بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 167
بلاغة
الإمام علي بن الحسين عليهما السلام
خطب ـ رسائل ـ كلمات
في القصار من كلماته
وفيها : حكم ، ومواعظ ، وآداب
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 168
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 169
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الثالث
( في القصار من كلمات الامام السجاد علي بن الحسين عليهما السلام)
(سئل عنه عن الصمد )(1)
1 ـ فقال عليه السلام : الصمد الذي لا شريك له ، ولا يؤده حفظ شيء ولا يعزب عنه شيء ، والذي لا جوف له ، والذي قد انتهى سؤدده ، والذي لا يأكل ولا يشرب ، والذي لا ينام والذي لم يزل ولا يزال .
(1) الوافي ج1 ص 81 ط ايران للفيض والامام زين العابدين ص 31 ط نجف للمقرم .
الصمد فعيل بمعنى مفعول من صمد اليه اذا قصده ، وهو السيد الذي يصمد المقصود اليه في الحوائج فهو عبارة عن وجوب الوجود والاستغناء المطلق ، واحتياج كل شيء في جميع اموره اليه اي الذي يكون عنده ما يحتاج اليه كل شيء ويكون رفع حاجة الكل اليه ، ولم يفقد في ذاته شيئاً مما يحتاج اليه الكل واليه يتوجه كل شيء بالعبادة والخضوع وهو المستحق لذلك كما في مرأة العقول للعلامة المجلسي ره.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 170
2 ـ وقال عليه السلام : عجباً للمتكبر الفخور ، الذي كان بالامس نطفة وهو غداً جيفة ، والعجب كل العجب لمن شك في الله ، وهو يرى الخلق ، والعجب كل العجب لمن انكر الموت ، وهو يموت في كل يوم وليلة ، والعجب كل العجب لمن انكر النشأة
(1) بحار الانوار 17 ص 216 ط ايران للمجلسي.
* قال النبي الاعظم (ص) عجبا كل العجب للمختال الفخور انما خلق من نطفة ثم يعود الى جيفة ، وهو بين ذلك لا يدري ما يفعل به كما في مرآة العقول ص 315 ج2 وقال علي عليه السلام : ابن ادم اوله اوله نطفة مذرة ـ الخبيثة الفاسدة ـ وآخره جيفة قذره ، وهو في بينهما يحمل العذرة ، كما في الكشكول ط قم ج2 ص 377 للبهائي وقال الجواد (عليه السلام) : عجبا للمختال الفخور ، انما خلق من نطفة ثم يعود جيفة وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع كما في اصول الكافي بهامش مرآة العقول ج2 ص 315 ط ايران للمجلسي والامام زين العابدين ص 208 وقد نظمها بعض الشعراء كما في غرر الخصائص ص 45 للوطواط : عجبت من معجب بصورته وكان مـن قبـل نطفة قذرة
وفي غد بعد حسن صورته يصير في الارض جيفة قذرة
وهـو على عـجبه ونخوته ما بـيـن هذين يحمل العذرة
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 171
الاخرى ، وهو يرى النشأه الاولى ، والعجب كل العجب لمن عمل لدار الفناء ، وترك دار البقاء .
أقول : الجملة الاولى وردت عن النبي وبعض الأئمة عليهم السلام.
3 ـ وقال عليه السلام : أن قوماً عبدوا الله هيبة فتلك عبادة العبيد ، وان قوماً عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار ، وأن قوما عبدوه شكراً فتلك عبادة الاحرار .
أقول: وروى هذه الرواية عن جده أمير المؤمنين وأبيه الامام الحسين عليهما السلام كما في ج3 ص 205 مصر من نهج البلاغة وفي بلاغة الامام الحسين عليه السلام ص 116 ط نجف عن البحار ج17 ، ولا غرو أن وافق كلامه عليه السلام كلام جده وأبيه عليهما السلام لانه ورث من جده العلم والفصاحة ، وارتوى من الله منهل الحكمة والعرفان .
(وعن الباقر عليه السلام ) قال : كان زين العابدين عليه السلام اذا نظر الى الشباب الذين يطلبون العلم أدناهم اليه ) .
4 ـ وقال : مرحبا بكم ، أنتم ودايع العلم ، ويوشك اذ
(3) حلية الاولياء ج3 ص 134 ط مصر لابي نعيم وتذكرة الخواص ص 332 لابن الجوزي وصفوة الصفوة ج2 ص 53.
(4) انوار البهية ص 53 للقمي ط ايران.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 172
أنتم صغار قوم أن تكونوا كبار آخرين.
5 ـ وقال عليه السلام ان الذنوب التي تغير النعم : البغي على الناس ، والزوال عن العادة في الخير ، واصطناع المعروف ، وكفران النعم ، وترك الشكر ، قال الله تعالى : « ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ».
والذنوب التي تورث الندم : قتل النفس التي حرم الله ، قال الله تعالى في قصة قابيل حين قتل أخاه ، فعجز عن دفنه : « فاصبح من النادمين » وترك صلة الرحم حين يقدر ، وترك الصلاة حتى يخرج وفتها وترك الوصية ، ورد المظالم ، ومنع الزكاة حتى يحضر الموت ، وينغلق اللسان .
والذنوب التي تزيل النعم : عصيان العارف ، والتطاول على الناس والاستهزاء بهم ، والسخرية منهم .
والذنوب التي تدفع النعم : أظهار الافتقار ، والنوم عن صلاة العتمة ، وعن صلاة الغداة ، واستحقار النعم ، وشكوى المعبود عز وجل .
والذنوب التي تهتك العصم : شرب الخمر ، ولعب القمار ،
(5) معاني الاخبار للصدوق ص 78 باب 136 وناسخ التواريخ ج3 ص 70 من احواله (عليه السلام ) ط ايران.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 173
وتعاطي ما يضحك الناس ، واللغو ، والمزاح ، وذكرعيوب الناس ، ومجالسة أهل الشرب .
والذنوب التي تنزل البلاء : ترك اغاثة الملهوف ، وترك معاونة المظلوم ، وتضييع الامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر.
والذنوب التي تديل الأعذار : المجاهرة بالظلم ، واعلان الفجور واباحة المحظور ، وعصيان الاخيار ، والانقياد إلى الأشرار.
والذنوب التي تقطع الرجاء : اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والثقة بغير الله تعالى ، والتكذيب بوعد الله .
