يفزع، فإن فزع، وقرته الملائكة وسكنت قلبه بالبشارة»(1).
الأمر الذي أدّى بزوار الإمام الحسين سلام الله عليه لأن يتوافدوا على ضريحه المقدّس رغم الأخطار وبعد الأسفار، في البرد والحرّ رغم كلّ الظروف، حتى وصلتهم من الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه تلك الدرر المكنونة من أدعيته سلام الله عليه في قوله: «اللهمّ إنّ أعداءنا عابوا عليهم خروجهم، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا، وخلافاً منهم على من خالفنا فارحم تلك الوجوه التي قد غيّرتها الشمس... اللهم إنّي استودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى نوافيهم على الحوض يوم العطش»(2).
وفي حديث محمد بن مسلم عن الإمام أبي جعفر الباقر سلام الله عليه أنّه قال له: «هل تأتي قبر الحسين عليه السلام؟» قلت: نعم على خوف ووجل فقال سلام الله عليه: «ما كان من هذا أشدّ فالثواب فيه على قدر الخوف»(3).
إنّ الذي يواجه الصعوبات ويشترك في قضايا سيّد الشهداء سلام الله عليه لاشكّ يكون ثوابه أكثر من غيره، بل تكون تلك المعاناة فضلاً من الله عليه. فمثلاً لو أنفق شخص مليون دينار في هذا الطريق وكان يمثّل 10% من ملكه، وأنفق آخر نفس المبلغ ولكنها كانت تشكّل 5% من كل ما يملك فلا شك أن الأول أكثر ثواباً.
سمعت أنّ رجلاً كان يعمل حمّالاً في إحدى المدن قد بنى حسينية في بلدته من ماله الخاص، حيث كان يعمل منذ شبابه من الصباح حتى المساء. وعندما كان يعود إلى بيته، يجلس فيقسم حاصله اليومي إلى ثلاثة أثلاث، يخصّص ثلثاً منها ويدّخره باسم الإمام الحسين سلام الله عليه. وبمرور الليالي والأيام، وبعد البركة التي أفاضها الله تعالى على رزقه وما ادّخره، اشترى قطعة أرض خارج مدينته، وبعد سنوات قليلة شاء الله تعالى أن تتوسّع المدينة، فأدخل التوسّع قطعته تلك إلى داخل المدينة، وبعد ذلك إنبرى الحمّال فبنى قطعته وجعل منها حسينية عامرة بالروّاد وإقامة الفرائض والشعائر الحسينية، وكلّ ذلك تم بتوفيق الله تعالى.
ولو تصوّرنا يوم الحساب والعقاب، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ونرى هذا الحمّال قد جاء بحسينية في سبيل أبي عبد الله سلام الله عليه. فبم سنأتي نحن؟
لنرتقي بهمّتنا في خدمة الإمام الحسين ولا نستصغر ما نستطيع عمله في هذا الطريق الاستثنائي، فإن التوفيق من الله تعالى، لأنّه سبحانه جعل ما يرتبط بالإمام الحسين سلام الله عليه استثنائياً.
جماعة من الموالين لا يكترثون بمصاب عاشوراء بل حتى لا يزورون الامام الحسين (عليه السلام) هذه الفئة حرمت من نعم ولطف رباني أوجده الله سبحانه وتعالى للبشرية ليكون لهم أمان ونجاة في يوم لا ينفع لا مال ولا بنون ألا من أتى الله بقلب مليء بحب مولاة أهل بيت ألنبوة ولقد ورد الكثير من الروايات في فضل زيارة الإمام عليه السلام وأنها من الآثار المترتبة على حياة الإنسان في إزالة جميع منغصات حياته وعثرات وصعوبات لا يقدر عليها ألا من له ولاية تكوينه على هذا الكون وأيضاً لرفع درجاته نحو التكامل والسمو الروحي حيث أن الكثير من ألاعمال المستحبة التي يقوم بها الفرد من عياده مريض او صلة رحم أو بر للوالدين فأن ثوابه لا يتعدى هذا العمل بينما زيارة الإمام الحسين جامعة للثواب ولجميع المستحبات لان بزيارة عليه السلام تصل رحم أب هذه ألامه وهو ألنبي الأكرم ( صلى الله عليه وأله)وهو الذي قال (يا علي أنا وأنت أبوا هذه ألامه ) وهنا حصل الزائر على ثواب صلة الرحم أما ثواب زيارة المريض لا يخفى علينا أن ألامام الحسين قد رض صدره قبل استشهاده وهذا ما أخبرت عنه ألسيده الزهراء (صلوات الله عليها ) وقد جعل الله عتاب تركها ان يقول لتاركها : عبدي قد مرضت ما عدتني ، وزيارة الحسين عليه السلام اذا تأملت في حقيقتها فهي عبادة ، وليست عيادة مريض اصيب بحمى او بصداع لتتفقد حاله ! وانما هي عيادة لجريح عطشان ، لا بل عيادة لمكروب لهفان ، لا بل عيادة للمرضضة اعضاؤه ، وقد ذكرت الزهراء عليها السلام هذا المضمون في زيارتها له وهي على قبره في الرؤيا الصحيحة :
أيها العينان فيضا ** واستهلا لا تغيضا
وابكيا بالطف ميتا ** ترك الصدر رضيضا
لم امرّضه قتيلا ** لا ولا كان مريضا
وأيضا في زيارته (عليه السلام ) ثواب الصوم الاستحبابي والذي يعدل سنوات من الصوم فيتحقق ذلك بزيارة للمولى أبي عبد ألله الحسين (عليه السلام )وعنده يختصر الجهد والمشقة من الصوم ولجميع ألأعمار بزيارة لهذا المرقد الشريف فان في زيارته ثواب ألف صائم ، كما في الحديث الصحيح .