والذنوب التي تظلم الهواء : السحر والكهانة ، والايمان بالنجوم والتكذيب بالقدر، وعقوق الوالدين .
والذنوب التي تشكف الغطاء : الاستدانة بغير نية الأداء ، والاسراف في النفقة ، والبخل على الأهل والأولاد وذوي الأرحام ، وسوء الخلق ، وقلة الصبر ، واستعمال الزجرٍ والكسل ، والاستهانة بأهل الدين .
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 174
والذنوب التي ترد الدعاء : سوء النية ، وخبث السريرة ، والنفاق مع الاخوان ، وترك التصديق بالاجابة ، وتأخير الصلاة المفروضة حتى تذهب أوقاتها ، وترك التقرب الى ا لله عز وجل بالبر ، والصدقة واستعمال البذاء والفحش في القول.
والذنوب التي تحبس غيث السماء : جور الحكام في القضاء ، وشهادة الزور ، وكتمان الشهادة ، ومنع الزكوة والقرض ، والماعون وقساوة القلوب على أهل الفقر والفاقة ، وظلم اليتيم ، والارملة ، وأنتهار السائل ، ورده بالليل.
6 ـ وقال عليه السلام : الصبر والرضا عن الله رأس كل طاعة ، ومن صبر ورضى عن الله فيما قضى عليه فيما أحب أو كره ، لم يقض الله عز وجل فيما أحب أو كره إلا ما هو خير له.
7 ـ وقال عليه السلام : فقد الأحبة غربة.
8 ـ وقال عليه السلام : من قنع بما قسم الله له ، فهو من أغنى الناس .
(6) البحار ج17.
(7) حلية الاولياء ج3 ص 134 لابي نعيم وصفوة الصفوة ج2 ص 53.
( البحار ج17 ص 159 وحلية الاولياء ج3 ص 135.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 175
9 ـ وقال عليه السلام : أعظم الناس قدراً ، من لم يبال الدنيا في يد من كانت.
10 ـ وقال عليه السلام : رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس ومن لم يرج الناس في شيء ، زاد أيدي الناس ومن لم يرج الناس في شيء ، زاد أمره إلى الله عز وجل في جميع أموره استجاب الله عز وجل له في كل شيء.
11 ـ وقال عليه السلام : ان أفضل الاجتهاد عفة البطن والفرج .
12 ـ وقال عليه السلام : لا تمتع من ترك القبيح وان كنت قد عرفت به ، ولا تزهد في مراجعة الجهل وان كنت قد شهرت بخلافه ، واياك والرضا بالذنب ، فانه أعظم من ركوبه ، والشرف في التواضع ، والغني في القناعة .
13 ـ وقال عليه السلام : يا ابن آدم لا تزال بخير ما دام لك واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسبة من همك ، وما كان الخوف
(9) ارشاد القلوب ج1 ص 18 ط ايران للديلمي .
(10) اصول الكافي ص 448.
(11) مشكاة الانوار ص 333 لابي الفضل الطبرسي.
(12) البحار ج17 للمجلسي.
(13) مشكاة الانوار ص 222 ط نجف.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 176
لك شعاراً ، والحزن دثاراً ، يا بن آدم انك ميت ومبعوث بين يدي الله عز وجل ، ومسؤول فاعد له جواباً .
14 ـ وقال عليه السلام : يغفر الله للمؤمنين كل ذنب ، ويطهر منه في الآخرة ما خلا ذنبين التقية ، وتضييع حقوق الاخوان .
15 ـ وقال عليه السلام : هلك من ليس له حكيم يرشده ، وذل من ليس له سفيه يعضده.
16 ـ وقال عليه السلام : خير مفاتيح الامور الصدق ، وخير خواتيمها الوفاء .
17 ـ وقال عليه السلام : من سعادة المرء أن يكون متجره في بلده ، ويكون خلطاؤه صالحين ويكون لهم ولد يستعين به ، ومن شقاء المرء ان تكون عنده المرأة يعجب بها وهي تخونه في نفسها .
18 ـ وقال عليه السلام : من عمل بما افترض الله فهو من خير
(14) جامع الاخبار لمحمد بن محمد الشعيري.
(15) كشف الغمة للأربلي .
(16) منتهى الآمال ج 2 للقمي ط طهران.
(17) مشكوة الانوار لابي الفضل الطبرسي.
(18) الامالي للصدوق .
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 177
الناس ، ومن اجتنب عما حرم الله عليه فهو من أعبد الناس ، ومن أورع الناس ، ومن قنع بما قسم الله له فهو من أغنى الناس.
19 ـ وقال عليه السلام : ما من خطوة أحب الى الله من خطوتين : خطوة يشد بها صفاً في سبيل الله ، وخطوة إلى ذي رحم قاطعة ، وما من جرعة أحب الى الله من جرعتين : جرعة غيظ ردها مؤمن بحلمه ، أو جرعة مصيبة ردها مؤمن بصبر ، وما من قطرة أحب إلى الله من قطرتين : قطرة في سبيل الله ، أو قطرة دمعة في سواد الليل لا يريد عبداً إلا الله عز وجل ، ثم ذكر ما هو أرفع من السماء بتمامه.
20 ـ وقال عليه السلام : لولده : أتقوا الكذب الصغير منه والكبير ، في كل جد وهزل فان الرجل اذا كذب بالصغير اجترء على الكبير ، أما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا يزال العبد يصدق حتى يكتبه الله عزوجل صادقا ، ولا يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كاذباً .
(19) كتاب الغايات لابن الرازي ط في طهران اخيراً .
(20) ارشاد القلوب ج1 ص 112 ط ايران للديلمي.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 178
21 ـ وقال عليه السلام ان من أخلاق المؤمن الانفاق على قدر الافتار ، والتوسع على قدر التوسع ، وأنصاف الناس من نفسه ، وابتداؤه اياهم بالسلام .
22 ـ وقال عليه السلام : ثلاث منجيات للمرء : كف لسانه على الناس أغتيابهم ، واشغال نفسه لآخرته ودنياه ، وطول البكاء على خطيئته .
23 ـ وقال عليه السلام : نظر المؤمن في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة له عبادة .
24 ـ وقال عليه السلام : ثلاث من كن فيه كان في كنف الله (*) واظله الله يوم القيامة في ظل عرشه ، وامنه فزع اليوم الأكبر من اعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم لنفسه ، ورجل لم يقدم
(21) البحار ج 17 ص 154 .
(22) البحار ج 17 .
(23) البحار ج 17.
(24) البحار ج 17 .
(*) الكنف بالتحريل الجانبة والناصبة والا كتاب الجوانب والنواحي ومنه الخبر فاضلكم اخاسئكم اخلاقا الموطؤن الا كنافا وفي الدعاء اللهم اجعلني في كنفك اي في حرزك (مجمع البحرين للطريحي).
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 179
يداً ولا رجلا حتى تعلم انه في طاعة الله قدمها أو في معصية الله ، ورجل لم يعب أخاه بعيب حتى يترك ذلك العيب من نفسه ، وكفى بالمرء شغلا لنفسه عن عيوب الناس.
25 ـ وقال عليه السلام : لا حسب لقرشي ولا عربي الا بالتواضع ولا كرم الا بالتقوى ، ولا عمل إلا بالنية ، ولا عبادة إلا بالتفقه ، ألا وان أبغض الناس إلى الله عز وجل من يقتدي بسنة امام ولا يقتدي باعماله .
26 ـ وقال عليه السلام : لا يهلك المؤمن بين ثلاث خصال : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وشفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وسعة رحمة الله.
27 ـ وقال عليه السلام : شهادة أن لا إله إلا الله هي الفطرة ، وصلاة الفريضة هي الملة ، والطاعة لله هي العصمة.
28 ـ وقال عليه السلام : لولده الباقر عليه السلام : كف الأذى ،
(25) البحار ج17.
(26) البحار ج17.
(27) نزهة الناظر ص 32 للحلواني.
(28) البحار ج17 ص 60.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 180
ورفض البذي (*) ، واستعن على الكلام بالسكوت ، فان للقول حالات تضر فاحذر الأحمق .
29 ـ وقال عليه السلام : كل عين ساهرة يوم القيامة إلا ثلاث عيون ، عين سهرت في سبيل الله ، وعين غضت عن محارم الله ، وعين فاضت من خشية الله.
30 ـ وقال عليه السلام : الكريم يبتهج بفضله ، واللئيم يفتخر بملكه.
31 ـ وقال عليه السلام : لكل شيء فاكهة ، وفاكهة السمع الكلام الحسن.
32 ـ وقال عليه السلام : من عتب على الزمان ، طالت معتبته.
(*) في الحديث ان الله حرم الجنة على كل فحاش بذي البذي على السفيه من قولهم بذا على القوم يبذو بذا بالفتح والمد سفه عليهم وافحش في منطقه وان كان صادقا فيه ولعلهما في الحديث واحد مفسر بالاخر كما في ( مجمع البحرين ).
(29) البحار ج17 للمجلسي.
(30) البحار ج17.
(31) البحار ج17.
(32) البحار ج17.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 181
33 ـ وقال عليه السلام: خف الله تعالى لقدرته عليك ، واستحي منه لقربه منك ، ولا تعادين أحدا وأن ظنت انه يضرك ، ولا تزهدن في صداقة أحد وأن ظننت انه لا ينفعك ، فانك لا تدري متى ترجو صديقك ، ولا تدرى متى تخاف عدوك ، ولا يعتذر اليك أحد الا قبلت عذره ، وان علمت انه كاذب ، وليقل عيب الناس على لسانك .
34 ـ وقال عليه السلام : سادة الناس في الدنيا الأسخياء ، وسادة الناس في الاخرة الأتقياء.
35ـ وقال عليه السلام : من زوج لله ، ووصل الرحم ، توجه الله بتاج يوم القيامة .
36ـ وقال عليه السلام : أشد ساعات بني آدم ثلاث ساعات : الساعة التي يعاين فيها ملك الموت ، والساعة التي يقوم فيها من
(33) البحار ج 17.
(34) مشكاة الانوار للطبرسي ص 210.
(35) مشكاة الانوار ص 210 ط نجف.
(36) الخصال لآبن بابويه الصدوق ج1 ص159 ط ايران والغايات لابن الرازي ص 96 ط طهران وتفسير البرهان للسيد البحراني ج2 ص 752 ط طهران.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 182
قبره ، والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالى ، فاما الى الجنة ، واما الى النار (ثم قال) : ان نجوت يا ابن آدم فانت أنت ، والا هلكت ، فان نجوت حين يحمل الناس على الصراط فانت أنت ، وال هلكت ، وان نجوت حين يقوم الناس لرب العالمين فانت أنت ، والا هلكت ، ثم قال : « ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون »قال هو القبر وان لهم لمعيشة ضنكا ، والله ان القبر لروضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ( ثم أقبل على رجل من جلسائه ) فقال له : لقد علم ساكن السماء من ساكن النار ، فاي الرجلين أنت ، وأي الدارين دارك.
( وجاء اليه رجل وقال : انا رجل عاص ولا أصبر على المعصية فعظني بموعظة).
37ـ فقال عليه السلام : أفعل خمسة أشياء واذنب ما شئت ، فالأول : لا تأكل رزق الله واذنب ما شئت ، والثاني : أخرج من ولاية الله وأذنب ما شئت ، والثالث : أطلب موضعا لا يراك الله وأذنب ما شئت ، والرابع : اذا جاء ملك الموت لقبض روحك فادفعه عن نفسك وأذنب ما شئت ، والخامس :
(37) جامع الاخبار لمحمد بن محمد الشعيري .
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 183
اذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل في النار واذنب ما شئت.
أقول : من خصائص لغة العرب وسننه : هي فعل ظاهره أمر ، وباطنه زجر مثل : اذا لم تستح فافعل وفي الحديث : اذا لم تستح فافعل ما شئت وفي القرآن افعلوا ما شئتم . وأيضا فيه : ومن شاء منكم فليكفر. وكذلك قول الامام عليه السلام افعل خمس أشياء الخ . . . (*).
(وقال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام أوصاني أبي ) .
38ـ فقال عليه السلام : يا بني لا تصحبن خمسة ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق ، فقلت : جعلت فداك يا أبة من هؤلاء الخمسة ؟ قال : لا تصحبن فاسقاً ، فانه يبيعك باكلة فما دونها ، فقلت : وما دونها ؟ قال : يطمع فيها ثم لا ينالها ، قلت : يا أبه ومن الثاني ؟ قال : لا تصحبن بخيلا فانه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت اليه ، قلت : ومن الثالث ؟ قال : لا
(*) راجع فقه اللغة للثعالبي تجد كثيراً من الأمثلة.