وهناك بعض المستحبات التي لا يقوى على تأديتها أما للعجز عن ذلك أو لعدم وجود مصداقها في هذه ألأيام مثل عتق رقبة فان في ثواب زيارته عتق ألف نسمة أريد بها وجه الله ، وقد ورد ان من زار قبر الحسين عليه السلام ماشيا كتب الله بكل قدم يرفعها وكل قدم يضعها عتق رقبة من ولد إسماعيل .
وهناك أيضا من يستغفر له ويسبح له وهو ساكت عن ذلك فقط وأنما ذلك العرق الصادرمن جسده الذي وصفه الامام علي بأن ألانسان ( تنتنه ألعرقه) وأذا هذه العرقه هي ملائكة مسبحين له واما الذكر والتسبيح فقد ورد انأ لله يخلق من عرق زوار الحسين (ع) كل عرقه سبعين ألف ملك يسبحون الله ويقدسونه ومنها التسبيح والتهليل والذكر بغير ذلك وفي زيارة الحسين (ع) أدراك ثواب الذاكرين لله من الملائكة المقربين.
وأيضا من المستحبات ادخال السرور لقلب المؤمن لكن لا يعلم الفرد كيف يقوم بذلك أو الظروف تمنعه او الوضع الاجتماعي يحتم عليه المحدودية في العلاقات ألاجتماعيه لكن في زيارة ألإمام تتحقق هذه المستحبة العظيمة
في إدخال السرور في قلب المؤمن الذي هو أفضل الإعمال وهو المثال عند جميع الأهوال ، وقد ورد في زيارته عن الصادق عليه السلام : لو يعلم زائر الحسين ما يدخل على رسول الله (ص) وما يصل إليه من الفرح ، والى أمير المؤمنين والى فاطمة والى الأئمة (ع) والشهداء منا أهل البيت ، وما يصيب من دعائهم له في ذلك من الثواب في العاجل والأجل والمذخور له عند الله تعالى ، لأحب ان يكون ما ثَمّ داره ، بيان : قوله : ما ثم داره ، بالثاء المثلثة او بالتاء المثناة ، ومعناه على الاخير ماتم في داره ، يعني ما استقر في داره .
وانه يدرك بها ما يستحيل وقوعه ، وهو ثواب الحج مع المصطفى محمد (ص) وذلك في روايات عديدة ، ألطفها ما رواه موسى بن القاسم الخضرمي ، قال : قدم ابو عبدالله (ع) في اول ولاية ابي جعفر وهو المنصور الدوانيقي الخليفة العباسي فنزل النجف ، فقال : يا موسى اذهب الى الطريق الاعظم فقف على الطريق ، وانظر فانه سيجيئك رجل من ناحية القادسية ، فاذا دنى منك ، فقل له هاهنا رجل من ولد رسول الله (ص) يدعوك فسيجيء معك ، قال : فذهبت حتى أقمت على الطريق ، والحر شديد ، فلم ازل مقيما حتى كدت اعصي وانصرف وادعه ، اذ نظرت الى شيء مقبل شبه رجل على بعير , قال : فلم ازل انظر أليه حتى دنى مني ، فقلت له : يا هذا هاهنا رجل من ولد رسول الله (ص) يدعوك ، وقد وصفك لي ، قال : اذهب بنا اليه ، فجئت به حتى اناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة ، قال : فدعى به فدخل الإعرابي اليه ، فدنوت انا فصرت إلى باب الخيمة اسمع الكلام ولا أراهما ، فقال أبو عبدا لله (ع) : من اين قدمت ؟
قال : من اقصى اليمن ،
قال : أنت من موضع كذا وكذا ؟
قال : نعم انا من موضع كذا وكذا ،
قال : فبما جئت هاهنا ؟
قا : جئت زائرا للحسين عليه السلام ،
فقال ابو عبدالله (ع) ، فجئت من غير حاجة ليس الا الزيارة ؟؟
قال : جئت من غير حاجة ليس الا ان اصلي عنده وازوره واسلم عليه وارجع الى اهلي ، قال له ابو عبدالله (ع) : وما ترون في زيارته ؟
قال : نرى في زيارته البركة في انفسنا واهلينا واولادنا واموالنا ومعائشنا وقضاء حوائجنا ، قال له ابو عبدالله : افلا ازيدك من فضله فضلا يا اخا اليمن ؟
قال : زدني
قال : ان زيارة ابي عبدالله (ع) تعدل حجة مقبولة زاكية مع رسول الله (ص) فتعجب من ذلك ، فقال : اي والله وحجتين مبرورتين زاكيتين مع رسول الله (ص) فتعجب ، فلم يزل ابو عبدالله يزيد حتى قال : ثلاثين حجة مقبولة مبرورة زاكية مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
فأن هناك ألطاف خفيه لا تظهر ولا يستشعر بوجودها ألا حين النية والعزم لهذه الزيارة وأيضا عند تمامها وانقضائها ولو تمعن الزائر في هذه الخصائص ما ترك هذه النعمة أبداً ولندم على ما فاته من تقصير في تحصيل هذه النعمة .