(38) الفصول المهمة لابن الصباغ ص 77 والاتحاف ص 50 للشبزواري ط مصر ومطالب السؤال لابن طلحة . وحلية الاولياء ج3 ص 184 ط مصر لابن نعيم وصفوة الصفوة ج2 ص 57.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 184
تصحبن كاذباً ، فانه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ، ويقرب منك البعيد ، قال قلت : ومن الرابع ؟ قال : لا تصحبن أحمقاً ، فانه يريد أن ينفعك فيضرك ، قال قلت : ومن الخامس ؟ قال: لا تصحبن قاطع رحم ، فاني وجدته معلوناً في كتاب الله في ثلاثة مواضع.
أقول : والمواضع الثلاثة هذه :
1 ـ في سورة محمد اية 22: « فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الأرض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم واعمى أبصارهم » .2 ـ في سورة الرعد 35 : « الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ويقطعون ما أمر الله به ان يوصل ويفسدون في الأرض ، اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار » . 3 ـ في سورة البقرة : « الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ويقطعون ما أمر الله ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون » .
(وجاء رجل الى علي بن الحسين يشكو اليه حاجة) :
39ـ فقال عليه السلام : مسكين ابن آدم ، له في كل يوم ثلاث مصائب ، لا يعتبر بواحدة منهن ، ولو اعتبر لهانت عليه
(39) البحار ج17 ص 160 نقلا عن الاختصاص للمفيد طبع اخيراً .
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 185
المصائب وأمر الدنيا ، فاما المصيبة الأولى فاليوم الذي ينقص من عمره ، قال وان ناله نقصان في ماله اغتم به ، والدرهم يخلف ، والعمر لا يرده(*) ، والثانية انه يستوفى رزقه ، فان كان حلالا حوسب به وان كان حراماً عوقب عليه قال والثالثة اعظم من ذلك (قيل وما هي) قال : ما من يوم يمسى وقد دنى من الآخرة مرحلة لا يدري على الجنة أم على النار.
40ـ وقال عليه السلام : أكبر ما يكون ابن آدم ، اليوم الذي يلد من أمه ( قالت الحكماء : ما سبقه إلى هذا أحد).
41ـ وقال عليه السلام : الرضا بمكروه القضا أرفع درجات اليقين .
42ـ وقال عليه السلام : من كرمت نفسه هانت عليه الدنيا .
(*) وقد اخذ من هذه الجملة ابو بكر بن عياش الخياط الاسدي من علمان الحديث في القرن الثاني حيث قال : مسكين محب الدنيا يسقط منه درهم فيظل نهاره يقول : انا لله وانا اليه راجعون وينقض عمره ودينه ولا يحزن عليهما . انظر هدية الاحباب للقمي .
(40) البحار ج17 ص 16.
(41) نفس المصدر والجلد والصفحة .
(42) نفس المصدر.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 186
43ـ وقال عليه السلام : لا يقل عمل مع تقوى ، وكيف يقل مع ما يتقبل .
(وقيل له من أعظم الناس خطراً).
44ـ وقال عليه السلام : من لم ير للدنيا خطراً لنفسه .
45ـ وقال عليه السلام : كفى بنصر الله لك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله فيك.
46ـ وقال عليه السلام : الخير كله صيانة الانسان نفسه.
47ـ وقال عليه السلام : طلب الحوائج في الناس مذلة الحياة. ومذهبة للحياء ، واستخفاف بالوقار ، وهو الفقر الحاضر ، وقلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر .
48ـ وقال عليه السلام : اجابة دعاء المؤمن ثلاث : اما أن يدخر له ، واما أن يعجل له ، وأما ان يدفع له بلاء يريد .
(43) نفس المصدر ج 17 ص 153.
(44) نفس المصدر.
(45) بحار الانوار ج 17 ص 154.
(46) نفس المصدر.
(47) نفس المصدر .
(48) نفس المصدر.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 187
أن يصيبه.
49ـ وقال عليه السلام : خمس لو دخلتم فيهن لأبعتموهن وما قدرتم على مثلهن : لا يخاف عبد إلا ذنبه ، ولا يرجو إلا ربه ، ولا يستحي الجاهل اإذا سئل عما لا يعلم أن يتعلم ، والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا ايمان لمن لا صبر له .
50ـ وقال عليه السلام : كم من مفتون بحسن القول فيه ، وكم من مغرور بحسن الستر عليه وكم من مستدرج (*) بالاحسان اليه .
وعن هشام بن سالم عن ابي عبدالله عليه السلام قال كان علي بن الحسين عليهما السلام ..
(49) نفس المصدر.
(50) نفس المصدر .
(*) استدراج الله العبد كلما جدد خطيئة جدد سبحانه له نعمة وانساه الاستغفار قاله في القاموس وذكر الالوسي في روح المعاني ج9 ص 129 عند قوله تعالى : «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون » معناه فتح النعيم عليهم فيانسون بلذات الدنيا وما اعطوا فيها فينسون الموت ويتمادون في الطغيان فياخذهم سبحانه على حين غفلة وغرة . وفي اصول الكافي في باب الاستدراج وحديث في هذا المعنى المجلسي.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 188
51ـ يقول : ويل لمن غلبت أحاده أعشاره ، فقلت له وكيف هذا فقال : أما سمعت الله عز وجل يقول : «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا بمثلها » فالحسنة الواحدة إذا عملها كتبت له عشرة ، والسيئة الواحدة كتبت له واحدة.
وفي رواية أخرى (*) قال عليه ياسوأتاه لمن غلبت احاده عشراته فان السيئة بواحدة والحسنة بعشرة .
52ـ وقال عليه السلام : أربع عزهن ذل : البنت ولو مريم والدين ولو درهم ، والغربة ولو ليلة ، والسؤال ولو كيف الطريق.
53ـ وقال عليه السلام : ان المعرفة بكمال دين المسلم . تركه فيما لا يعنيه ، وقلة مرائه وحلمه وصبره ، وحسن خلقه.
(51) مشكلات العلوم ص 25 ط ايران للنراقي.
(*) البحار ج17 قال المجلسي : يريد ان السيئة بواحدة والحسنة بعشرة.
(52) نور الابصار ص 143 ط مصر للشبلنجي والكافي ص 495 والبحار ج17 ص 153.
(53) البحار ج17 ص 153.
بلاغة
الإمام علي بن الحسين عليهما السلام
خطب ـ رسائل ـ كلمات
في القصار من كلماته
وفيها : حكم ، ومواعظ ، وآداب
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 168
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 169
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الثالث
( في القصار من كلمات الامام السجاد علي بن الحسين عليهما السلام)
(سئل عنه عن الصمد )(1)
1 ـ فقال عليه السلام : الصمد الذي لا شريك له ، ولا يؤده حفظ شيء ولا يعزب عنه شيء ، والذي لا جوف له ، والذي قد انتهى سؤدده ، والذي لا يأكل ولا يشرب ، والذي لا ينام والذي لم يزل ولا يزال .
(1) الوافي ج1 ص 81 ط ايران للفيض والامام زين العابدين ص 31 ط نجف للمقرم .
الصمد فعيل بمعنى مفعول من صمد اليه اذا قصده ، وهو السيد الذي يصمد المقصود اليه في الحوائج فهو عبارة عن وجوب الوجود والاستغناء المطلق ، واحتياج كل شيء في جميع اموره اليه اي الذي يكون عنده ما يحتاج اليه كل شيء ويكون رفع حاجة الكل اليه ، ولم يفقد في ذاته شيئاً مما يحتاج اليه الكل واليه يتوجه كل شيء بالعبادة والخضوع وهو المستحق لذلك كما في مرأة العقول للعلامة المجلسي ره.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 170
2 ـ وقال عليه السلام : عجباً للمتكبر الفخور ، الذي كان بالامس نطفة وهو غداً جيفة ، والعجب كل العجب لمن شك في الله ، وهو يرى الخلق ، والعجب كل العجب لمن انكر الموت ، وهو يموت في كل يوم وليلة ، والعجب كل العجب لمن انكر النشأة
(1) بحار الانوار 17 ص 216 ط ايران للمجلسي.
* قال النبي الاعظم (ص) عجبا كل العجب للمختال الفخور انما خلق من نطفة ثم يعود الى جيفة ، وهو بين ذلك لا يدري ما يفعل به كما في مرآة العقول ص 315 ج2 وقال علي عليه السلام : ابن ادم اوله اوله نطفة مذرة ـ الخبيثة الفاسدة ـ وآخره جيفة قذره ، وهو في بينهما يحمل العذرة ، كما في الكشكول ط قم ج2 ص 377 للبهائي وقال الجواد (عليه السلام) : عجبا للمختال الفخور ، انما خلق من نطفة ثم يعود جيفة وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع كما في اصول الكافي بهامش مرآة العقول ج2 ص 315 ط ايران للمجلسي والامام زين العابدين ص 208 وقد نظمها بعض الشعراء كما في غرر الخصائص ص 45 للوطواط : عجبت من معجب بصورته وكان مـن قبـل نطفة قذرة
وفي غد بعد حسن صورته يصير في الارض جيفة قذرة
وهـو على عـجبه ونخوته ما بـيـن هذين يحمل العذرة
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 171
الاخرى ، وهو يرى النشأه الاولى ، والعجب كل العجب لمن عمل لدار الفناء ، وترك دار البقاء .
أقول : الجملة الاولى وردت عن النبي وبعض الأئمة عليهم السلام.
3 ـ وقال عليه السلام : أن قوماً عبدوا الله هيبة فتلك عبادة العبيد ، وان قوماً عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار ، وأن قوما عبدوه شكراً فتلك عبادة الاحرار .
أقول: وروى هذه الرواية عن جده أمير المؤمنين وأبيه الامام الحسين عليهما السلام كما في ج3 ص 205 مصر من نهج البلاغة وفي بلاغة الامام الحسين عليه السلام ص 116 ط نجف عن البحار ج17 ، ولا غرو أن وافق كلامه عليه السلام كلام جده وأبيه عليهما السلام لانه ورث من جده العلم والفصاحة ، وارتوى من الله منهل الحكمة والعرفان .
(وعن الباقر عليه السلام ) قال : كان زين العابدين عليه السلام اذا نظر الى الشباب الذين يطلبون العلم أدناهم اليه ) .
4 ـ وقال : مرحبا بكم ، أنتم ودايع العلم ، ويوشك اذ
(3) حلية الاولياء ج3 ص 134 ط مصر لابي نعيم وتذكرة الخواص ص 332 لابن الجوزي وصفوة الصفوة ج2 ص 53.
(4) انوار البهية ص 53 للقمي ط ايران.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 172
أنتم صغار قوم أن تكونوا كبار آخرين.
5 ـ وقال عليه السلام ان الذنوب التي تغير النعم : البغي على الناس ، والزوال عن العادة في الخير ، واصطناع المعروف ، وكفران النعم ، وترك الشكر ، قال الله تعالى : « ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ».
والذنوب التي تورث الندم : قتل النفس التي حرم الله ، قال الله تعالى في قصة قابيل حين قتل أخاه ، فعجز عن دفنه : « فاصبح من النادمين » وترك صلة الرحم حين يقدر ، وترك الصلاة حتى يخرج وفتها وترك الوصية ، ورد المظالم ، ومنع الزكاة حتى يحضر الموت ، وينغلق اللسان .
والذنوب التي تزيل النعم : عصيان العارف ، والتطاول على الناس والاستهزاء بهم ، والسخرية منهم .
والذنوب التي تدفع النعم : أظهار الافتقار ، والنوم عن صلاة العتمة ، وعن صلاة الغداة ، واستحقار النعم ، وشكوى المعبود عز وجل .
والذنوب التي تهتك العصم : شرب الخمر ، ولعب القمار ،
(5) معاني الاخبار للصدوق ص 78 باب 136 وناسخ التواريخ ج3 ص 70 من احواله (عليه السلام ) ط ايران.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 173
وتعاطي ما يضحك الناس ، واللغو ، والمزاح ، وذكرعيوب الناس ، ومجالسة أهل الشرب .
والذنوب التي تنزل البلاء : ترك اغاثة الملهوف ، وترك معاونة المظلوم ، وتضييع الامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر.
والذنوب التي تديل الأعذار : المجاهرة بالظلم ، واعلان الفجور واباحة المحظور ، وعصيان الاخيار ، والانقياد إلى الأشرار.
والذنوب التي تقطع الرجاء : اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والثقة بغير الله تعالى ، والتكذيب بوعد الله .