تأثيراتها الخاصة
فمنها ما في الروايات الكثيرة من انها تزيد في الأعمار ، وتزيد في الأرزاق وورد في زيارة عرفة أنها تورث الاطمئنان في العقائد الحقة ، ورفع الشبهات ، وهذا الأثر أعلى من كل اثر فإن كل اثر يتوقف عليه ،ومنها انها تدفع مدافع السوء وبعض ميتات السوء ومنها انه يدخل في من يضمنه النبي (ص) ، وذلك في خمسة عشر حديثا ، مضمونها انه ضمن لمن زاره او أباه أو أخاه أو أمه ان يزوره يوم القيامة ويخلصه من اهوالها وشدائدها.
غرائب فضائلها
فمنها : أنها أفضل من زيارة الإمام أذا كان حيا ، وزيارته في حياته ، فإذا كان الصادق (ع) مثلا حيا ، وذهبت لخدمته وتكلمت معه وتكلم معك ، فزيارة الحسين (ع) ألان أفضل من ذلك ، كما أن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبدا لله عليه السلام لما زرته : دعاني الشوق أليك أن تجشمت أليك على مشقة ، فقال لي : لا تشك بربك تعالى ، فهلا أتيت من كان أعظم حقا عليك مني ، فكان قوله : فهلا أتيت من كان أعظم حقا عليك مني ، اشد علي من قوله لا تشك بربك ، قلت : ومن هو اعظم علي حقا منك ؟
قال (ع) : الحسين بن علي (ع) ، الا اتيت الحسين فدعوت الله تعالى عنده وشكوت أليه حوائجك ؟
ومنها أن الباقر (ع) كان يزور من قدم من زيارة الحسين (ع) فروي عن حمران قال : زرت قبر الحسين (ع) فلما قدمت جاءني ابو جعفر (ع) ومعه عمرو بن علي بن عبدا لله بن علي (ع) فقال لي ابو جعفر (ع) : ابشر يا حمران فمن زار قبور شهداء ال محمد (ص) يريد بذلك وجه الله تعالى ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، ومن عجائب فضلها ان لحظات الرحمة من الله تعالى لها خصوصية بالنسبة الى زوارا لحسين (ع) ففي الحديث : بعد ذكر لحظات الرحمة الإلهية كل يوم ، قال : ويغفر لزائري قبر الحسين (ع) خاصة ، ولأهل بيته ولمن يشفع له يوم القيامة ، كائنا من كان ، وان كان مستوجبا للنار وزمن لطائف فضائلها ان لهم خصوصية في دخول الجنة ، لا بد أن يدخلوها قبل أهل الجنة بأربعين عاما ، وان كل شيء يتمسح بزائره ، ويرجو في النظر إلى زائره الخير لنظره إلى قبره المبارك.
ومن غرائب فضائلها انه يظهر من كثير من الإخبار إن فضيلتها ما بينت تمام البيان للناس ، ففي الرواية الصحيحة ، لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين عليه السلام من الفضل لماتوا وتقطعت أنفسكم عليها مرات وفي رواية أخرى : لو علموا فضائلها لأتوه حبواً من أقصى البلاد.
فلاحظ عزيزي القارئ هذه النعم واللطف ألرباني المتحقق في عند تركه ماذا يجنوا الفرد من حياته من زاد للنشأة الأخرى اي فقر يصاب به وعوز من حيث لا يعلم أو وهو يكابر بقوله أنما الإعمال بالنيات وأنا أحب ألإمام معترف بإمامته ومظلوميته فلا يبادر لزيارته اللهم وقنا لزيارته في الدنيا وشفاعته في ألآخره أنك مجيب الدعاء .
المصادر :
من كتاب الخصائص الحسينية / آية الله الشيخ جعفر ألتستري
(1) كامل الزيارات: 243.
(2) الكافي للكليين: 4/ 582، ح11 فضل زيارة أبي عبدا لله الحسين سلام الله عليه.
(3) كامل الزيارات: 244، 245.