والذنوب التي تظلم الهواء : السحر والكهانة ، والايمان بالنجوم والتكذيب بالقدر، وعقوق الوالدين .
والذنوب التي تشكف الغطاء : الاستدانة بغير نية الأداء ، والاسراف في النفقة ، والبخل على الأهل والأولاد وذوي الأرحام ، وسوء الخلق ، وقلة الصبر ، واستعمال الزجرٍ والكسل ، والاستهانة بأهل الدين .
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 174
والذنوب التي ترد الدعاء : سوء النية ، وخبث السريرة ، والنفاق مع الاخوان ، وترك التصديق بالاجابة ، وتأخير الصلاة المفروضة حتى تذهب أوقاتها ، وترك التقرب الى ا لله عز وجل بالبر ، والصدقة واستعمال البذاء والفحش في القول.
والذنوب التي تحبس غيث السماء : جور الحكام في القضاء ، وشهادة الزور ، وكتمان الشهادة ، ومنع الزكوة والقرض ، والماعون وقساوة القلوب على أهل الفقر والفاقة ، وظلم اليتيم ، والارملة ، وأنتهار السائل ، ورده بالليل.
6 ـ وقال عليه السلام : الصبر والرضا عن الله رأس كل طاعة ، ومن صبر ورضى عن الله فيما قضى عليه فيما أحب أو كره ، لم يقض الله عز وجل فيما أحب أو كره إلا ما هو خير له.
7 ـ وقال عليه السلام : فقد الأحبة غربة.
8 ـ وقال عليه السلام : من قنع بما قسم الله له ، فهو من أغنى الناس .
(6) البحار ج17.
(7) حلية الاولياء ج3 ص 134 لابي نعيم وصفوة الصفوة ج2 ص 53.
( البحار ج17 ص 159 وحلية الاولياء ج3 ص 135.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 175
9 ـ وقال عليه السلام : أعظم الناس قدراً ، من لم يبال الدنيا في يد من كانت.
10 ـ وقال عليه السلام : رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس ومن لم يرج الناس في شيء ، زاد أيدي الناس ومن لم يرج الناس في شيء ، زاد أمره إلى الله عز وجل في جميع أموره استجاب الله عز وجل له في كل شيء.
11 ـ وقال عليه السلام : ان أفضل الاجتهاد عفة البطن والفرج .
12 ـ وقال عليه السلام : لا تمتع من ترك القبيح وان كنت قد عرفت به ، ولا تزهد في مراجعة الجهل وان كنت قد شهرت بخلافه ، واياك والرضا بالذنب ، فانه أعظم من ركوبه ، والشرف في التواضع ، والغني في القناعة .
13 ـ وقال عليه السلام : يا ابن آدم لا تزال بخير ما دام لك واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسبة من همك ، وما كان الخوف
(9) ارشاد القلوب ج1 ص 18 ط ايران للديلمي .
(10) اصول الكافي ص 448.
(11) مشكاة الانوار ص 333 لابي الفضل الطبرسي.
(12) البحار ج17 للمجلسي.
(13) مشكاة الانوار ص 222 ط نجف.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 176
لك شعاراً ، والحزن دثاراً ، يا بن آدم انك ميت ومبعوث بين يدي الله عز وجل ، ومسؤول فاعد له جواباً .
14 ـ وقال عليه السلام : يغفر الله للمؤمنين كل ذنب ، ويطهر منه في الآخرة ما خلا ذنبين التقية ، وتضييع حقوق الاخوان .
15 ـ وقال عليه السلام : هلك من ليس له حكيم يرشده ، وذل من ليس له سفيه يعضده.
16 ـ وقال عليه السلام : خير مفاتيح الامور الصدق ، وخير خواتيمها الوفاء .
17 ـ وقال عليه السلام : من سعادة المرء أن يكون متجره في بلده ، ويكون خلطاؤه صالحين ويكون لهم ولد يستعين به ، ومن شقاء المرء ان تكون عنده المرأة يعجب بها وهي تخونه في نفسها .
18 ـ وقال عليه السلام : من عمل بما افترض الله فهو من خير
(14) جامع الاخبار لمحمد بن محمد الشعيري.
(15) كشف الغمة للأربلي .
(16) منتهى الآمال ج 2 للقمي ط طهران.
(17) مشكوة الانوار لابي الفضل الطبرسي.
(18) الامالي للصدوق .
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 177
الناس ، ومن اجتنب عما حرم الله عليه فهو من أعبد الناس ، ومن أورع الناس ، ومن قنع بما قسم الله له فهو من أغنى الناس.
19 ـ وقال عليه السلام : ما من خطوة أحب الى الله من خطوتين : خطوة يشد بها صفاً في سبيل الله ، وخطوة إلى ذي رحم قاطعة ، وما من جرعة أحب الى الله من جرعتين : جرعة غيظ ردها مؤمن بحلمه ، أو جرعة مصيبة ردها مؤمن بصبر ، وما من قطرة أحب إلى الله من قطرتين : قطرة في سبيل الله ، أو قطرة دمعة في سواد الليل لا يريد عبداً إلا الله عز وجل ، ثم ذكر ما هو أرفع من السماء بتمامه.
20 ـ وقال عليه السلام : لولده : أتقوا الكذب الصغير منه والكبير ، في كل جد وهزل فان الرجل اذا كذب بالصغير اجترء على الكبير ، أما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا يزال العبد يصدق حتى يكتبه الله عزوجل صادقا ، ولا يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كاذباً .
(19) كتاب الغايات لابن الرازي ط في طهران اخيراً .
(20) ارشاد القلوب ج1 ص 112 ط ايران للديلمي.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 178
21 ـ وقال عليه السلام ان من أخلاق المؤمن الانفاق على قدر الافتار ، والتوسع على قدر التوسع ، وأنصاف الناس من نفسه ، وابتداؤه اياهم بالسلام .
22 ـ وقال عليه السلام : ثلاث منجيات للمرء : كف لسانه على الناس أغتيابهم ، واشغال نفسه لآخرته ودنياه ، وطول البكاء على خطيئته .
23 ـ وقال عليه السلام : نظر المؤمن في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة له عبادة .
24 ـ وقال عليه السلام : ثلاث من كن فيه كان في كنف الله (*) واظله الله يوم القيامة في ظل عرشه ، وامنه فزع اليوم الأكبر من اعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم لنفسه ، ورجل لم يقدم
(21) البحار ج 17 ص 154 .
(22) البحار ج 17 .
(23) البحار ج 17.
(24) البحار ج 17 .
(*) الكنف بالتحريل الجانبة والناصبة والا كتاب الجوانب والنواحي ومنه الخبر فاضلكم اخاسئكم اخلاقا الموطؤن الا كنافا وفي الدعاء اللهم اجعلني في كنفك اي في حرزك (مجمع البحرين للطريحي).
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 179
يداً ولا رجلا حتى تعلم انه في طاعة الله قدمها أو في معصية الله ، ورجل لم يعب أخاه بعيب حتى يترك ذلك العيب من نفسه ، وكفى بالمرء شغلا لنفسه عن عيوب الناس.
25 ـ وقال عليه السلام : لا حسب لقرشي ولا عربي الا بالتواضع ولا كرم الا بالتقوى ، ولا عمل إلا بالنية ، ولا عبادة إلا بالتفقه ، ألا وان أبغض الناس إلى الله عز وجل من يقتدي بسنة امام ولا يقتدي باعماله .
26 ـ وقال عليه السلام : لا يهلك المؤمن بين ثلاث خصال : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وشفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وسعة رحمة الله.
27 ـ وقال عليه السلام : شهادة أن لا إله إلا الله هي الفطرة ، وصلاة الفريضة هي الملة ، والطاعة لله هي العصمة.
28 ـ وقال عليه السلام : لولده الباقر عليه السلام : كف الأذى ،
(25) البحار ج17.
(26) البحار ج17.
(27) نزهة الناظر ص 32 للحلواني.
(28) البحار ج17 ص 60.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 180
ورفض البذي (*) ، واستعن على الكلام بالسكوت ، فان للقول حالات تضر فاحذر الأحمق .
29 ـ وقال عليه السلام : كل عين ساهرة يوم القيامة إلا ثلاث عيون ، عين سهرت في سبيل الله ، وعين غضت عن محارم الله ، وعين فاضت من خشية الله.
30 ـ وقال عليه السلام : الكريم يبتهج بفضله ، واللئيم يفتخر بملكه.
31 ـ وقال عليه السلام : لكل شيء فاكهة ، وفاكهة السمع الكلام الحسن.
32 ـ وقال عليه السلام : من عتب على الزمان ، طالت معتبته.
(*) في الحديث ان الله حرم الجنة على كل فحاش بذي البذي على السفيه من قولهم بذا على القوم يبذو بذا بالفتح والمد سفه عليهم وافحش في منطقه وان كان صادقا فيه ولعلهما في الحديث واحد مفسر بالاخر كما في ( مجمع البحرين ).
(29) البحار ج17 للمجلسي.
(30) البحار ج17.
(31) البحار ج17.
(32) البحار ج17.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 181
33 ـ وقال عليه السلام: خف الله تعالى لقدرته عليك ، واستحي منه لقربه منك ، ولا تعادين أحدا وأن ظنت انه يضرك ، ولا تزهدن في صداقة أحد وأن ظننت انه لا ينفعك ، فانك لا تدري متى ترجو صديقك ، ولا تدرى متى تخاف عدوك ، ولا يعتذر اليك أحد الا قبلت عذره ، وان علمت انه كاذب ، وليقل عيب الناس على لسانك .
34 ـ وقال عليه السلام : سادة الناس في الدنيا الأسخياء ، وسادة الناس في الاخرة الأتقياء.
35ـ وقال عليه السلام : من زوج لله ، ووصل الرحم ، توجه الله بتاج يوم القيامة .
36ـ وقال عليه السلام : أشد ساعات بني آدم ثلاث ساعات : الساعة التي يعاين فيها ملك الموت ، والساعة التي يقوم فيها من
(33) البحار ج 17.
(34) مشكاة الانوار للطبرسي ص 210.
(35) مشكاة الانوار ص 210 ط نجف.
(36) الخصال لآبن بابويه الصدوق ج1 ص159 ط ايران والغايات لابن الرازي ص 96 ط طهران وتفسير البرهان للسيد البحراني ج2 ص 752 ط طهران.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 182
قبره ، والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالى ، فاما الى الجنة ، واما الى النار (ثم قال) : ان نجوت يا ابن آدم فانت أنت ، والا هلكت ، فان نجوت حين يحمل الناس على الصراط فانت أنت ، وال هلكت ، وان نجوت حين يقوم الناس لرب العالمين فانت أنت ، والا هلكت ، ثم قال : « ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون »قال هو القبر وان لهم لمعيشة ضنكا ، والله ان القبر لروضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ( ثم أقبل على رجل من جلسائه ) فقال له : لقد علم ساكن السماء من ساكن النار ، فاي الرجلين أنت ، وأي الدارين دارك.
( وجاء اليه رجل وقال : انا رجل عاص ولا أصبر على المعصية فعظني بموعظة).
37ـ فقال عليه السلام : أفعل خمسة أشياء واذنب ما شئت ، فالأول : لا تأكل رزق الله واذنب ما شئت ، والثاني : أخرج من ولاية الله وأذنب ما شئت ، والثالث : أطلب موضعا لا يراك الله وأذنب ما شئت ، والرابع : اذا جاء ملك الموت لقبض روحك فادفعه عن نفسك وأذنب ما شئت ، والخامس :
(37) جامع الاخبار لمحمد بن محمد الشعيري .
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 183
اذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل في النار واذنب ما شئت.
أقول : من خصائص لغة العرب وسننه : هي فعل ظاهره أمر ، وباطنه زجر مثل : اذا لم تستح فافعل وفي الحديث : اذا لم تستح فافعل ما شئت وفي القرآن افعلوا ما شئتم . وأيضا فيه : ومن شاء منكم فليكفر. وكذلك قول الامام عليه السلام افعل خمس أشياء الخ . . . (*).
(وقال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام أوصاني أبي ) .
38ـ فقال عليه السلام : يا بني لا تصحبن خمسة ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق ، فقلت : جعلت فداك يا أبة من هؤلاء الخمسة ؟ قال : لا تصحبن فاسقاً ، فانه يبيعك باكلة فما دونها ، فقلت : وما دونها ؟ قال : يطمع فيها ثم لا ينالها ، قلت : يا أبه ومن الثاني ؟ قال : لا تصحبن بخيلا فانه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت اليه ، قلت : ومن الثالث ؟ قال : لا
(*) راجع فقه اللغة للثعالبي تجد كثيراً من الأمثلة.
(38) الفصول المهمة لابن الصباغ ص 77 والاتحاف ص 50 للشبزواري ط مصر ومطالب السؤال لابن طلحة . وحلية الاولياء ج3 ص 184 ط مصر لابن نعيم وصفوة الصفوة ج2 ص 57.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 184
تصحبن كاذباً ، فانه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ، ويقرب منك البعيد ، قال قلت : ومن الرابع ؟ قال : لا تصحبن أحمقاً ، فانه يريد أن ينفعك فيضرك ، قال قلت : ومن الخامس ؟ قال: لا تصحبن قاطع رحم ، فاني وجدته معلوناً في كتاب الله في ثلاثة مواضع.
أقول : والمواضع الثلاثة هذه :
1 ـ في سورة محمد اية 22: « فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الأرض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فاصمهم واعمى أبصارهم » .2 ـ في سورة الرعد 35 : « الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ويقطعون ما أمر الله به ان يوصل ويفسدون في الأرض ، اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار » . 3 ـ في سورة البقرة : « الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ويقطعون ما أمر الله ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون » .
(وجاء رجل الى علي بن الحسين يشكو اليه حاجة) :
39ـ فقال عليه السلام : مسكين ابن آدم ، له في كل يوم ثلاث مصائب ، لا يعتبر بواحدة منهن ، ولو اعتبر لهانت عليه
(39) البحار ج17 ص 160 نقلا عن الاختصاص للمفيد طبع اخيراً .
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 185
المصائب وأمر الدنيا ، فاما المصيبة الأولى فاليوم الذي ينقص من عمره ، قال وان ناله نقصان في ماله اغتم به ، والدرهم يخلف ، والعمر لا يرده(*) ، والثانية انه يستوفى رزقه ، فان كان حلالا حوسب به وان كان حراماً عوقب عليه قال والثالثة اعظم من ذلك (قيل وما هي) قال : ما من يوم يمسى وقد دنى من الآخرة مرحلة لا يدري على الجنة أم على النار.
40ـ وقال عليه السلام : أكبر ما يكون ابن آدم ، اليوم الذي يلد من أمه ( قالت الحكماء : ما سبقه إلى هذا أحد).
41ـ وقال عليه السلام : الرضا بمكروه القضا أرفع درجات اليقين .
42ـ وقال عليه السلام : من كرمت نفسه هانت عليه الدنيا .
(*) وقد اخذ من هذه الجملة ابو بكر بن عياش الخياط الاسدي من علمان الحديث في القرن الثاني حيث قال : مسكين محب الدنيا يسقط منه درهم فيظل نهاره يقول : انا لله وانا اليه راجعون وينقض عمره ودينه ولا يحزن عليهما . انظر هدية الاحباب للقمي .
(40) البحار ج17 ص 16.
(41) نفس المصدر والجلد والصفحة .
(42) نفس المصدر.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 186
43ـ وقال عليه السلام : لا يقل عمل مع تقوى ، وكيف يقل مع ما يتقبل .
(وقيل له من أعظم الناس خطراً).
44ـ وقال عليه السلام : من لم ير للدنيا خطراً لنفسه .
45ـ وقال عليه السلام : كفى بنصر الله لك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله فيك.
46ـ وقال عليه السلام : الخير كله صيانة الانسان نفسه.
47ـ وقال عليه السلام : طلب الحوائج في الناس مذلة الحياة. ومذهبة للحياء ، واستخفاف بالوقار ، وهو الفقر الحاضر ، وقلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر .
48ـ وقال عليه السلام : اجابة دعاء المؤمن ثلاث : اما أن يدخر له ، واما أن يعجل له ، وأما ان يدفع له بلاء يريد .
(43) نفس المصدر ج 17 ص 153.
(44) نفس المصدر.
(45) بحار الانوار ج 17 ص 154.
(46) نفس المصدر.
(47) نفس المصدر .
(48) نفس المصدر.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 187
أن يصيبه.
49ـ وقال عليه السلام : خمس لو دخلتم فيهن لأبعتموهن وما قدرتم على مثلهن : لا يخاف عبد إلا ذنبه ، ولا يرجو إلا ربه ، ولا يستحي الجاهل اإذا سئل عما لا يعلم أن يتعلم ، والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا ايمان لمن لا صبر له .
50ـ وقال عليه السلام : كم من مفتون بحسن القول فيه ، وكم من مغرور بحسن الستر عليه وكم من مستدرج (*) بالاحسان اليه .
وعن هشام بن سالم عن ابي عبدالله عليه السلام قال كان علي بن الحسين عليهما السلام ..
(49) نفس المصدر.
(50) نفس المصدر .
(*) استدراج الله العبد كلما جدد خطيئة جدد سبحانه له نعمة وانساه الاستغفار قاله في القاموس وذكر الالوسي في روح المعاني ج9 ص 129 عند قوله تعالى : «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون » معناه فتح النعيم عليهم فيانسون بلذات الدنيا وما اعطوا فيها فينسون الموت ويتمادون في الطغيان فياخذهم سبحانه على حين غفلة وغرة . وفي اصول الكافي في باب الاستدراج وحديث في هذا المعنى المجلسي.
بلاغة الامام علي بن الحسين(ع) 188
51ـ يقول : ويل لمن غلبت أحاده أعشاره ، فقلت له وكيف هذا فقال : أما سمعت الله عز وجل يقول : «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا بمثلها » فالحسنة الواحدة إذا عملها كتبت له عشرة ، والسيئة الواحدة كتبت له واحدة.
وفي رواية أخرى (*) قال عليه ياسوأتاه لمن غلبت احاده عشراته فان السيئة بواحدة والحسنة بعشرة .
52ـ وقال عليه السلام : أربع عزهن ذل : البنت ولو مريم والدين ولو درهم ، والغربة ولو ليلة ، والسؤال ولو كيف الطريق.
53ـ وقال عليه السلام : ان المعرفة بكمال دين المسلم . تركه فيما لا يعنيه ، وقلة مرائه وحلمه وصبره ، وحسن خلقه.
(51) مشكلات العلوم ص 25 ط ايران للنراقي.
(*) البحار ج17 قال المجلسي : يريد ان السيئة بواحدة والحسنة بعشرة.
(52) نور الابصار ص 143 ط مصر للشبلنجي والكافي ص 495 والبحار ج17 ص 153.
(53) البحار ج17 ص 153.